صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

إذا إحمرت الخضراء
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
    تقع المنطقة الخضراء الشهيرة في العراق بجانب الكرخ من بغداد، وقد نالت شهرتها بعد الدخول الأمريكي في العام 2003 وصارت ملاذا لسياسيين وبرلمانيين ووزراء ومسؤولين نافذين ولسفارات أجنبية، وهي تضم قصورا وحدائق وطرقا سريعة ومعالم سياحية ومقامات دينية، ويقطنها مواطنون عاديون وصحفيون مقربون من السلطة وأسر بعض السياسيين، وتحتوي على بعض القصور التي بناها صدام حسين ودورا خصصت لمقربين منه فروا بعد إنهيار نظامه.
    المنطقة الخضراء لم تخلق صدفة، أو بعد 2003 كما قد يظن البعض، فهي موجودة منذ زمن بعيد على شاطئ دجلة من جهة كرادة مريم، وتتصل بعدد من الوزارات المهمة، ويربطها بجانب الرصافة جسر الملكة عالية الشهير الذي تم تغيير تسميته الى الجمهورية بعد إنقلاب تموز الأسود على النظام الملكي الدستوري، وهو جسر يصل بين ميدان التحرير الشهير الذي يؤمه المتظاهرون كل جمعة من جهة الباب الشرقي، وبين البوابة الرئيسية للمنطقة الخضراء، وهناك جسر آخر جنوبها، وهو الجسر المعلق الذي أغلق منذ العام 2003 وحتى اليوم، ويصل بين الخضراء والكرادة داخل، ولايسمح لأحد بإستخدامه الى بأذون رسمية وموافقات أمنية، وهذا الجسر الجميل شبيه بجسر أستنبول كان مفتوحا على عهد صدام حسين، وكان الطريق الذي يصل إليه يربط بين مرآب العلاوي في الكرخ وجانب الرصافة.
    تمكن السياسيون من وضع المنطقة الخضراء تحت الإقامة الجبرية، بينما قرر الأمريكيون بناء أكبر سفارة في العالم فيها على شواطئ دجلة، وهي قريبة من القبر الذي يضم رفات ميشيل عفلق مؤسس البعث الذي هرب من منافسه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وعاش برعاية من بعث العراق حتى مماته في حزيران 1989 وصارت هذه المنطقة هدفا لإنتقادات العامة من الناس الناقمين على تدهور الأوضاع في البلاد، حيث تنعدم الخدمات، وتعم الفوضى والفساد في قطاعات مختلفة من مؤسسات الدولة بقصد وبغير قصد ماأدى الى تذمر واسع وحرمان من الوظائف والمخصصات المالية التي ذهبت في معظمها الى جيوب المتنفذين والفاسدين، وبرغم الإرتفاع الحاد في أسعار البترول لكن العراق لم يشهد الكثير من التحسن في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ولافي ظروف معيشتهم. فالأزبال تتكدس في كل مكان، ودوائر الدولة مجرد أوكار لسرقة المال، وتحقيق المكاسب، بينما المنافسة الحزبية على أشدها، وهي لاتهتم بالمواطن العادي الذي يبحث عن الماء الصالح للشرب، وعن الكهرباء والتعليم والصحة والطرق وتنمية الإقتصاد والتوظيف حيث تستمر معدلات البطالة في الإرتفاع.
    وقد أطلق متظاهرون تسمية المنطقة الحمراء بدلا من الخضراء في دلالة على أمور عدة، منها إنها حمراء لأنها تمثل الترف المالي والنعيم لمن فيها من سياسيين، أو للتحذير أنها قد تتحول الى حمراء كناية عن الدماء وإمكانية أن تتعرض الى أعمال عنف على خلفية التظاهرات المستمرة التي تقترب رويدا من أسوارها العالية التي قد تنهار بسرعة.
Pdciraq19@gmail.com    

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/13



كتابة تعليق لموضوع : إذا إحمرت الخضراء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net