أقسام الرجال أربعة:
فرجل يدري ويدري انه يدري ـــ فذلك عالم فاعرفوه
ورجل يدري ولا يدري انه يدري ـــ فذلك غافل فأيقظوه
ورجل لا يدري ويدري انه لا يدري ـــ فذلك جاهل فعلموه
ورجل لا يدري ولا يدري انه لا يدري ــــ فذلك أحمق فاجتنبوه
الاحمق هو الذي يدفع الخير عن نفسه ، فتضيع منه الفرص التي لا يُحسن استغلالها. فيظن في نفسه الذكاء فيصبح مرضا يُلازمه فتكون حالة مزمنة متصلة من الاحباطات المتكررة فلا هو يسمع نصيحة من أحد لاستبداده برأيه ، ولا هو يأخذ باقتراح أو رأي وذلك لأن غرور الأحمق يُصاحبه التعنت والعناد ، حتى تُستحكم فيه وتُستغلق الأراء عليه فلا يعرف لها وجه لأن عقله يبقى يدور في داخل قحفه يصده عن سلوك مسالك الحلول الناجحة لمشكلته وكلُ من يُحاول أن ينتشل الأحمق من هذا الواقع سيُصاب الخيبة والعناء لابل ستُهدم كل الآراء والحلول المقدمة لهُ.
والمشكلة الأكبر أن امثال هؤلاء يضعهم القدر بيد من يشعرون بالمسؤولية ممن وهبهم الله ذكاءا وحكمة فيُحاولون ان ينتشلوهم من حيرتهم ويُقدمون لهم افضل الحلول لمستعصيات مشاكلهم ولكنهم يرفضون ذلك تعنتا منهم إلى أن تقع الفأس برؤوسهم فتفتح مسلكا في عنادهم وتُعيدهم إلى جزء من صوابهم ، فينفذ المخلصون من هذا الجزء لحلحلة عنادهم المزمن ، فيعترفون برجاحة الرأي وصوابية الاقوال ، ولكن كما يُقال فإن العرق دسّاس حيث ترتطم كل هذه الحلول المخلصة على أساس المشكلة وهي (الحماقة) التي قال عنها الشاعر لكل داء دواء يُستطب به ــ إلا الحماقة أعيت من يُداويها.
وخير طريقة لمعرفة حماقة الرجل أو المرأة هو أنك ترى فيهم أمور دائمة التكرار وهي : الثِّقة بكلِّ أحد .وتدخله وكلامه في ما لا يعنيه ، وجوابه عما لا يُسال عنه، وتسرعه أو تهوره في الأمور. يظلمك إذا أنصفته ويتكلَّم مِن غير منفعة، ويفشي السِّرَّ ولا يفرِّق بين عدوِّه وصديقه.
ويتكلَّم ما يخطر على قلبه ويتوهَّم أنَّه أعقل منك ، ينتقد عيوب الناس ثم يرتكبها.يعرف الصواب ولا يعمل به.
والعاقل يجب عليه مجانبة مَن هذا نعته ومخالطة مَن هذه صفته؛ فإنَّهم يجترئون على مَن عاشرهم ويفشون الاسرار ويهتكون الاسرار، ولا عوقب الأحمق بمثل تجنبه والسكوت عليه.
ولعل من غرائب الأمور أن يؤلف الفقيه المحدث والمؤرخ ابو الفرج ابن الجوزي كتابا اطلق عليه (اخبار الحمقى والمغفلين) فأورد فيه أدلة على أن الحماقة ليست في البشر فهي أيضا في الحيوان والطيور والنبات أيضا. وذكر فيه اخبارا وقصصا على ذلك.
والحماقة عادة ما تكون في صغار الناس من كان وضيعا منهم، أما إذا اصبح الأحمق سياسيا كبيرا او ذو مرتبة ووظيفة عالية فيُقال له أرقع (رقيع) لأن الرقاعة حُمْقٌ مع رِفْعَةٍ وعلوِّ رتبة مثل أن يكون سيداً في قومه او رئيسا او وزيرا او غنيّا فهذا لا يُقال له احمق بل يُقال له (رقيع) لأن الأحمق لا يضر إلا نفسه ولربما اضر بحماقته بعض من يُحيطون به ، أما (الرقيع) فضرره كاسح لربما تسبب في انهيار دولة أو خراب اقتصاد ، والرقاعة هي حماقة زائد سماجة وقلة حياء . والأنكى والافضع من الحمقى والرقعاء هو (النوكي) (1) الأحمق الغبي لأن النوكي يُصاحب الحمقى ويولي عليه الرقعاء فتصور حاله وحال من يكون معه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- قال الشاعر : ودَاءُ الجِسْمِ مُلْتَمَسٌ شِفاهُ ـــ وداءُ النُّوكِ لَيسَ له دَواءُ
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat