إِذا فَشَلَ السّياسِيّون فَلَنْ يَفْشَلَ الشّارِع (١)
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
س١/ يتحدّث الجميع اليوم عن الاصلاح من دونِ نتيجةٍ؟.
لماذا؟.
الجواب؛ ان التسويف في الإصلاحات دليلٌ على انّهم لا يريدونَ تنفيذها، فإما انّهم خائفون او انّهم لا يقدِرون عليها او انّهم لا يريدون، وهو الامرُ الذي أرجّحهُ شخصيّاً، اذ ليس من المعقول انّ من لازال يقبض على السّلطة اكثر من (١٣) عامٍ يخافُ من شَيْءٍ، الا الّلهمّ انّهم يخافونَ على مصالحهِم وامتيازاتهِم، فالتغيير والاصلاحِ سيكنُس كلّ هذه الامتيازات الحزبيّة والشّخصية والعائليّة الظّالمة التي يتمتّع بها السياسيّون على حساب الشّعب الذي يُعاني الامرّين بسبب فشلهم في ادارة البلد وقيادتهِ بالصّورة الصّحيحة، فضلاً عن حجم الفساد المالي والاداري المُخيف الذي اضاع خيرات البلاد والميزانيّات الانفجاريّة طوال السّنين الماضية، سواء في المركز او في الاطراف بما فيها الإقليم.
تخيّل، إِنَّهُم لم يُقدِّموا لحدّ الان حتّى (عجلاً سميناً) واحداً على الأقل للقضاء ليقف خلفَ القُضبان، لأنّ واحداً فقط يكفي لفضحهِم جميعهُم، ولهذا السّبب فانّ القضاء لا يُصدِر أحكامهُ الا ضدّ المسؤولين الهاربين، كما حصل يوم أمس للوزير الهارب (من دولة القانون) والذي كان رئيس الكتلة قد هرّبهُ الى الخارج قبل عدّة أعوام!.
انّهم يسوّفون لتهدِئة الشّارع ثم الالتفاف على مطاليبهِ الدّستوريّة المشروعة، ظنّاً منهم بانّهُ سيُخدع هذه المرّة كما في المرّات السّابقة عندما كان يصدّق وعودهم وعهودهم فيعود النّاس الى بيوتهم بانتظار تحقيقها ليتبيّن لهم انّها سرابٌ ليس الّا، كما كان يفعل على مدى (٨) سنوات رئيس الحكومة السّابق الذي ظلّ يُعدُّ لهم المرّة بعد الاخرى (١٠٠) يومٍ ويوم! ليظهر انّها ليست اكثر من بهلوانيّات كان يلجأ اليها الموما اليه كلَّما حوصر بالتظاهرات التي رفع فيها المشاركون مرّةً شعارهم المفضّل [كذّاب كذّاب...] لكثرة نكوثهِ على وعودهِ! او ربّما انّهم يسوّفون بانتظار المعجزة لتُنقذهم من الموقف الذي لا يُحسدونَ عليه، غافلين عن ان الشّعب، هذه المرّة، لن يهدأ لهُ بالٌ قبل ان يرى الاصلاح مشروعٌ حقيقيٌّ نافذ، فاذا كان الخطاب المرجعي قد أرجأ الان الحديث الاسبوعي عن الاصلاح فهذا لا يعني انّهُ نسيه او حتى يئس مِنْهُ ابداً، فالإصلاح مشروعٌ وطنيٌّ استراتيجيٌّ في عقليّة ومنهجيّة الخطاب المرجعي، لا تراجع عَنْهُ، ولا بديل عنه، فاذا تغافل عنه حيناً فلن يغفل عنه كلّ حين، كما ان الشّارع الذي تغافل عنه مدّة بانتظار ما ستسفر عنه خطابات السّياسيّين واجتماعاتهم وتراشقاتهم الإعلاميّة وحواراتهم وبياناتهم، حتى اذا أسفر الصبح لذي عينين وفضحهم الدُّجَى عاد الشّارع يطالب بالإصلاح وبأقوى ممّا كان عليه في السابق، كما نبّه الى ذلك مرّةً الخطاب المرجعي.
يخطئ اذا راهن السياسيّون على نسيان الشّارع لمطاليبهِ، او ظنّوا ان ذاكرتهُ ضعيفة، أبداً، فالإصلاحُ متحقِّقٌ لا محالة ان لم يكن اليوم فغداً، وان لم يكن بهذا الأسلوب فبذاك، فأفضل لهم ان لا يسوّفوا ولا يؤجّلوا ولا يرحّلوا الاستحقاق الوطني اكثر مما رحّلوه لحدّ الان!.
كان من المفترض انّهم يخافون الله ويخافون ضميرهم ويخافون الشعب بدلاً من ان يخافوا على مصالحهم وامتيازاتهم الظّالمة غير الدّستوريّة.
واذا كان السياسيّون لا يريدون تحقيق الاصلاح لأيّ سببٍ من الاسباب فانّ الشّارع هذه المرّة سيحقّق ما يُريد بارادتهِ وقوّتهِ التي لا يلويها او يفلّ عضدها شيء، وصدق الشهيد الصدر الاوّل الذي قال [الشّعوب أقوى من الطّغاة مهما تفرعنوا] فاذا ظل السياسيّون يسوّفون في الاصلاح ويرحّلون الاستحقاقات الوطنيّة التي يُطالب بها العراقيّون اليوم، فانّهم سيدخلون فيما دَخَلَ فيه الطّغاة وينطبق عليهم ما ينطبق على الطّغاة!.
أفضل لهم ان لا يفكّروا الا في أَمرٍ واحدٍ، وهو، كيف يحقّقون الاصلاح؟ بعيداً عن التّبرير والتّسويف والتّرحيل وتقاذف كرة المسؤوليّة فيما بينهم، وليتذكّروا دائماً الحقيقة التي يعرفها ويستوعبها ويعِيَها الشّارع جيداً والتي تقول انّهم جميعاً مسؤولون، فلا ينبغي لاحدٍ منهم ان يفكّر بالانسحاب من المسؤولية او التهرّب منها او تجاهلها، فلن ينفعكم جميعاً الا أَمر واحدٍ هو نصّ الآية الكريمة {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} والعجلُ هنا السّلطة التي أعمتكُم فلم تعودوا ترَون لا دينكُم ولا تاريخكُم ولا شعبكُم ولا بلدكُم ولا أَيّ شَيْءٍ آخر سوى مصالحكُم وامتيازاتكُم التي تغلّفها اNazar Haidar, [٢٤.٠٣.١٦ ٢٢:٣٢]
لأنانيّات والحزبيّات الضيّقة!.
ومع كلّ هذه الحقائق، لا أرى ضيراً في ان ننتظر بعض الوقت لنتأكّد ما اذا كانوا هذه المرّة صادقين بوعودهم أم لا؟ خاصَّةً وانّهُ لم يبق من التّوقيتات المُعلنة من قبل السَّيّد رئيس مجلس الوزراء الا ايّاماً معدودة! فالعراقيّون جاهزون الآن للانقضاض على السّياسيّين اذا أَحَسُّوا انّهم هذه المرّة كذلك كاذبون وغير صادقين بوعودهم وبمشروع الاصلاح!.
٢٤ آذار ٢٠١٦
للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar
WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat