صفحة الكاتب : كريم حسن كريم السماوي

في رحاب الصلاة على محمد وآله تجلياتها وتباينها مع السلام والرضوان
كريم حسن كريم السماوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 أبتداء
 قد أزهر من هو في الصلاة أسمه مذكوراً  ، وتجلى رفعة وفي مقامه مشهوداً ... 
هو الأول قبل الأنام قد خلقا ،  وآخر البرية نصحاً وللدين معتقداَ ... فصلوا عليه صلاة بها الدين يكتملاً  ، ومنازل المحبين في ذكره تبجيلاً ...  ثم آتيا من هم لله منه وللدين له أمتداداً  ،  هم الشفعاء يومئذ فأتخذوهم لكم سبيلاً... ولاتهنوا في ذكرهم طرفة عين ، وصلوهم لله ومن ثم للرسول وصولاً ... فأي توليتهم منهم بعد الرحيل همُ ،  تكُ للرضوان أمداً وبين الشفاه ترتيلاً ... فلاتنسى حيطة عقل بك قد سما ، إذ إنك للموالاة تكُ وقعاً جميلاً ... بأي تبدأ وصل السيل لك خيراً ، ودع عنك مبغضاً أنى لهم تهويلاً ... قد كان الصلاة هو إذ أننا بها ، نبتدأ حين أتى وفي أخرها تكميلاً ... فصل عليه وآله ترجو النجاة بهم ، وأجعل المودة لهم في نفسك خليلاً ... صلوا على محمد وآله هلم بهمُ ، تحيا الوصال وللرضوان سلسبيلاً ... فذا هم غيث يرتغف النفس وجودها ،  وللحب علياء هم لنا نمجدهم طويلاً
لافرق بين هذهِ المفاهيم بالنسبة للممكن الذي قد أتصف بهذه التسمية من أستخلاص عام بالنسبة للنوع ولكن الفصل يتباين في الأنشاء ويختلف في الأداء لكي تتناسب مهمة وجوده في عالم الأعيان
أنى يكون ذلك المحمول المادي للموضوع فأنه قد أتسم بالخلود في فنائه قبل حلول أجله هذا من حيث أرتقاء الموضوع في محموله المحدود لوبصرنا إلى ذلك الممكن الذي يتباه اللطف ويوسدده التوفيق أداء الفعل الذي أستوجب وجوده من أجله ليتقوم الجنس بالفصل قوة ومن ثم ينتابه الفعل الواقعي الذي أرشد اليه وآمن في جزئياته وهذا نوع من هداية العبد إلى ماهو أجدر بالأعتقاد به وهو نسمة وجودية من الفيض اللدني
 
من البديهي إن لكل صفة مهما كان لها وجود تتعلق بالحس المعنوي لها أسس أنتدابها لذاتها وتناسب أنشاءها في محورها المادي الذي أتصف بتلك الصفات التابعة لها من جانب أحتوائها ذلك الموضوع أينما كان بيد أنه ليس له أين من حيث الفعل أطراءً بل ذلك في مجال مفهوم القوة
 
أبتداءً نعرف أن كل من الصلاة والسلام والرضوان من السمة اللفظية وليس الفعلية ولكل منها له معنى يختلف عن الآخر لفظاً ومعنىً وتبايناً في الأداء الذي يقتضي ذلك التأييد الموجب من حيث حرد الواجب
 وتختلف هذه المفاهيم عن بعضها أستدراجاً للمنطوق من حيث الواقع   لايعتريها اللفظ دون المعنى الأجمالي للذي يرتأي الزلفى وأستبيان تلك المنزلة من جوانب شتى
 
الصلاة على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته
نقصد بالصلاة اللفظية ( صلى الله عليه وآله ) وماشابه ذلك ولكن بأتمامها أي ذكر ( وآله ) وبعدها يتبعها الأعتقاد المعنوي بماوراء هذه التسمية لأنها مفتاح تتنزل به البركات وبصيرة للقلوب فيما إذا آمن بها العبد لفظاً ومعناً وأثراً كما تتجلى فيه جميع الصفات الوجودية له وأمتزاجها مع الغيث الرباني من اللطف والتوفيق وماشابه ذلك  
وهي أتصاف الممكن عقلاً وأتباعه وضعاً مما تختزل فيه الدلالات الواضحة من جانب الكلية الموجبة لذلك الفصل الذي أعتنى به واجب الوجود وسدده بالنبل وتمام الخلق قبل الموجودات في علم الله
 كما قال الله تعالى ( وأنك لعلى خلق عظيم ) وهو يتنزه عن الزلل المادي والأنحراف المعنوي وأستبيان ذلك في قوله تعالى : ( أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) وهذا أفق واسع للفيض الالهي في تسديد ذلك الفصل المؤيد من الله سبحانه وتعالى
 
للصلاة مناهل جلية وموارد هي
 
أولاً : يجب على الممكن أداء لفظ الصلاة أجتزاءً بما يوجب براءة الذمة وأحياناً تكون الصلاة واجب عيني إذا أقضت تلك الصلاة بمفهوم الولاية كما في قوله تعالى ( أنما وليكم الله ورسوله وأولي الأمر منكم ) وهو أستنتاج عملي للعباد في أتباع مفهوم الصلاة
 
ثانياً :  إن ذكر أسم النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) توجب الصلاة عليه كحد أدنى ثم أتباع سنته فيما إذا ذكرت الصلاة التامة عليه إما الصلاة البتراء أي عدم أطلاق لفظه ( وآله ) لاتجزيء ولكن يتحمل آثارها  العبد فيما بعد وهي بمثابة معصية من حيث الأعتقاد بالشيء وعدم الأعتراف بأجزائه التابعة له والمكملة له كأيجاد الممكن ومنع حضوره وإيحاء لذلك الوجود المعين المتمثل بتلك الصلاة قربة إلى أيس الأيسات الذي عمت رحمته الخلق أجمعين دون أتصاف البعض وحرمان الآخر
 
ثالثاً : بطبيعة الحال إن الكامل لايتجزأ بتاتاً والواحد يحتوي الكل بلحاظ الفعل الذي خضع لأرادته لكن ترك الجوانب الواجبة له دون أستثناء أوأتباع حكم يسمح بذلك أوإمارة يستدل بها على أنتفاء الفعل الممكن وهو واجب وأمتناعه عن أدائه لغاية ما وهذا التصرف هو خلل في أعتقاد المرء
 ويعتبر جحود العابد بنعمة المعبود جحوداً بلامبرر عن الكتاب المنزل به وقد يكون أرتداد عن حكم شرعي معين وجب الأتيان به ولكن الجهل أوالأتباع لثلة ضالة جعل البعض هكذا أمعة
كما قال الأمام علي: ( صلوات الله وسلامه عليه ) : (الناس ثلاث أصناف عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع ) وهكذا نجد بعض العباد يسلكون هذا المنهج المنحرف للقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أبتغاء تحريفه وأتباع الهوى والميول الأنسيابي لمايتلائم مع الرغبة الجامحة في نفسه
رابعاً :  الوارد في ذكر الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) إن للنص معنى جلي وخفي حسب أدراك السالك في مجانسة القرائن ومرآة لأعتقاد العبد الفعلي الذي لاينآى عنها مطلقاً فيما إذا كان ذلك يتناسب مع أحقية اللفظ وهو على ثلاثة أنواع ( النص والظاهر والمتشابه ) كما هو معروف لذلك بعض العباد يفهمون الأول ويشتبهون بالثاني ويخبطون بالثالث لذا يجب عليهم أتباع التنزيل ومراعاة التأويل في الأعتماد على الذكر الحكيم وقول الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) ووصيه المؤيد بالنص والأئمة الطاهرين 
وعدم ذكر الصلاة كاملة هو قطع الصلة ( المودة ) التي فرضها الله على عباده وإن عدم ذكرها يوجب الجفاء والجحود بنعم المعبود وعدم الأعتقاد بالسنة القولية كاملة بل أعتناق الأصل وترك الجزء الذي تكتمل به الرحمة وتقبل المغفرة
إن هذا الأسلوب هو عدم التوجه التام والأعتناق بالرسالة وهذا بدوره يؤدي إلى الوهن في الأيمان وخلل في الممكن الذي لايعتقد بذلك الواجب حيث أن الترك عصيان للسنة النبوية بأنواعها
وبنظر العاقل هو القطع برأي ما وعدم أطاعة المعبود الذي أوجده رحمة للعالمين في عالم الأمكان ووجب الأيمان به مطلقاً وخضوعاً لأوامره  ونواهيه من جانب الفعل والترك في عالم الأعيان
 
 
السلام على الأنبياء والرسل وأهل البيت
هذه اللفظة لها عدة معان في معرفة محتواها
أولاً : تعني التسليم لما كان ظاهره الوجودي مقترن بالأتباع لما هو واجب الأتيان به فعلاً
ثانياً : الموالاة لما هو قائم به ومقوم لمن يسلك منهجه أبتغاء لسنة قبله لأنه أمتداد لها ومؤيد بالنص الواقعي الذي يتسم بالموضوعية للوصول لذلك الفيض الذي أرتأى منه الأنبياء والأولياء
أذن هو أيمان بما أعتقد به أقتضاء في عالم الأحياء وهو أحد سبل الرشاد والألزام لنيل درجات المنزلة العليا وأعتناق الزلفى ( المودة في القربى ) من حيث أتباع الأثر والأعتصام به للوصول إلى حقيقة الوجود
 
 
ثالثاً : الأمارة الوضعية في أثبات الحجة وأتباعه أينما وجد وهو بمثابة المنقذ  للفصل من الهلكة والضلال إلى الهداية والأيمان وهو قيد لذلك الوجود ويشرط أتباعه توقيفياً لما أثبتت آثاره الأعجاز والتقوى وتوالي الكرامات عند أوليائه كما هو جلي في النصوص الصريحة لذلك المنشأ الطاهر 
رابعاً : الألتزام بتولي ذلك الموجود لأثبات حقيقة الأتباع ذاته الذي يمتلك مفهوم الصلة المقترنة بالتسليم أبتداءً كأمر توقيفي
خامساً : السلام له ماهية تقترن بوجود الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) لمن أتبعه وسمع مناجاته وهو أمتداد لرسالته وقد ورث منه العلم المحض المنزل من الله عز وجل وهو ألهام منه اليهم دون سواهم لأنهم أصحاب تلك النجوى والورع والتقوى
وهذا مع أحقية مطابقة حكم القرآن الكريم له لأنه فصل قد تميز بالعصمة التي أيدها الله سبحانه وتعالى وفي قوله ( إنما يريدُ اللهُ ليُذهبَ عَنكُمُ الرّجسَ أهلَ البيت ويُطهركُم تَطهيراً ) سورة الأحزاب أيه ( ٣٣ ) .
وهذه الآية مختصة بأهل البيت عليهم السلام فقط كما صرحت أداة الحصر ( إنما ) بذلك والأئمة الأثنى عشر هم من موجبات الأتباع والطاعة لأوامرهم والولاء لهم دون سواهم
بمعنى آخر الولاية لهم وقد خصهم الله بالولاية التكوينية كما هو واضح من الروايات الصحيحة المتواترة عن الثقاة وهم من وجبات الرحمة الألهية قوة دون الأعيان وفعلاً بمقتضيات السلام الذي مازال موروث بين العقلاء الذين يتسمون بالتقوى وأتباع ذلك السلام إيماناً وتسليماً به
وهم سبل الرشاد تسديداً لما يجعل البصيرة تناط التوكل والوصول إلى النجاة وأمتطاء ذلك الصراط السوي ونيل الخلود فيما بعد
قد نرى البعض ونسمع أنهم عند ذكر النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) لم يذكروا لفظة ( آله ) وهذا شأنهم وغي في قلوبهم للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله )  وجفاء له وسوف ينالون عقاباً يوم القيامة على ذلك الأنحراف ولم ينالون الشفاعة لجفاهم له وإلى أهل بيته عليهم السلام
قد يسأل البعض مالفرق بين محمد ( صلى الله عليه وآله ) وبين باقي الأنبياء وأن كلهم معصومين بلحاظ أن العهد قد أخذ منهم في عالم الذر ووثاقتهم به ؟
هذا السؤال محتاج إلى مقدمة وتوضيح بعض النقاط الأساسية منها
أولاً : إن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وصف بصفات جليلة لم يصف بها باقي الأنبياء كالصادق الأمين وغيرها والروايات متظافرة في ذلك  والقرآن الكريم يصرح بآياته الكريمة
ثانياً : أنه معصوم بثبوت النص والدلالة ومن نفى هذه العصمة فقد كفر لأنها  مخالفة فعلية لقوله تعالى( وماينطق عن الهوى ، أن هو إلا وحي يوحى ) سورة النجم آية ( ٣،٤ ) هذه  دلالة جلية الثبوت
ثالثاً : جميع الأديان السماوية تحكم بشرائعها آنذاك ضمن زمن محدود ولكن وصف وجود النبي ( صلى الله عليه وآله ) أتباع سنه ورسالته نسخت ماقبلها وأحكامه واجبة الأتيان بها فحلاله حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة
رابعاً : بمعنى آخر هوأتباع الأسلام وسنة الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) فرض عيني وتوجب الأجر والثواب إما السنن الماضية فأتباعها باطل ويؤزر فاعلها أبتداءً لأنها أصبحت منسوخة بحكم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة
 
 
خامساً : مبدأ الأفضلية موسوم بها النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) دون سواه  لأنه خاتم الأنبياء ورحمة للعالمين قال الله تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) سورة الأنبياء آية (١٠٧) وآيات أخرى تصرح به
بيد أن الأنبياء السابقين لم يكونوا هكذا بل كانت رسالاتهم خاصة لزمن معين يعيشون فيه ومحدود من حيث الأمكان وقد نسخت تلك الرسالات بعد مجيء الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهذه بعض السمات البارزة بين الرسائل السماوية
 
 
مالفرق بين الصلاة والسلام
نأخذ بعض الأشارات من منطوق مقول القول لهذين المفهومين إذ إن الصلاة محكومة بالخاص للنبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعامة من حيث أطلاقها لأهل البيت ( صلوات الله وسلامه عليهم ) وزكاة للأعمال كمايلي
أولاً : إن الصلاة هي أتباع صفة عينية ومراعاة المعنى من حيث الأثر والفعل كما هو وارد في السنة القولية والفعلية والتقريرية وأتباعها واجب ويستحق الفاعل الأجر والثواب والمخالفة لها تعتبر معصية محكومة بالتقصير والتغاضي عن الحق الشرعي
ثانياً : إما السلام هو التسليم له والأتباع لأنه أثر مادي في أعتناق الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهو أعم من الصلاة لأنه أحتمل الفضلين هما الصلاة والسلام بدليل القرآن الكريم والسنة النبوية
أ - من حيث العصمة قوله تعالى ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) سورة الأحزاب آية ٢٣
ب - أتباع السنة حديث الثقلين وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله  ) في الحديث الشريف ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً )
ثالثاً : إن الصلاة التامة واجبة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله  ) دون سواه من الأنبياء بل السلام من الممكن لهم ضمن أطار السلام المتعارق الغير مقترن بالصلاة التي لها أثر الأفضلية والمنزلة الربانية
هذا الدرجة التي تتضمن العصمة التقوى والورع وعفة الفرج واللسان وهذه الصفات تنطبق على الأئمة ( صلوات الله وسلامه عليهم ) دون سواهم كما تبرهن ذلك آية التطهير من سورة الأحزاب
رابعاً : السلام يخص الأنبياء الذين سبقوا الرسول محمد (صلى الله عليه وآله ) من حيث الأيمان بالرسالات السماوية السابقة قال تعالى ( والذين يؤمنون بماأنزل اليك وماأنزل من قلبك وبالآخرة هم يوقنون ) سورة البقرة آية  ( ٤ ) ويخص الأئمة عليهم السلام وكذلك علماء الأمة الأسلامية التقاة كما ورد في الحديث الشريف قال الرسول (صلى الله عليه وآله  ) : علماء أمتي كأنبياء بني أسرائيل
وهذا دليل شمول السلام علماء الأمة التقاة بالسلام كما هو وارد بمفهوم الأعتقاد والأيمان لما صانوه من أجل أعلاء كلمة الله
لكن الصلاة لاتخص سوى الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الأثنى عشر عليهم السلام لأن السلام عام والصلاة خاصة بما هو كائن الجزء يحتوي الكل ومن حوته الأشياء فهر مفتقر إلى العلية المطلقة
وبهذا يمكن للعباد أن يسلم على الأنبياء بعموم المحمول وليس الموضوع قائلاً السلام عليكم ولايجوز الصلاة عليهم لأن الله سبحانه وتعالى خص الصلاة للنبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته الطاهرين بدليل قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) والأئمة عليهم السلام هم أمتداد له في الرسالة إذ أنه أختص بالتنزيل وهم بالتأويل
وهكذا عند ذكر النبي محمد يجب الصلاة التامة عليه هكذا ( صلى الله عليه وآله ) وليس الصلاة البتراء كما يؤديها البعض بدون ذكر أهل بيته أي لفظة ( آله ) وهنا الصلاة البتراء هي جفاء للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) ولاوتجزيء إلا بذكر وآله لأنهم القربى كما قال الله سبحانه وتعالى ( وأتوا ذو القربى حقه ) والمقصود أهل البيت ( عليهم السلام ) بنص الآية القرآنية الشريفة الصحيحة الثبوت والدلالة
 
 
يسأل البعض لماذا الصلاة على النبي محمد وعلى أهل البيت ( صلى الله وعلى آله ) ويضيف البعض ألفاظ الطيبين الطاهرين ؟
الجواب على هذا السؤال يجب علينا أن نراجع كتاب الله والحديث الشرف المروي عن النبي محمد ( صلى الله وعلى آله ) قال : ( علماء أمتي كأنبياء بني أسرائيل ) إذ إن العالم في هذه الأمة يمكن أن نقول عليه السلام وليس الصلاة وأن قلت الصلاة على الأنبياء السابقين فقد ساويت بينهم وبين خاتم النبين الذي خصه الله بالصلاة
في هذه الحالة قد جوزت الصلاة على علماء الأمة من خلال أسلوب التعدية لأن علماء هذه الأمة كأنبياء بني أسرائيل إذن لايجوز أطلاق الصلاة على العلماء لأن ذلك مخالف للشرح والسلام عليهم فيه تفصيل مع الفارق
ورد هذا الحديث العلامة الحلي (ت: 726هـ) فقد أورده في مقدمة كتابه الفقهي تحرير الأحكام في سياق حديثه عن فضل العلم وضرورة طلبه
انظر تحرير الأحكام ج1 ص38
 
 
ويكون الشبه بين أنبياء بني أسرائيل وعلماء هذه الأمة عدة نقاط هي
أولاً : وصف علماء أمتي كأنبياء بني من حيث أتحاد الزمن وله عمق محدود
ثانياً : المنزلة الشرعية في طاعة العباد للعالم وتأدية الأحكام الشرعية الملقاة على عاتقهم وعدم مخالفة فتواهم لأنهم من سبل النجاة للدين الأسلام الحنيف
ثالثاً :  تحملهم مسؤلية كبيرة في توجيه العباد وندرة العلماء في عصر معين مع أختلاف موازين ولكن هذا لايعني مساواتهم أوأفضليتهم على الأنبياء كما نراه
رابعاً :  وهذا هو دقة فهم العلماء وسعة أفقهم في كثرة المعرفة وورعهم وتقواهم وأتباع مايوجب عليهم من الله قال تعالى ( يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات) من جانب العلم والأيمان
خامساً :  أن ألتزام العلماء في دينهم وتقواهم قال الله تعالى ( إنّ اكرمكم عند الله أتقاكم ) هذه دلالة عقلية واضحة
سادساً :  جهاد العلماء في طلب العلم والمعرفة قال تعالى ( فضلّ الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً ) وهم مثابرون على نشر العلم والمعرفة
سابعاً : إن العلماء يتحملون المشقة والصعاب العظيمة من الظلم والخوف وهذا الوصف موجود من حيث التشبيه قال تعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) وهذا حصر لهم دون العباد
ثامناً :  من الواضح أن حمل الرسالة هي أمانة ثقيلة وقد يقع حاملها في المشقة والمعاناة ومواجهة التحديات التي تواجههم  من حيث نشر الأحكام الشرعية
تاسعاً :  وقد تكون هنالك أشارة إلى الأعجاز فيما أذا وقع التحدي بين علماء الأمة التقاة والكفار فتحدث إماراة خارقة لأثبات علمهم بالرسالة وموالاتهم للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهذا ممكن الحدوث
 
 
بمعنى آخر لمتن هذا الحديث ومعناه اللغوي هو أن ( علماء الأمة كأنبياء بني أسرائيل ) من حيث الأعجاز الممكن لهم أن وجد فيه أثبات الحجة لغير الملل والأديان الأخرى
هذا يكون من جانب العلم والتقوى وأتباع الهدى والتمسك بالدين والسنة والموالاة لهم
لكن العلماء لم يصلوا إلى درجة العصمة التي يحملها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كما هو معروف من معنى آية التطهير المباركة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) وتخص هذه الآية النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) وقد كان الأختصاص بهم بلفظة ( إنما ) والأرادة الألهية قد أقتضت ذلك
 
 
لماذا الصلاة والتسليم يخص الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته الطاهرين ؟
أولاً : بدليل آية التطهير التي خصتهم دون سواهم وهو مفهوم جلي لأصحاب العقول البصيرة وأن أرادة الله وجبت على العباد
ثانياً : حديث الثقلين الذي يبن لنا من هم الثقلين في قول الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم ) كما ورد هذا الحديث في كتب الحديث
ثالثاً : هنا الصلاة على محمد وآله أستحباب أكيد وهذا ماذكرته الأحاديث الشريفة
رابعاً : الصلاة هي الصلة بين النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) والعباد الموالين للشريعة السمحاء لأنه الخاتم والرحمة لهذه الأمة
وأما أهل البيت ( عليهم السلام ) هم أمتداد له في الرسالة السماوية وهو المفضول بين الأنبياء والرسل
هنالك أشارة يجب علينا ملاحظتها وهي مايلي
أ- ذكر النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) يقترن بالصلاة على أهل البيت بذكر لفظة ( وآله ) لأنهم أمتداد عقائدي له في أتباع سنتهم من قول وفعل وتقريد كما قال تعالى ( إنما وليكم الله ورسوله وأولي الأمر منكم ) وتخص الأية من لفظة ( أولي الأمر ) هم أهل البيت عليهم السلام
ب - الصلة بهم والموالاة للرسول ( صلى الله عليه وآله ) تقترن بموالاة أهل البيت عليهم السلام وهم الأئمة الأثني عشر أماماً أبتداءً من أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب حتى الحجة محمد بن الحسن ( عجل الله فرجه الشريف ) إذ أنهم أوصياء الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) من خلال هذا المعنى نصل إلى الأعتقاد المطلق بولايتهم أي
أ-  المولاة المطلقة لهم لأنهم سبيل الحق إلى الله  لأنهم حجج الله في أرضه وأمناء في بلاده
ب- التولي لهم والتبريء من أعدائهم لأنهم أصحب التسديد الألهي ومعصومين من الزلل والخلل كم هو في آية التطهير
ج - الحب والمودة لهم قال الله تعالى (أولى القربى أولى من بعض ) وهو
وهنا مودتهم وجبة على العباد لأن محبتهم جزء من محبة الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) هكذا
د-  وأخيراً أن طاعتهم واجبة كما قال تعالى ( أطيعوا الله وأولي الأمر منكم ) لذلك المموالين للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) يطيعون أهل البيت ( عليهم السلام ) ويعتبرون طاعتهم سنة كطاعة الله ورسوله
الرضوان
هذه التسمية تطلق على العالم الذي أتخذ الدين له سجية وتعلق حبه بالله والموده إلى أنبيائه ورسله وأوليائه الصالحين لكن أطلاق اللفظ لهذه الكلمة بعد الوفاة لأن شمول الرضا التام من المولى بعد ترك الدنى
وأحياناً تطلق لفظة رضوان الله عليه على من أتخذ لنفسه التقوى والهداية وهو يرفل بالعفة والورع والخشية من الله ويتسم بالعصمة الصغرى وهذا وارد بين الورى عند ذكر المتقين والأولياء الصالحين
 
 
وهنالك ألفاظ أخرى تطلق على التقاة من العلماء والعرفاء العاملين بالنهج النبوي القويم وتحمل المشقة والمعاناة من أجل أستقامة النفس وأصلاح سرائر العباد لأنهم قدوة في سبيل النجاة كما قال الأمام علي ( صلوات الله وسلامه عليه ) إلى كميل بن زياد النخعي ( رضوان الله عليه ) : ( يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها فأحفظ عني ما أقوله لك ( الناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لا يستضيئون بنور العلم؛ فيهتدوا ولم يلجئوا    إلى ركن وثيق؛ فينجو ) كما ورد في الرواية
 
     
 
 هذه التسمية على ذوات العلم والمعرفة والموالين لأهل البيت ( صلوات الله وسلامه عليه ) لأنهم السبيل إلى الحقيقة المطلقة
وقد نسمع إن هنالك تسميات أخرى تطلق على العالم والمتقين أمثال ( قدس الله سره ) أو ( قدس الله روحه ) أو (طيب الله ثراه) وهذا يعني حسن سريرته وأعلاء قدره بين المسلمين عبارات الاكبار والاجلال لماقدموه لهذه الأمة الأسلامية من الخير والصلاح  لهم وأحياء سنة النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وتقويم الرسالة من خلال سلوكهم السوي
 
 
تجري التسمية بعد فراق الدنيا والرحيل منها إلى دار القرار ونجد ألفاظ أخرى على سبيل المثال ( رحمه الله ) وأكثرها أنتشاراً بين المسلمين والمتعارف عليه بين الأفرد وهناك ألفاظ أخرى منها ( غمد الله روحه الجنة ) أو ( طهر الله ثراه ) وغيرها من الأقوال تطلق على الأموات تعظمياً لهم أوطلب الرحمة والغفران لم من الله سبحانه وتعالى
إن الصلاة على محمد ( صلى الله عليه وآله ) تعظيماً لمنزلته الرفيعة وأجلال لذكره الشريف ولكن السلام عليه له خصوصية معينة يشترك بها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأهل بيته الأطهار( عليهم السلام ) وهي
لوسلم المؤمن الموالي على النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) فماذا تعني
 أ - أن أسمه يقترن  بالصلاة لذكر أسمه الشريف فتقول ( صلى الله عليه وآله ) هكذا
ب - يقوم الله بفضل السلام عليه بأرجاع روحه الشريفه إلى جسده المبارك لرد السلام على المؤمن الذي أنصهر في طاعة وولاية أهل بيته الطيبين الطاهرين وكذلك الأمام المعصوم عليه السلام لأنه أمتداد له ولرسالته
بعض النتائج لهذا المقال
أولاً : تطهير الروح في ذكر هذه التسمية وتسديد مناها في السير على نهج الصلاح وحب الخير وأمتثالها لمجزاة ماعملوه والأكبار والأجلال لهم
ثانياً : التمسك بالهدي الصالح من خلال تعظيم الذكر لهم وأطلاق اللسان في ذكرها لكي تستذكر النفس النهج القويم الذي سار عليه غيرهم من قبلهم لكي يزيد التمسك به والأقتداء بهم
ثالثاً : ذكر هذه التسمية هي الموالاة لهم وشعار يعتد به في حياته قبل مماته لطلب الرضوان والرحمة من الله والشفاعة منهم بقيد أتباع السنة الطيبة مع الفارق بين الآخرين
رابعاً : التمجيد بالصلاة على محمد وآله هو التمسك بنهج المودة له والأقتداء به أبتداء لطلب الخير والجزاء من الله على القدر الممكن من العباد لخالقهم
خامساً : الوصول للرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) والتمسك بسنة أهل البيت ( عليهم السلام )  والأعتناق بهم فلهم سبل كالموالاة لهم والبراءة من أعدائهم أينما كانوا والتحلي بسيرتهم وهذا يعني الولاية لهم بصريح العبارة مع أختلاف التعبير عنها بالقوة والفعل ضمن أدراك المتلقي لها والفاني في تقواهم حباً وولاءً لهم
سادساً : تزكية النفس في طلب حسن المقام ودرأ الأتهام والأبتعاد عن الشبهات العظام والصلاة والسلام من روابط العزة والأقدام وكل أمرء يعمل على شاكلته دون قيد أو أبرام
سابعاً : تمجيد الصلاة على محمد وآله هو أحياء لذلك الممكن إما بذاته أوتجليات آلائه التي وهبها الله له رحمة لعباده
ثامناً : أداء السلام هو أثبات لموجود ما لكي يرد السلام على قائله لأن الرد واجب على سامعه فيما إذا أختص به دون قترانه من آخر
 بمعنى أدق إن السلام مستحب لكن رده واجب عيني وفيه الأجر والثواب لكليهما قال الله تعالى ( وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً ) آيه ( ٨٦ ) من سورة النساء
 تاسعاً : تلميح
إذا كان السلام مستحب من المؤمن ورده واجب من سامعه فحاشا لله أن وجب السلام ولايمتثل له الرسول محمد ( صلى الله عليه وآله ) لرده أياه إذا أن عدم الرد مخالفة صريحة للنص القرآني وأن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) معصوم هو وأهل بيته الطاهرين بنص آية التطهير من سورة الأحزاب
كل ممكن له نصول معنوية في الدنى لاتدرك وأخروية مادية سوف يحصل لها الأمتثال الجلي لنا بعد أتمام نعمه والتمسك بأجزائه  طاعة لله سبحانه وتعالى ولاءً لأنبيائه وأصفيائه وقد بان حيز لطفها وأن كان أدائها يستوجب حكم توقيفي
وأمتطاء الأمر الواقعي لمبدأ الأمام صفة للرسل وأقتداء لأوصيائه حيث أن الفيوضات الألهية واردة في عالم الأمكان لأثبات الحجج وأدراء اللجج
بهذا البحث البسيط قد تناولنا ثبوت الذكر ( صلى الله عليه وآله ) أو ( اللهم صل على محمد وآل محمد ) وصدور القول المتواتر
 إما بالنسبة  إلى  ثوابه والأجر على تلاوة الصلاة التامة ( صلى الله عليه وآله ) فلها مقامات عليا تتجلى في علم الله من الفضل والبركات لأنها أستهلالات الأيمان بالله والولاية لآل محمد ( صلى الله عليه وآله ) والبراءة من أعدائهم
هذا ونسألكم الدعاء لكم ولنا والله اللطيف الخبير
  
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم حسن كريم السماوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/04



كتابة تعليق لموضوع : في رحاب الصلاة على محمد وآله تجلياتها وتباينها مع السلام والرضوان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net