صفحة الكاتب : علاء كرم الله

قانون العفو العام/ حق أريد به باطل؟!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بتاريخ 25/8/2016 وافق البرلمان العراقي على أصدار قانون العفو العام، وسبق للبرلمان العراقي ان أصدر قانون للعفو العام عام 2008! أبان فترة رئاسة نوري المالكي للحكومة،
 والقانون بقدر ما أشاع الفرح والبهجة لدى عوائل الكثير من السجناء والمعتقلين الذين قضوا أكثر من سنة وقد وصلت عند البعض الى خمس سنوات في السجون! دون أن تعرض أوراقهم على قاضي التحقيق، ولا حتى يعرف ماهي تهمة أعتقالهم أو سجنهم أو توقيفهم؟!، وكذلك الألاف ممن كانوا ضحية قلم المخبر السري وفي الحقيقة ثبت أن غالبيتها أخبار كيدية!
 بالمقابل فأن قانون العفو العام الصادر أشاع حالة من الخوف والقلق بين عموم المواطنين عما ستؤول أليه الأوضاع الداخلية والأمنية في البلاد في ظل حالة من الأنفلات الأمني غير المسيطر عليه من قبل الحكومة، بعد أن علموا وتيقنوا بأن  قانون العفو العام شمل الكثير من جرائم  القتل والأختطاف والتسليب والتزوير والزنا بالمحارم والأختلاس وحتى تهريب الأثار!.
 وبقدر ما أثار صدور هذا القانون جدلا كبيرا في الشارع العراقي لكونه أنصف الكثير من المجرمين ووقف الى صفهم!، فأنه اثار لغطا كبيرا في أروقة المحاكم وسوح القضاء وبين المحامين وكل ذي اختصاص بشكل عام،
 وذلك لعدم وضوح الكثير من فقراته وبنوده التي حملت اكثر من وجه للتفسير! مما ترك الباب مفتوحا للتأويل والأجتهاد في تفسير ما المقصود بهذه الفقرة أو تلك!.
وبعيدا عن كل ذلك ورغم أني لا أفهم  في القضاء ولا أفقه شيء من القانون وأحكامه لأني لست مختص بذلك ألا أني وربما يتفق معي الكثيرين أرى بأن قانون العفو العام الذي صدر هو واضح ومقروء من عنوانه (عفو عام)! أي يشمل جميع المعتقلين والمسجونين وحتى من صدرت بحقهم الأحكام الغيابية!!
 بعيدا عمن يدافع بوجود أستثناء هنا لهذه الجرائم وأستثناء هناك من تلك الجرائم! وما الأستثناءات أن وجدت فهي تأتي من باب ذر الرماد في العيون! وهي أستثناءات مرنة يمكن الألتفاف حولها!! حيث لم ي يبق القانون جريمة ألا وتم شمولها بالعفو!!؟
 وقد كتب الكثير من المختصين في مجال القضاء والقانون عن قانون العفو العام وما ورد فيه من قرارات خاطئة ، كما ناقشه بأسهاب الكثير من السياسيين ومن رجال القانون في ندوات خاصة عبر الفضائيات، وسأختصرهنا بعض ما ورد بمقال/ الدكتور المحامي عبد القادر القيسي/ أحد الذين كتبوا عن قانون العفو العام وعنوان مقاله:( تأويلات ومطبات قانونية في قانون العفو العام) والمنشور على موقع صوت العراق بتاريخ 29/8/2016
 وبالأمكان الرجوع أليه: ((( صدر القانون بحلة غير لائقة كونه صدر بصيغة تغطي على جرائم لا تستحق العفو منها: جرائم الأختلاس وسرقة أموال الدولة وأهدار المال العام عمدا بعد تسديد المبلغ المختلس بدون حتى مضاعفته!، وأستثنى القانون جريمة الرشوة، مع العلم أن عقوبة الأختلاس أشد من الرشوة حسب قانون العقوبات النافذ.
 كذلك شمل القانون جريمة الأتجار وحيازة وأستعمال الأسلحة الكاتمة للصوت ذات التصنيف الخاص وجرائم الأتجار بالبشر والأغتصاب واللواط والزنا بالمحارم وجريمة الأتجار بالمخدرات وجريمة غسيل الأموال، من خلال دفع مبلغ عشرة آلاف دينار عن كل يوم سجن عن المدة المتبقية!.
 كما شمل بالعفو بدون دفع أي مبلغ جريمة أتلاف الأثار والأتجار بها أو وقوع الضرر عليها!، كما شمل العفو جرائم التزوير وجريمة التعذيب، وتلك الجرائم بمجملها تعد أخطر من جرائم الأرهاب.
 وكذلك شمل العفو جرائم الخطف التي لم ينشأ عنها موت المخطوف أو لمجهولية مصيره أو أحداث عاهة مستديمة فيه، ولم تنص على أرجاع المبلغ المالي الذي قد يكون قد تم دفعه ذوي المخطوف عند أعادة المخطوف!،
 أعتبر القانون نافذا من تاريخ أقراره في مجلس النواب! وهي حالة لم يألفها القانون العراقي، وكان الأفضل اعتباره نافذا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية/ المقصود جريدة الوقائع/ كما أن القانون لا يعتبر نافذا ألا بعد أن يصادق عليه رئيس الجمهورية أو يعتبر كذلك بعد خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها وبذلك لا يمكن أعتبار القرار نافذا خلافا للدستور.))
 الى هنا أنتهى أبرز ما جاء بمقال الدكتور عبد القادر القيسي. وكذلك يمكن أيضا  تصفح موقع الدكتور هشام الهاشمي الخبير بقضايا الأرهاب على الفيس بوك حيث أدرج شمول قرابة 71 جريمة بقانون العفو العام!!.
 وبغض النظر عن كل ما ورد في القانون من ملابسات وتأويلات وغموض وعدم وضوح وبغض النظر عن كل المعترضين عليه والمنتقدين لصياغة فقراته وبنوده والتي أعلنوها وناقشوها عبر الفضائيات، ولكن في النهاية أريد ما أريد لهذا القانون أن يصدر رغم كل الملاحظات المنطقية التي أوردها الباحثون والمختصون، ذلك القانون الذي أنصف كل المجرمين وصيغت فقراته وبنوده من أجلهم لا من أجل المظلومين من السجناء والمعتقلين!؟.
 أقول لا عجب أن يصدر من برلماننا العتيد! والذي يعد من أسوء برلمانات العالم!! مثل هكذا قانون أثار بفقراته وبنوده لغطا كبيرا ونقاشات حادة لكونه أنصف المجرمين وذوي السوابق واطلق سراحهم!،
 وكيف لا وأعضاء برلماننا الذين جعل الله بئسهم فيما بينهم!! لا تمر جلسة برلمانية ألا وتراشقوا بالسب والشتم وتعاركوا بالأيدي والأرجل!، وهذا العضو البرلماني يتهم ذاك العضو بالفساد وتلك البرلمانية تسقط قناع الزيف عن زميلتها متهمة أياها بشتى الأتهامات!،
 حتى تفاجئنا أخيرا ومعنا العالم أجمع  بأنه حتى رئيس البرلمان متهم بالفساد في أكبر فضيحة فجرها وزير الدفاع السابق (العبيدي)!! فأي برلمان هذا وأية قرارات وقوانين تخرج من بين جنباته!!.
 المؤلم في صورة المشهد العراقي عامة والسياسي على وجه التحديد، هو أن الحكومة العراقية لا تمتلك أية سيادة وطنية عراقية خالصة  في أية قرار تأخذه أو تصدره!؟،
 فالعراق ومنذ 13 عاما صار لعبة تتقاذفها مصالح أمريكا ومصالح دول الجوار والدول الأقليمية التي تدخلت بكل صغيرة وكبيرة بالشأن العراقي ولا زالت! وكم من مرة صدرت قرارات وصيغت قوانين بصفقات سياسية ومصالح حزبية وفئوية ضيقة وبتأثيرات خارجية!! بعيدا عن مصلحة الوطن والشعب.
 وفي ظل هذه الفوضى التي يعيشها العراق بكل مناحي الحياة وفي ظل غياب واضح للقانون وسيطرة المليشيات والعشائر على الشارع العراقي، فلا يستبعد أن يكون صدور قانون العفو العام  المثير للجدل والشك بأن وراءه صفقات وأتفاقات سياسية وحزبية داخلية و خارجية وأقليمية ودولية! فهو قانون حق ولكن أريد به الباطل!!.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/16



كتابة تعليق لموضوع : قانون العفو العام/ حق أريد به باطل؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net