صفحة الكاتب : د . ليث شبر

الفوضى والطغيان
د . ليث شبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
"ماأسوأ المفاضلة بين الفوضى والطغيان" تلك كلمات لأستاذ الفلسفة والنقد والأدب واللغة الدكتور سعيد عدنان قرأتها على صفحته في الفيسبوك . وهي بلا شك تعبر عن واقع نعيشه، وفيها مداليل قمينة بالتحليل والتقييم.. فكثيرا مانسمع هذه المفاضلة من الناس، ونسمعها من كل الطبقات ؛ من المثقفين والكتاب والأدباء والأكاديميين ، ومن الأميين والجهلة والذين لم تسنح لهم فرصة التعليم . نسمعها من الأطباء والمهندسين، ومن الصناعيين والمزاعين . نسمعها من المعلمين والطلبة،ومن التكنوقراط المهنيين والسياسيين .نسمعها من الأغنياء والفقراء . ونسمعها من كل المذاهب والطوائف ،  ومن كل القوميات . نسمعها من الجميع في محافلنا الخاصة،  والمنتديات العامة. وهم جميعا يختلفون في أي الحقبتين أفضل..حقبة الطغيان التي مرت بظلامها وظلمها..أم حقبة الفوضى التي مازال أقطابها للآن يعيثون في البلاد فسادا وتدميرا .. وكل فئة تذكر محاسن أهلها وإن عزت وصغرت، فتقابلها الفئة الأخرى بمساوئها وهي كثيرة وكبيرة .
 
حقبتان في غاية السوء وكل منهما أسوأ من الأخرى لكننا مازلنا نفاضل بينهما وندافع عنهما فماذا يعني ذلك ؟
لاغرو أن علماء النفس والاجتماع أقرب الى تحليل هذه الظاهرة وتقييمها في المجتمع العراقي. لكنني هنا لا أريد سبر أغوارها، إنما أحاول أن أتبين الدلالات التي تدفعنا جميعا الى المفاضلة بين حقبتين سيئتين ؟
لعل من أهم دلالات ذلك أن مجتمعنا ينظر إلى ماضيه أكثر مما ينظر إلى مستقبله، وأنه لايثق بأن واقعا أفضل سيعيشه غدا او يعيشونه أولاده وأحفاده من بعده . ولعل مرد ذلك هذه الحروب والمعارك، والشحن الطائفي، والقتل اليومي، وفقدان قيمة العمل وقيمة الحياة التي عاشها مجتمعنا خلال المئة سنة الأخيرة. فعلى الرغم من أن تاريخنا البعيد زاخر بالحضارة إلا أنها لم تستطع أن ترفع من قوة الأمل او الإيمان الحقيقي بأننا نحن العراقيون يمكننا تحقيق التقدم من جديد.. إنها الثقة المفقودة بالمستقبل وبالنفس في صنعه.. وفقدان الثقة مرض اذا أصاب مجتمعا نخره من الداخل فلا تسمع الا القول والضجيج والجعجعة بلا طحين.. والمجتمعات التي تفقد الثقة بنفسها فهي بلا شك تفقد الثقة في قدرتها على إحداث التغيير فتطلبه من الخارج.. ولذلك نسمع أيضا بيننا من يطالب ب(( ديكتاتور عادل )) ليصب غضبه على الفاسدين وينصر المظلومين وهو قول فاسد أخرق لاصحة له، فهاتان صفتان متناقضتان لاتجتمعان في جوف واحد.. 
ومن الدلائل أيضا أن أهلنا مازالوا منقسمين بين حنين للماضي المظلم والظالم، وناصر للحاضر الفوضوي الفاسد. وكل له أسبابه، وكلاهما ؛ هذان القسمان من الناس، وهما الأغلبية في مجتمعنا، يدل سلوكهما على قلة الهمة والطموح فأحلامهم صغيرة كرؤوس العصافير أو اصغر منها.. 
وأهم الدلائل لهذا الفعل في نظري هو قلة الوعي والجهل المستشري، سواء أكان جهلا بسيطا أم مركبا أم ثلاثي الأبعاد. واذا كان النظام السابق قد أفشى الجهل بين الناس، فإن النظام الحالي قد أفشاه في أعلى مراكز السلطة وأكثرها تأثيرا في القرارات التي تمس هذه الشرائح كلها. فاختلط كل شيء بكل شيء.. المفاضلة بين النظام السابق والنظام الحالي تعيسة. فكلاهما سيئان، ولا يقوم بها إلا جاهل أو فاقد للثقة بنفسه أو بمجتمعه أو بقدرته على بناء مستقبل أفضل له أو لأبنائه.. 
النظام السابق انتهى وزال.. والنظام الحالي نهايته على الأبواب لايؤخر ذلك سوى التفاتنا الى الخلف والوراء وفقدان الثقة بمستقبل مشرق.. فيا أيها العراقيون تعالوا ننظر الى الأمام ونزيح الفوضى مثلما زحنا الطغيان، لنبني معا مستقبلا مشرقا ودولة كريمة متقدمة . والعراق من وراء القصد.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ليث شبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/20



كتابة تعليق لموضوع : الفوضى والطغيان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net