مدرسة _عاشوراء /٢٣/ أسرار النهضة وتوعية الأمة
السيد ابراهيم سرور العاملي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عاش الإمام زين العابدين (عليه السلام) المحنة القاسية التي عاشها أبوه الإمام الحسين (عليه السلام) أيام حكومة معاوية ويزيد، وشاركه في آلامه وشجونه، وكان من أشق ما عاناه الإمام الحسين في تلك الحقبة السوداء أنه رأى السياسة الأموية قد اتجهت في مسارها إلى ضرب الإسلام، وإبادة ركائزه وقواه، والعمل على انحطاط الإنسان المسلم وشل نشاطاته الفكرية والعقلية، والحيلولة بينه وبين مبادئ دينه العظيم، ولم يستطع الإمام في أيام عاوية أن يفجر ثورته الكبرى، وذلك لعلمه بفشله وعدم استطاعها على تغيير الأوضاع القائمة في البلاد، لأن معاوية كان يتمتع بدبلوماسية قوية وحكمة يستحيل التغلب عليه، وإفشال مخططاته، ولكن لما هلك هذا الطاغية، وتسلم من بعده يزيد مقاليد الحكم رأى الإمام الحسين (عليه السلام) أن واجبه الديني يقضي عليه بمناجزة يزيد وإسقاط حكومته حفظا لمصالح المسلمين، ورعاية لحقوقهم، ووفاء لمبادئ دين جده العظيم فأعلن (عليه السلام) ثورته الكبرى التي أوضح الله بها الكتاب، وجعلها عبرة لأولي الألباب، ونعرض - بإيجاد - إلى لقطات من تلك الثورة، ومات رافقها من الأحداث المروعة والتي كانت بمرأى ومسمع من الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وبالرغم ما كان يعان من شدة المرض إلا أنه استوعب جميع فصول تلك المأساة بإحساسه المرهف، وعاطفته اليقظة، وفيما يلي ذلك.
اتخذ الإمام زين العابدين (عليه السلام) بعد شهادة أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) في فاجعة كربلاء أسلوب (الجهاد الهادئ) ضد الظلم والطغيان، والجهل والكبت.
وقد كان لهذا الأسلوب الحكيم في تلك الظروف الحرجة آثاراً مباركة كثيرة، منها النهضة الثقافية والعاطفية في سبيل توعية الأمة.
فزين العابدين (عليه السلام) سعى جاهداً، سواء كان في ساحة كربلاء، أو الكوفة، أو في طريقه إلى الشام، وفي الشام نفسها أيضاً إلى جذب عواطف الناس وإحياء ضمائرهم لمعرفة ما جرى من ظلامة على أهل بيت الرسالة (عليه السلام) الذين يمثلون الإسلام من قبل طغاة بني أمية الذين يدعون الإسلام كذباً وزوراً، وذلك عن طريق:
أولا: النهضة الفكرية والثقافية: حيث وجه الإمام (عليه السلام) أنظار الناس إلى الهدف السامي الذي قام من أجله أبوه الإمام الحسين (عليه السلام) وضحى بنفسه وأولاده وأهل بيته وأصحابه الكرام في سبيله، وهو إحياء الإسلام، والوقوف أمام المؤامرات التي أرادت القضاء على الإسلام، وأن يعيش الإنسان حراً كما خلقه الله، من دون أن يستسلم للظلم والاستبداد ولا يخنع للجور والطغيان، وأن لا تكون أزمة الأمور ومصير الشعوب بيد حاكم ظالم مستبد.
وفي الواقع إن الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السلام) لم يكن مخالفاً ليزيد بن معاوية فقط بل كان مخالفاً لجميع الظلمة الفاسدون والمفسدون في كل زمان ومكان، كما أراد للإنسان بما هو إنسان أن يعيش سعيداً حراً، في أي زمان ومكان، سواء كان مؤمناً أم كافراً.
ثانياً: النهضة العاطفية: فبالقدر الذي كان قيام سيد الشهداء (عليه السلام) مؤثراً في إحياء الإسلام والقرآن الكريم.. كذلك فإن استمرار وبقاء تلك النهضة له نفس التأثير في استمرارية المفاهيم الإسلامية وشريعتها، وربما كانت أهمية العلة المبقية أكثر من العلة المحدثة على اصطلاح الحكماء، فإذا لم تكن عملية استمرار النهضة المقدسة للإمام الحسين (عليه السلام)، فان تلك النهضة سوف تحجم وتحد بزمانها وتنسى وربما تحرف وتغير عن واقعها الموجود عبر الإعلام المزيف والكاذب، حالها حال الكثير من النهضات والحركات الأخرى، ولكن عملية استمرار النهضة جعلتها حية وخالدة في كل عصر وزمان بكل تفاصيلها وأحداثها.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
السيد ابراهيم سرور العاملي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat