صفحة الكاتب : عمار جبار الكعبي

المدافعون عن المذهب
عمار جبار الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدفاع عن المذهب والحديث عن مصلحته من الناحية الفكرية لا يعتبر تطرفاً ، بقدر ما يعبر عن الايمان بأرائه ، والاعتقاد الجازم بصحته نظراً لعمقه وجذوره وأدواته ، اضافة الى متبنياته المنسجمة مع العقل والمنطق المستمد من الاسلام ، فالتمسك به لم ينتج عن حبنا لآل الرسول ( ص ) بقدر تمسكنا به لأدلته وبراهينه 

التشيع مرادف الاعتدال ، ولم يكن التطرّف يوماً خياراً ، لا بنشر التشيع ولا بمشروعه السياسي على مستوى البلد الواحد او العالم اجمع ، والحديث عن نشر المذهب والدفاع عنه بقوة السلاح وكثرة الصراخ ، لن يخدم المذهب بقدر ما سيضره على المستوى الاستراتيجي ، فعسكرة الجماهير الشيعية ، والدخول بصراعات وحروب بالإمكان تفاديها سياسياً يتناقض تناقضاً صارخاً مع غاية المذهب واهدافه القائمة على نشره بالتي هي احسن ، اضافة الى تحشيد كل الطاقات والامكانيات وزجها في الحروب سيولد إرهاقًا للجماهير على المستوى البعيد واستنفاذ كل مواردنا ، والخسائر الكبيرة بالأرواح وخصوصاً الشابة ، التي يبنى عليها المذهب والوطن ، ونشر ثقافة قوة السلاح التي لطالما حاربها أئمتنا عليهم السلام بكل الوسائل ، اضافة الى تناقض هذه الدعوات مع رؤية المرجعية ( حاملة المشروع في عصر الغيبة ) وفتاواها الداعية الى السلام والتهدئة والتعايش السلمي مع المكونات الاخرى كتعايش الرسول مع يهود المدينة !

معيار الدفاع عن المذهب ليس الصراخ ، والادعاء بالولاية للدم ( ولي الدم ) ، وتكوين الجيوش ، وملئ العقول بثقافة القتل والتهجير والتطرف ، وقد يعتبر ما تقدم معياراً لدى عامة الجماهير والجاهلين بمصلحة المذهب ، لانهم يستخدمون عواطفهم اكثر من عقولهم ، ولكن لو نظرنا الى هذه الرؤية من الجانب الاخر لوجدناها هادمة للمذهب اكثر من بنائها له ، فتصعيد الخطاب والحديث بأسم المذهب ( تعسفاً ) يؤدي الى اثارة الاخر وتعصبه لمذهبه ، وستوحده كعدو وليس كصديق ، فوحدتهم تهمنا ولكن ليسوا كأعداء ، وقدمت خدمة لقياداته المتطرفة فشلوا بها لسنين طويلة ! ، وتساهم بصنع واظهار رموز ستنتهج الخطاب الطائفي ، وستلتف حولها الجماهير وان علموا بسواد تاريخهم ، لان معيارهم هو الصراخ بمظلومية مذهبهم وليس ما يقدموه فعلا ً ، فكما يقول الوردي ( الناس لا تثور عندما تظلم ، وانما تثور عندما تشعر بالظلم ! ) وهذه القيادات الشاذة ستنتهج خطاب المظلومية لانه اكثر الخطابات تأثيراً

وبعد ان أصبحنا معسكرين متعاديين ( رؤية المتطرفين من الجانبين ) اثيرت قضايا التقسيم والدويلات المتناحرة ، متناسياً ( متطرفنا ) ان عمق دولته المشئومة مهدد ، فعمق الدولة الشيعية هي الأضرحة والعتبات المقدسة ، وهي تعاني من عدم تمتعها بعمق استراتيجي حامي لها ، سواء في كربلاء والنجف لقربها من مناطق الصراع المفترضة ( النخيب ) ، اضافة الى سامراء مدينة العسكريين (ع) بنفس ما تقدم 

الاعتدال والهدوء هو اكثر ما يخدم التشيع ، لانه سيعطيه مساحة كبيرة لوضع مشروعه موضع التنفيذ ، وسيقيه مخاطر التقسيم التي سيحمل عبئها تاريخياً ان حدث ذلك ، والصراع سيضره سياسياً لانه سيخلق له معارضة شرسة تتحين الفرص للطعن به بين الحين والآخر ، والاهم من جميع ما تقدم هي فحوى مشروعه القائم على بناء الانسان ، فمن يريد البناء يحتاج الى اجواء هادئة ليكون بنائه جيداً وعقائدياً ، وفوضى الصراعات والحروب ستطغى على ثقافة البناء ، وسيكون السلاح منافساً للقلم والكتاب ، وسيكون موقف القلم ضعيفاً في الحروب .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار جبار الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/18



كتابة تعليق لموضوع : المدافعون عن المذهب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net