صفحة الكاتب : وليد المشرفاوي

الإمام الخميني(قدس)..صنع الوعي والتحدي لدى الأمة
وليد المشرفاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لاشك إن حياة العظماء والعلماء والصالحين تزخر بكثير من المواقف العظيمة والكبيرة التي امتازوا بها عن غيرهم , من هنا كانت شخصية الإمام الخميني (قدس) حالة فريدة في العلماء وكذلك باقي القيادات الإسلامية , فلم يشهد تأريخنا الإسلامي شخصية مثله امتلكت الشجاعة والإصرار والتحدي على الرغم من كل المصاعب من اجل إقامة حكم عادل ,بكل ما يحمله من صفات حسنة في الأرض , حيث كان كالبدر المنير الذي يضئ من حوله ,فنجد إن حتى أعداءه يعترفون بزهده وتقواه وعدله , وإعراضه عن الدنيا ومادياتها .
عانى الإمام الخميني (قدس) من الخط التقليدي في المجتمعات الإسلامية منذ بداية تحركه إبان عهد الشاه , وتعرض لضغوط عدة حاولت عزله عن جماهيره , وخلق حاجزا بينه وبينها ,لكنه مضى في طريقه بثبات , لأنه يؤمن تمام الإيمان بالأمانة الكبيرة التي يحملها , وانه صاحب رسالة إصلاحية ,لابد أن يؤديها مهما بلغ حجم التحديات ,وبالفعل شق الإمام الخميني (قدس)  طريقه وسط  الأشواك والصعاب , ولم تشغله أي قضية جانبية عن قضيته الكبرى , مع إن هناك محاولات كثيرة كانت تحاك ضده لجره إلى نزاعات جانبية على أمل أن تعرقل انطلاقته الإصلاحية ,وتستوعب طاقاته بشؤون غير ذات أهمية ,  لكنه وبنظرته ذات الأفق البعيد التي تميز بها في كل المواقف أحبط كل تلك المحاولات بحكمة وحنكة ,وواصل مسيرته ومن ورائه كل من أحبه حتى انتقاله  إلى الرفيق الأعلى , وبعد الانتصار الخالد الذي حققه في البلدان الإسلامية عموما وإيران خصوصا .بذلت قوى الجهل والظلام جهودا خيالية لإسقاط الصحوة الإسلامية التي كانت ترعى من قبله (قدس) ,لكن هذه الجهود كانت تتحطم على صخرة التلاحم الأسطوري بين الأمة المجاهدة وبين قيادتها الواعية ,حيث لجأت هذه القوى بعد أن واجهت فشل ذريع على مختلف الأصعدة إلى محاولة استيعاب الحركة الإسلامية من الداخل عن طريق العناصر المشبوهة والمتواطئة مع دوائر الاستكبار العالمي , لكن وعي الإمام (قدس) ووعي النخبة من تلامذته أحبط كل تلك المحاولات ,حيث لفظت الثورة العناصر الدخيلة من بينها , واستطاعت أن تميز الخط الأصيل عن غيره , وهو أمر ما كان ليتم لولا المستوى العالي من الإدراك والفهم لمجريات الأحداث .
إن انتصار الإمام الخميني (قدس) بثورته الإصلاحية خلق مرحلة جديدة من الوعي الإسلامي ,فقد صنع (قدس) تيارا ثوريا واعيا يواجه القوى الاستكبارية ,ويجاهد من اجل إقامة حكم الله في الأرض,وهو حلم كاد أن يموت في النفوس بعد الاحباطات المتكررة التي تعرضت لها الأمة الإسلامية .
فقد استطاع الإمام (قدس)ان يستوعب الأمة بمختلف طبقاتها لأنه امن بأنها القادرة على صنع مصيرها الذي تريده ,إذا توفرت لها القيادة التي تبعث فيها روح الثورة والعطاء , وتعيد ثقتها إلى نفسها , ولأنه اخلص لها كل الإخلاص ,  فكانت الآلام كل فرد منها آلامه وهمومه , لم يعش الإمام الخميني (قدس)  يوما واحدا بعيدا عن أمته , كان معهم دائما يحملهم في قلبه هما وأملا ,لقد تعرفت الأمة على الإمام (قدس) عن قرب فليس هناك أي حاجز بينهما , لم تبعده المسافات الجغرافية عنها لأنها في قلبه ولأنه في قلبها , هذه العلاقة الرائعة بين الإمام والجماهير جعلته لا يجد أي مشكلة في طريقه الطويل مهما كانت الصعاب والتحديات ,كما جعلت جماهيره لا تجد صعوبة في السير ورائه لأنها أدركت جيدا انه يسير بها الى حيث يريد الإسلام .
لقد اختط (قدس) هذا النهج في حياته مع الأمة منذ البداية , فلحقت به الجماهير بثقة وإخلاص في كل المواقع الإسلامية التي آمنت بنهج أهل البيت (عليهم السلام) في طريق تحكيم الإسلام في الحياة .
لقد صنع الوعي والتحدي والوضوح  لذلك لم يأبه بما يتقوله المتقولون , ولم تأبه قواعده الصابرة بكل الإساءات والحملات المغرضة ,لان الوعي كان اكبر من أن تنهيه همسات القاعدين ,لقد استطاع (قدس) أن يرسم صورة القائد الذي تحتاج إليه الأمة في مرحلتها التي تخوض فيها اخطر التحديات من قبل أعداء الإسلام وهي صورة لم تكن موجودة في الفترة التي ابتدأها العلماء الذين عاصروه , فكانت بعض الأوساط تمارس حملاتها التضليلية في الخفاء خوفا من غضبة الجمهور الواعي , ولأنها لا يحلو لها الصيد إلا في الماء العكر ,  وتركهم الإمام (قدس) يتهامسون ويضللون في الأقبية المظلمة , فيما كان (قدس) يزمجر بوجه قوى الكفر والضلال , ويتحدى القوى المعادية للإسلام تحت ضوء الشمس.
إن الإمام الخميني (قدس) حقق الإصلاح في العالم الإسلامي ,وفرض فكرته الإصلاحية على الواقع , دون ان يأبه بردود الفعل المضادة , تلك هي القيمة الحقيقية للمشروع الإصلاحي , وتلك هي الصفة الأساسية للمصلح , فليس هناك مايضعف العزم عنده ما دامت الرؤية واضحة ,وهذا ما جعل الأمة تلتف حوله ,لأنها وجدت فيه القائد الواثق من نفسه وبمشروعه وأمته , فمنحته كل الثقة والولاء .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد المشرفاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/01



كتابة تعليق لموضوع : الإمام الخميني(قدس)..صنع الوعي والتحدي لدى الأمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net