صفحة الكاتب : هشام الهبيشان

لبنان بين مطرقة الهبة السعودية وسندان معركة حلب ومعادلة الأمن الداخلي ..ماذا عن مبررات حزب الله !؟
هشام الهبيشان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بات واضحاً اليوم ومن دون أدنى شك أنّ هناك قوى داخلية في لبنان وخارجه تسعى إلى ضرب حزب الله، بمساعدة إقليمية ـ دولية، في محاولة للوصول إلى قرار إقليمي ـ دولي يسعى إلى ضرب منظومة الحزب واستغلال الوضع اللبناني الداخلي وما يحمله من أزمات متراكمة وملفات معقدة سهلة الحلّ، إن وجد قرار وطني لبناني حر، ولكن لكثرة وتعدّد المرجعيات الإقليمية والدولية نرى اليوم هذه الملفات تتحول تدريجياً إلى ازمات قد تعصف بالدولة اللبنانية في أي وقت، وفي الاتجاه نفسه تدعي هذه القوى الداخلية اللبنانية والخارجية إقليمياً ودولياً أنّ مشاركة الحزب في معارك سورية مؤخراً ومواقفه السياسية بمجمل قضايا المنطقة هي سبب عدم استقرار الوضع الداخلي اللبناني،ولهذا يسعى البعض اليوم لالصاق قضية وقف الهبة السعودية للبنان بحزب الله .
 
 
 
 
 
 
ومما لا شكّ فيه أنّ حزب الله كان يدرك حجم الانتقادات والتهم التي سوف تنهال عليه من كلّ حدب وصوب عندما اتخذ قراره بالتدخل المباشر في معارك شمال وجنوب سورية  الأخيرة ، ومع كلّ هذا وذاك كانت للحزب حساباته السياسية والديموغرافية والجغرافية والأمنية والأخلاقية التي يؤمن بها ويراها أكبر من كلّ الانتقادات التي وجهت إليه، لأنّ الحزب استشعر، كغيره، حجم الخطورة التي ستفرزها الأيام المقبلة على كلّ من سورية ولبنان، في حال بقاء هذه المجموعات المسلحة المتطرفة  تتحرك في شكل علني في سورية.
 
 
 
 
اليوم وبعد الكمّ الهائل من الانتصارات التي حققها الجيش العربي  السوري في حلب، بدعم من المقاومة، ابتداء من معارك تحرير ريف حلب الشرقي إلى معارك تحرير الحدود السورية – التركية  في ريف حلب الشمالي، وهنا من الطبيعي أن تنشأ حالة من الهستيريا والجنون لدى الكثير من قوى التيار الآخر المعادي للدولة السورية ولقوى المقاومة في المنطقة، فقد قرروا بعد الانتكاسات المتلاحقة التي لحقت بهم في  حلب والهزائم في الميدان العسكري وجملة انتصارات الدولة السورية في الميدان العسكري والسياسي، في لحظة يأس أن يصبّوا جام غضبهم على حزب الله، وبذلك وجد الحزب نفسه من جديد ضمن معادلة مركبة الأهداف والعناوين، فهو اليوم مستهدف داخلياً وخارجياً.
 
 
 
 
اليوم من الواضح أنّ هناك بعض القوى اللبنانية، وبدعم من بعض القوى الإقليمية والدولية تسعى إلى شرعنة وجود المجموعات المتطرفة  المسلحة على جانبي الحدود السورية ـ اللبنانية، والدليل هنا أنّ سلسلة الأحداث في بلدة عرسال اللبنانية تمت شرعنتها وأصبح الإرهاب العابر للقارات والمحيطات والدول إرهاباً شرعياً، بل أصبح وجوده الآن ضرورة عند بعض الأطراف في لبنان، كأداة ضغط على حزب الله وقوى المقاومة لجلبها إلى ميزان التسويات في المنطقة.
 
 
ومن الطبيعي الآن أن نجد حزب الله يتعرض إلى هجمة سياسية شرسة، وما يتبعها من التحريض عليه شعبياً في شكل غير مسبوق، من قوى 14 آذار وخصوصاً تيار المستقبل، واتهامه بأنه يريد جر لبنان إلى دائرة النار الإقليمية، محملين إياه مسؤولية ما يجري وسيجري نتيجة وتأثيرات وقف الدعم والهبة السعودية للبنان في الأيام المقبلة، وتداعيات وتأثيرات معارك الشمال السوري على لبنان، إنّ اتهام قوى 14 آذار لحزب الله بأنّ انخراطه في الحرب والدفاع عن الدولة  السورية سيجلب الدمار إلى لبنان، يدفعنا إلى التساؤل: هل يتناسى هؤلاء أنهم أول من تدخل في سورية منذ بداية الحرب على الدولة السورية، وخصوصاً مع المدعو عقاب صقر المحسوب على تيار المستقبل، الذي دعم وسلح إرهابين وسهل دخولهم إلى سورية.
 
 
 
 
 
يعرف حزب الله، بدوره، مسار هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدفه داخلياً وإقليمياً ودولياً، فالحزب يعي اليوم وأكثر من أي وقت مضى أنّ لبنان أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات من اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهابية، فالمناخ العام للقوى المعادية له بدأ يشير بوضوح إلى أنّ حزب الله بات هدفاً لهذه القوى، ولكن كل هذا وذاك لايعني بالمطلق أن حزب الله كان على خطأ بتدخله في سورية ،إنّ تدخل الحزب في معارك سورية لا يخرجه عن خطه السياسي والنضالي كحركة مقاومة مسلحة وطنية لبنانية، وقد استطاع أن يبرّر دفاعه ووقوفه إلى جانب الدولة السورية ضمن مفهوم العلاقة الاستراتيجية والأمنية بينهما نظراً إلى ما تمثله الدولة السورية من حماية لظهر المقاومة اللبنانية والفلسطينية، والعراقية سابقاً، وفق هذه المبادئ، سار الحزب في الطريق الذي يراه منسجماً مع مواقفه ومبادئه السياسية والأخلاقية، فاليوم وبعد حسم الجيش السوري بإسناد حزب الله وقوى المقاومة الأخرى مجموعة من الأهداف الاستراتيجية في الشمال السوري، فقد أعادت هذه الانتصارات في الميدان العسكري السوري خلط الأوراق على الأرض السورية، وهذا يعني كسراً مرحلياً لكلّ رهانات مشروع أسقاط سورية عسكرياً.
 
 
 
 
وبالعودة إلى إسقاطات ونتائج معارك حلب على داخل لبنان، يبدو المشهد اليوم ضبابياً في الداخل اللبناني، فالقوى اللبنانية على تعدّد توجهاتها ومرجعياتها تتحدث عن واقع جديد ومفهوم جديد للحرب على سورية بعد اقتراب حسم معركة "حلب "المجاورة للحدود التركية والتي كان مسار إستمرار حسمها بمثابة القشة التي كسرت ظهر الجماعات المتطرفة، والمدعومة من بعض الكيانات الوظيفية الطارئة على المنطقة.
 
 
 
ختاماً، فإنّ الحسم العسكري السريع لمعارك حلب، ستكون له تداعيات على عموم ملفات المنطقة، وخصوصاً على ملفات الداخل اللبناني، وفي المحصلة، يمكن القول إنّ المرحلة صعبة وتأكيد ما سيجري من عمليات قيصرية في المنطقة في المرحلة المقبلة ما زال مجرد تحليلات وتكهنات لأنه لم يعد يأخذ منحى عابراً كما يتحدث البعض، وما وراء الكواليس هناك تكهنات بل يمكن القول أنها تأكيدات حول تطورات دراماتيكية سيعيشها لبنان، كجزء من حالة الاستقطاب في المنطقة والتي ستتأثر إلى حدّ ما بمسار حسم معركة حلب .
 
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.habeshan@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هشام الهبيشان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/22



كتابة تعليق لموضوع : لبنان بين مطرقة الهبة السعودية وسندان معركة حلب ومعادلة الأمن الداخلي ..ماذا عن مبررات حزب الله !؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net