صفحة الكاتب : نجاح بيعي

قـُبْـلة ُ إبْـلِـيس .. بِـمُـتَـنَـزّهِ ِ الـزَوْرَاء !؟.
نجاح بيعي

على حين غرّة , انقسم الناس بين مؤيد ورافض , على فعل سلوكي عدّه الفريق الأول المؤيد له , أنها ظاهرة حضارية ينبغي أن تعم الشارع العراقي , وإنها أحدى بوادر رسل السلام والمحبة , والتعايش السلمي , وإنها من الخطوات الجادة , نحو التحرر من قيود التطرف , وادّعاء التدين . والى مدنية المجتمع , الذي يواكب الحضارة التي تضمن حرية الفرد , بتبني المعتقد والدين والفكر, المكفول دستوريا.
بينما عدّه الفريق الثاني الرافض , أنه فِعل ٌمَرَضيّ , وظاهرة لا تمت إلى الحضارة بشئ , وأنه سلوك يخدش الحياء , وينافي تعاليم الإسلام , لمجتمع غالبيته من المسلمين , وتغلب عليه العادات والسلوكيات المحافظة. موعزا ً هذا الفعل المنحرف , إلى إفرازات موجة الثقافة الغربية , التي غزت العالم بما في ذلك العراق اليوم , نتيجة انفتاح العراقيين على الفضائيات ومواقع الأنترنت , ومواقع التواصل الإجتماعي المتعددة . ويعتقد أن من يؤيد هذا السلوك هم شرذمة قليلة تدّعي الثقافة والتقدم , وهم بالحقيقة , أناس شذّاذ لعبت بهم الأهواء والأفكار المنحرفة , يعانون من أمراض مستعصية , نفسية وتربوية , نتيجة تفكك الأواصر الأسرية والإجتماعية لديهم .
ــ والحادثة ببساطة , هي صورة تناولتها صفحات الفيس بوك , بشكل واسع تُـظِهر : (( شابّاًّ وشابّة , يقبلان بعضهما البعض , في أحد الممرات , داخل حدائق الزوراء الشهيرة , في العاصمة العراقية بغداد )) .
بدءا ً .. وقبل أن نكون مع هذا الفعل أصلا ً أو ضده , أو نصطف مع هذا الفريق الذي يتبنّى التفسير الفلسفي, الذي يذهب الى أن حرية الفرد تنحصر في تحقيق أفعاله , دون الخضوع لشرط أو قيد معين . ويفعل ما يشاء , دونما واعز خوف من الله , أو أيّ رقيب أو حسيب آخر.
أو نصطف مع الفريق المعارض , الذي يذهب إلى أن الحرية الحقة , ما هي إلا ّ تجلّي المعاني الإنسانية النبيلة في الفرد . و أن يعلو بنفسه ويتنزّه عن سفاسِف الأفعال . والدعوة لأن يكون سيد نفسه , لا عبدا لشهوته , فمتى ما كان كذلك , كان حرا .
نستعرض ما جاء من آراء وردود , لأربع جهات كبرى حاكمة , ونلقي الضوء عليها بما له علاقة بموضوعنا , حتى نخرج بنتيجة يقرّها العقل قبل كل شيء , ونسلم لها ونذعن بعيدا عن المهاترات . وهذه الجهات أو المحاور الأربع هي : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . والدستور العراقي . وقانون العقوبات العراقي . والمرجعية الدينية العليا.
1ــ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : أقرّ الإعلان في المادة ( 29 ) البند (1) واجبات واقعة على عاتق الفرد تجاه المجتمع (على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً ).
وانطلاقا من هذا البند , نجد البند رقم ( 2 ) يقرّ القيود التي يقررها القانون , ويُخْضِعْ لها الفرد لضمان حريات وحقوق الآخرين ( يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته , لتلك القيود التي يقررها القانون فقط،, لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته , واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام , والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ).
2ــ الدستور العراقي :
ورد في دستور جمهورية العراق لسنة ( 2005 ) المادة رقم ( 2 ) فقرة ( أولاً ) بأن الإسلام هو دين الدولة الرسمي . وهذا يعني أن غالبية الشعب العراقي , يدينون بالدين الإسلامي , بل يعتبر مصدر رئيسي لتشريع القوانين الحافظة للنظام العام .( الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع ..) . ونراه يقرّ ويثبت في الفقرة ( ثانيا ً ) الضمانة الدستورية لتك الهوية الإسلامية ( يتضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي.. ) .

3ــ قانون العقوبات رقم ( 111) لسنة 1969: جاءت المادة رقم ( 400 ) في الفصل الثالث , وتحت عنوان ( الفعل الفاضح المخل بالحياء ) عقوبة من يجرؤ على فعل مخل بالحياء ( ذكرا أم أنثى ) بالرضا أو عدم الرضا , بالحبس والغرامة . ( من ارتكب مع شخص، ذكرا أو أنثى، فعلا مخلا بالحياء بغير رضاه أو رضاها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ) .
بينما تعاقب المادة رقم ( 401 ) بالحبس والغرامة , من أتى بالفعل المخل بالحياء علانية . ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين من أتى علانية عملا مخلا بالحياء ) .

4ــ المرجعية الدينية العليا : هل رصدت المرجعية الفعل الزورائي المذكور؟؟.
نعم رصدت المرجعية هذا ( الفعل الوزرائي ) بطرقها الخاصة , لأنها حاضرة , تسمع وترى . وعدّته فعلا ً ( منكرا ً) , وسلوكا خطيرا يهدد الأسرة والمجتمع . وحثّت الجميع إلى تحمل المسؤولية , لردع مثل تلك الظواهر الخطيرة , واعتبرته واجبا عليهم , لتحصين النفس ووقايتها . لأنه به الحصانة التي تقي الفرد من الرذيلة , التي بها سقوط الفرد ومن ثم المجتمع .
جاء ذلك في خطاب المرجعية الأخير , عبر منبر صلاة الجمعة ليوم 29 / 1 / 2016 , الخطبة الأولى ( أيها الإخوة والأخوات , هذا المنكر الذي ارتكب ــ علناً ــ في منطقة ما , ربما في المستقبل سيدخل بيتي , وينتقل إلى أولادي والى أسرتي ) . ودعى المجتمع إلى العمل , بما جاء به الحديث الشريف عن النبي ( ص وآله) : " والذي نفسي بيده لتأمُرُنّ بالمعروف , ولتنهُنّ عن المنكر , أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يُستجاب ) .
ــ ومما تقدم نخلص الى النتيجة التالية :
ما حدث في متنزه الوزراء , هو فعل فاضح , وخادش للحياء , تكمن خطورته فيما لو ترك بدون رادع , يكون مدعاة لأن يتسع لأفعال مخلة أخرى أكبر . لا يُقرّه المجتمع الدولي كما أسلفنا, ويُخْضِعهُ للقانون المحلي . ولا يجيزه الدستور العراقي , ويعاقب عليه القانون , وحذّرت منه المرجعية الدينية العليا . وما هياج الفريق المؤيد للفعل المشين إلا ّ كما قال الشاعر..

" و صـنْـوك الـثـّور يُـثَـار غَـيْـظـه بِـالأحْـمَر "

وهؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم , وهم ثلة منحرفة قليلة , قياسا ً لغالبية المجتمع العراقي المسلم . ومنافقون لا يرتضون ذاك الفعل على أنفسهم , لو جرى الأمر على بناتهم أو أخواتهم . وما ربطهم للفعل المذكور , ومظاهر القتل والتفجير والتهجير المستنكرة , التي تحصل بالشارع العراقي ,وعدم اعتراض المعترضين له , ما هو إلا نكوص وهروب من موقف مشرف لهم , وهو ديدنهم , وهم أحقر من أن يمثلوا تيارا فكريا , يهدف الى إشاعة الروح الديمقراطية , ومبادئ حقوق الإنسان في المجتمع , أو أن يقيموا مجتمعا مدنيا ً رصينا . وما هم إلا ّ :

" جُفاة طَغام ، وعبيد أقزام , جُمعوا من كلّ أوْبٍ ، وتُلُقِّطوا من كلّ شَوبٍ ، ممّن ينبغي أن يُفقَّه ويُؤدَّبَ ، ويُعلَّمَ ويُدرَّبَ ، ويُولَّى عليه ، ويُؤخَذَ على يديه ". ــ الامام علي (ع) .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/02



كتابة تعليق لموضوع : قـُبْـلة ُ إبْـلِـيس .. بِـمُـتَـنَـزّهِ ِ الـزَوْرَاء !؟.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net