صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

أُسُسُ الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ في خِطابِ الإمام السجاد
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

استشهد الحسين السّبط (ع) يوم عاشوراء (٦١ للهجرة) في كربلاء ليحمل علي بن الحسين زين العابدين  (ع) رسالة الإصلاح الحسينيّة بمنهجيَّةٍ جديدةٍ وأدواتٍ مختلفةٍ، إِعتمدَت الحرب النَّفسيّة والاعلام الرّسالي، تكاملت مع الدّمِ الطاهر الذي أُريقَ من نحور الشُّهداء في يَوْمِ عاشوراء.

ولقد وظَّفَ خطابُ الإمام السجاد كلَّ أسس الحرب النّفسيّةِ وأدواتها بشكلٍ دقيقٍ، منذ لحظة استشهاد الامام وحتى وصولِه الى مدينةِ جدّه رسول الله (ص) المدينةِ المُنوّرة، مروراً بالكوفةِ فالشّامِ فكربلاء، فجاءَ مؤثِّراً ليس في واقعهِ آنئذٍ فقط وانّما الى اليومِ، بل انّهُ خطابٌ يتجدّد كلَّما ذُكر على لسانِ خطيبٍ او اطّلعَ عليه باحثٌ أو قارئ.

انّ جوهر الحرب النفسيّة يسعى لتحقيق هدفين أساسيَّين:

الهدف الاوّل؛ هو تقوية معنويات جبهة، بالتّحدّي وتبيان الحقائق.

والهدف الثّاني؛ هو تدمير معنويات جبهة أُخرى، بالصّدمةِ والفضحِ والكشفِ.

ولكلا الهدفين أدوات وشروط ينبغي خَلْقَ ظروفِها المناسبةِ لتحقيقهما.

كان الهدف من الحرب النفسيّة هو تقوية وتثبيت جبهة النّهضة الحسينيّة ومن والاها على كرورِ اللّيالي والايام، للحفاظ على عاشوراء وكلُّ ما يتعلّق بها من شخوص ومنطلقات واهداف آنيّة وبعيدة المدى، او ما يُصطلح عليهِ بالأهداف التكتيكيّة والاستراتيجيّة، فيما كان الهدف الثّاني هو تدمير وتحطيم جبهة الأمويّين ومن والاهم، كذلك على كرورِ اللّيالي والايّام، وانّ ما نراه الى اليوم من اندفاع انصار الحسين (ع) وشيعتهُ ومواليه ومحبيه مع حلول الذّكرى كلّ عام، الى جانب تمدّد انتشارها وتأثيرها في كلِّ بقعةٍ من الارض، وفي المقابل انحسار وانكماش شيعة آل ابي سفيان بنفس قدر اندفاع الجبهة الاولى، أكبرُ دليلٍ على نجاح الخطاب السجادي في إنجاز الحرب النفسية التي بعثت روحاً وأماتَت أُخرى، منذ لحظة إدلاءه بذلك الخطاب النّاري في مجلس الطّاغية يزيد في الشّام والى اليوم والى يَوْمِ يُبعثون.

ولذلك نقول أن خطاب الإمام في 

مجلس الطاغية يزيد قد رسم معالم 

الطريق وأوضح المنهج والسبيل للناس التي لم تعد تميز بين الحق والباطل خاصة بعد غياب المفاهيم الدينية لديها حتى صار الحاكم غير الشرعي -الذي لا يمتلك أدنى درجات الإيمان فضلا عن الإسلام - هو ممثل الله وخليفته على الأرض مع ما عليه 

من السلوك المعوج والممارسات السلبية ونبذه شريعة المصطفى (ص) خلف ظهره بحيث لم تكن لتعنيه قواعد الدين والعلم والأخلاق والقرآن وإنما ما يصبو إليه فقط هو 

التشفي والقتل والسبي والإنتقام من النبي الأكرم ثأرا لأجداده المشركين المقتولين بسيف محمد وعلي في بدر 

وأحد . وهذا ما كان يركز عليه الطاغية الذي أوغل في سفك الدماء الطاهرة لبني هاشم  ذرية محمد (ص) من اجتثاث الفرع المحمدي والرسالي المتمثل بالإمام الحسين (ع) ، فكانت شهادة الأمام الحسين 

على يد هؤلاء الفجرة كفيلة بسقوط العرش الأموي الوهمي وخاصة بعدما فجر الإمام زين العابدين الثورة في داخل النفوس بعد إلقاءه الخطبة الصاعقة في مجلس يزيد  والتي كشف من خلالها الصورة الحقيقية لأهل البيت ومناقبهم بعد أن ألفت منابر بني أمية استخدام لغة الطعن والسب والشتم والتشويه في حقهم 

صلوات الله عليهم. ولكي تعلم الناس 

من خلال طرح الإمام حقيقة البيت الأموي وسياسته الحاقدة تجاه كل أتباع أهل البيت (ع).

أراد الإمام (عليه السلام) من هذا إثبات أنهم أهل التوحيد وأبناء العبادة لا كما أشاعه بنو أمية ومنهم ذلك الخطيب اليزيدي .أن الحج ميراثٌ إبراهيمي ، والمسلمون عرفوا هذه المناسك متّحدة ممزوجة باسم النبي إبراهيم (عليه السلام) ، والإمام بهذا يريد أن يبين أنهم (عليهم السلام) ذرية إبراهيم الخليل .أراد بهذا أن يقول إننا ذرية من أحيا هذه الشعيرة الإبراهيمية وهو رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

وتعريف الإمام (عليه السلام) بالنبي (صلى الله عليه وآله) والإشارة إلى فضائله ليس إلاّ ليعلم أهل الشام المغرر بهم أنّ هؤلاء الأسرى هم أبناؤه ، وإلاّ فأهل الشام يعرفون من هو النبي (صلى الله عليه وآله) ،ثم انتقل الإمام السجاد للتعريف بأكير المؤمينن  ومناقبه ،

بسبب ما أشاعه معاوية من الطعن في شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام) ، اضطر الإمام (عليه السلام) للتعريف بجده والإكثار من ذكر فضائله وما نعته به الوحي والنبي (صلى الله عليه وآله) ، فكانت هذه الفرصة القصيرة كافية للتعريف بأمير المؤمنين (عليه السلام) .

بعد ذكر نسبه والتعريف بآبائه الطاهرين ، أخذ الإمام السجاد (عليه السلام) في بيان مظلومية أبيه الحسين (عليه السلام) وكيف استشهد ظلماً وجوراً ، والتي بدورها فتحت أفق النظر عند الشاميين وتغيير المعلومات المغلوطة التي رسمها معاوية طوال 40 سنة تسلّط فيها على بلاد الشام ، وهذا ما دعا بيزيد (لعنه الله) ليدفع بالمؤذن ليقطع على الإمام (عليه السلام خطبته) وكان يعلم بذك حيث قال : "لا ينزل إلا بفضيحتي وفضيحت آل أبي سفيان".

وفعلا فضح الإمام المنهج الأموي الحاقد والفاسد ولم تستطع المحاولات القمعية من إسكات صوت

الإمام السجاد بل مضى على ما مضى عليه أجداده الطيبين الطاهرين فقد لعب دورا كبيرا وبارزا في خلق الثورات الحسينية التي كانت السبب 

المباشر في القضاء على حكومة بني أمية مما أدى الى استشهاده بالسم فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد

ويوم يبعث حيا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/27



كتابة تعليق لموضوع : أُسُسُ الحَرْبِ النَّفْسِيَّةِ في خِطابِ الإمام السجاد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net