صفحة الكاتب : فالح حسون الدراجي

ارفع راسك أنت (حديثي)!!
فالح حسون الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كتبتُ قبل اثنتي عشرة سنة أنشودة (ارفع راسك أنت عراقي)، التي لحنها الفنان الكبير محسن فرحان، وأداها بصوته الجميل الفنان حسن بريسم، وقد حققت هذه الأنشودة وقتها نجاحاً طيباً، بحيث تحولت الى أهزوجة شعبية ترددها الناس في كل مكان، ما دفع الكثير من الأخوة الفنانين الى أن ينسجوا على منوالها عدداً من الأناشيد التي تبدأ بعبارة: (ارفع راسك أنت عراقي).. بل أن هذه العبارة تم تداولها في البلدان العربية ايضاً، لكن بعد تبديل صفة الـ (عراقي) الى لبناني وسوري ومصري وسعودي وغير ذلك. وكي أربط هذا بذاك أردت القول أن الذي دفعني لكتابة تلك الأنشودة في أول سنة من سقوط النظام الدكتاتوري، أن بعض الأصوات العربية الكريهة في قناة الجزيرة ومثيلاتها من القنوات الحاقدة على العراق، كانت تسعى جاهدة لغمط حق الشعب العراقي، وتهميش نضالاته الوطنية، وشطب تضحياته ومآثره التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك انتفاضاته الشعبية التي أضعفت مرتكزات صدام العسكرية والأمنية والاقتصادية، بمعنى أن للشعب العراقي دوراً كبيراً ومهماً في صناعة النصر المتحقق في التاسع من نيسان عام 2003 لكن الإعلام العربي الحاقد يرى بعين واحدة.. يعني (أعور) باللهجة العامية.. لقد لاحظت على سبيل المثال، أن أغلب المحللين السياسيين، والمتخصصين العرب من الذين استضافتهم قناة الجزيرة وقتها سواء في برنامج (الإخوانچي) أحمد منصور، أم في برنامج المسخ فيصل القاسم! كانوا يحاولون التأكيد -بقصدية طبعاً -على دور الجانب الأمريكي في اسقاط نظام صدام دون المرور على تضحيات العراقيين، أو الإشارة الى دمائهم الزكية، التي بذلت من أجل الحرية، وهو أمر كانت تقصده قناة الجزيرة، وتفرضه على هؤلاء (المحللين السياسيين) فتدفع لهم مقابل ذلك مكافآت كبيرة. من هذا المنطلق فقط كتبت أنشودة (ارفع راسك انت عراقي) قبل اثنتي عشرة سنة، فكانت وقتها بمثابة الشحنة الوجدانية التي أسهمت في إحياء الثقة والفخر لدى المواطن العراقي المحبط من ضغوط الإعلام العربي، فجاءت هذه الصرخة، لتذكره بما أنجزه أهله العراقيون، على طريق الخلاص من الدكتاتورية، وليس ما أنجزه غيرهم فقط .. واليوم وأنا أرى حديثة، المدينة التي تقع في محافظة الأنبار، غرب العراق، الممتدة على ضفاف الفرات والمتصلة بمحافظة صلاح الدين (عن طريق بيجي)، وذات الأهمية الاستراتيجية، بطرقها البرية الموصلة لسوريا والأردن والسعودية. والمترعة بالعلم والأدب، والمكتملة بنعَم الماء والكهرباء والشجاعة الفائقة، هذه المدينة التي أسقطت جبروت داعش، وهزت غرور قياداته من الأعماق، فشطبت اسمها من سجلات داعش بعد أن صمدت -لوحدها دون شقيقاتها- واثبتت للعالم، أن بإمكان (مائة الف) مواطن فقط، الصمود لأكثر من سنة بوجه أشرس القوى الإرهابية وأكثرها دموية في التاريخ، بل وأن تطيح بهذه القوة الفتاكة، وتفشل مشروعها التوسعي، بعد أن سقطت وانهارت قبلها مدن هي (أكبر عدَّة وعدداً من حديثة)، بل أن بعض تلك المدن لم تصمد أمام داعش خمس دقائق، فسلمت مفاتيحها لقيادات داعش على طبق من ذل وخنوع، دون أن يخجل أحد من مسؤولي هذه المدن.. أقول أن (حديثة) بصمودها الاسطوري، أكدت أن صمود مدينة (ستالينغراد) التاريخي الإعجازي، أمام الجيش النازي الألماني قبل أكثر من سبعين عاماً لم يكن يتيماً، ولن يظل يتيماً، مادامت هناك مدن شجاعة، وشعوب حيَّة. فالمدن العظيمة كما معروف لن تسقط، وإن سقطت-مؤقتاً- فإن سقوطها يكون مرعباً للجميع.

ملخص الكلام: أن داعش الذي أسقط للأسف هيبة مدننا أمام العالم في حزيران 2014 وجدنا من يذله، ويخزيه، ويهزمه، من بين أهلنا، وليس من قبل غيرهم، فهاهي مدينة حديثة العراقية الصغيرة تصمد صموداً هائلاً وتنتصر بمفردها، لكننا لم نر الإعلام الوطني، ولا الفن العراقي، ولا كتاب التاريخ، يسجلون لحظات هذا الفخر الوطني، ويدونون صمود مدينة حديثة الباسلة.. فهل من شاعر غنائي عراقي يقف، وهو يحمل بيده نصاً غنائياً ليقول بأعلى صوته: ارفع راسك أنت (حديثي)؟!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح حسون الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/18



كتابة تعليق لموضوع : ارفع راسك أنت (حديثي)!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net