صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

متى نلحق بهم ؟
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اتعبتنا المقارنة بين ماضينا وحاضرنا وصارت كتاباتنا بكاءا على الاطلال ..فاذا تحدثنا عن الانتصارات والوحدة الوطنية ، فلابد ان نستحضر ذكرى امجادنا الغابرة ، واذا ازعجتنا سلوكيات العصر ، استذكرنا قيم الاجداد واخلاق الآباء ، اما اذا احبطنا المستوى الذي هبط اليه التعليم في العراق ، فلابد ان تقفز الى ذاكرتنا صور معلمينا ونتحسر بشغف على اساليبهم في التدريس والتعامل معنا ..اتعبتنا المقارنة ايضا مع الدول الاخرى ، ففي الوقت الذي اعتمد فيه التعليم في الخارج على دروس التحاور والتمثيل واستخدام الحاسوب ، مازال على طلبتنا ان يحفظوا مناهجا دراسية صماء دون فهم او تركيز احيانا ، وبينما يجد الطالب في الخارج فسحة لممارسة الرياضة والنشاطات الفنية والثقافية واللعب ، يعكف الطالب العراقي على مطالعة الملخصات والاستعانة بالمدرسين الخصوصيين لسد ثغرة سوء ايصال المواد له او ضياع الفترات المحددة للدراسة في اصناف مختلفة من العطل الرسمية والدينية والمبتكرة ..

ولأن المقارنات توجع القلب وتضاعف عدد الحسرات ، لابد اذن ان نتحدث عن الطالب العراقي بمعزل عن هذه المقارنات ، فهو من الطلبة القلائل الذين اضاعوا ويضيعون بسهولة سنوات كاملة من حياتهم في انتظار اعادة ترميم مدارسهم كما يحدث مع الطلبة العائدين الى المناطق المحررة من داعش ، وهو الطالب الوحيد ربما الذي مازال ينتظراستكمال حصوله على حصة كاملة من كتب المناهج الدراسية بعد ان فشلت وزارة التربية في سد حاجة المدارس الى الكتب ليصبح الطالب واهله مجبرين على شرائها من الاسواق وباسعار خيالية ..

اذكر انني جبت الاسواق في اواخرالتسعينات للحصول على كتب لاطفالي بعد ان اصبح الحصار الاقتصادي ذريعة لطبع حصص اقل والاعتماد على الكتب المسترجعة من الطلبة بعد كل عام دراسي ..وقتها ، وجدت الكتب مكدسة في شارع المتنبي وباب المعظم وفي اسواق اخرى وكانت جديدة ومطبوعة حديثا ، ولما تعقبت مصدرها تبين ان مدراء المدارس ومخازن الكتب في وزارة التربية يقومون ببيعها الى التجار لتصبح بضاعة مطلوبة ..واليوم ، وبعد كل هذه السنوات ، مازالت المشكلة قائمة بل تطورت الى لجوء اصحاب المطابع الاهلية التي تطبع الكتب المدرسية الى بيع جزء كبير منها الى تجار السوق السوداء في مخالفة صريحة للعقود المبرمة بينها وبين وزارة التربية ، عدا مايتسرب من تلك الكتب عن طريق ادارات المدارس ، والفائدة متبادلة بينهم وبين التجار ، اما الطلبة ، فهم المسؤولون عن استكمال حصتهم من الكتب بأية وسيلة كانت ، حتى ولو باستنساخها ، وعن اكمال المناهج قبل الامتحانات النهائية حتى لو لم يسعفهم الوقت لذلك ،وهم من يرتضون الدراسة في مدارس تنقصها اهم الخدمات والاساليب التربوية الحديثة ، ويواجهون ظروفا معيشية ونفسية واجتماعية تجعل الدراسة ترفا احيانا ..

يقول مالكوم اكس " ان التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل ، لأن الغد ملك لاولئك الذين يعدون له اليوم " ..ولأننا نعد له اسوأ اعداد فلن نمتلك الغد ولن يحصل طلبتنا على جواز سفر للمستقبل ،وسنظل نراوح في مكاننا بينما يعدو الآخرين في سباق التقدم ...فمتى نلحق بهم ؟...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/30



كتابة تعليق لموضوع : متى نلحق بهم ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net