صفحة الكاتب : صفاء ابراهيم

الا تصلون اولا؟؟؟
صفاء ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 المثل العراقي المعروف( يعلم عالصلاة وما يصلي) له قصة طريفة جدا مازال العراقييون يتداولونها شفاها كلما جرى على السنتهم
في العصر العثماني كان هناك شخص معروف بالصلاح اسمه ابن الراوندي وكان من صلاحه وتقواه ان خصص جزءا من وقته لتعليم الصلاة للفتيان  الصغار وكان يحضر يوميا في مسجد المحلة من اذان العصر وحتى اذان المغرب وتلتف حوله حلقة واسعة من الاطفال والفتيان اليافعين الذين يعلمهم احكام الصلاة  وشروطها واركانها ومبطلاتها وانواع القراءات وكيفياتها والاراء الفقهية المتعلقة بذلك وكان بسبب هذا العمل النبيل يحضى باحترام وتقدير كل اهل المحلة وثنائهم عليه في كل وقت ومكان
ذات يوم غاب ابن الراوندي وعلى غير العادة عن حضور درسه اليومي فتعجب اهل المحلة ومرتادي ذلك المسجد من الصبيان الذين تعودوا حضوره يوميا بينهم وازداد استغرابهم عندما غاب لليوم الثاني ايضا ,الامر الذي اثار في اذهانهم الكثير من التساؤلات
 في صبيحة اليوم الثالث اتفقت كلمتهم على الذهاب الى منزله للسؤال عنه والاطمئنان عليه , ظرقوا الباب ففتحته امه العجوز, سالوها عنه فاخبرتهم انه مريض من يومين, وسالتهم عما اذا كانوا بحاجة الى شيء ما لتخبره او تدخلهم عليه  لرؤيته , قالوا لها : نعم نحن نريد منه ان يتعافى ليعود ويعلمنا احكام الصلاة كما كان يفعل من قبل
فغرت المراة العجوز فاها علامة لاستغرابها وقالت لهم : اكيد انتم مخطئون يا ابنائي لانه ولدي الذي ربيته طيلة هذه السنوات الثلاثين وبحياتي لم اره يصلي ولا مرة واحدة!!!!!
بالتاكيد ان قصة هذا المثل تتناول موضوع النفاق والتظاهر بامر غير موجود في الواقع ولربما تختص بان يظهر شخص ما امرا ويبطن اخر يناقضه تماما  وقد يقال هذا المثل لمن ينهي الناس عن اتيان شيء وهو يأتيه ويدعوهم لعدم فعل شيء وهو يفعله وكما قال الشاعر
لا تنه عن خلق وتأتي مثله.................... عار عليك اذا فعلت عظيم
وكعادتي في ربط الامور بعضها وكما يقال في العراق( وين الرباط) اجد ان هذا الامر ملموس جليا وبشكل واضح في ردود الفعل العربية والدولية تجاه ما يحدث في سوريا من مذابح والام
خمسة اشهرمن القتل واراقة الدماء والتنكيل وتعذيب المعتقلين حتى الموت والسجون التي غصت بالابرياء ولم يفتح حاكم عربي فمه بكلمة واحدة
الفي شهيد  والاف الجرحى والمصابين وعشرة الاف معتقل ومثلهم من الفارين الى تركيا ولبنان ولم نر او نسمع موقفا من حكومة عربية واحدة  يعبر عن رفض هذه الهمجية  وادانتها ولا حتى من باب اضعف الايمان
 
لم نر شعبا مسالما ينشد حريته قبل اليوم ويقتل بهذه الوحشية والقساوة ولم نر سكوتا مخزيا مثل هذا السكوت
لاجامعة الدول العربية ولا الحكومات العربية ولا الانظمة الحاكمة ولا الحاكمين ولا المسؤلين ولا اصحاب  الراي ولا ورجال الدين, لم نر احدا رشح جبينه عرقا لما يحدث من ماسي في سوريا طيلة الشهور الخمسة الماضية فما الذي حدث الان؟
في غضون اربع وعشرين ساعة حدث ما يلي:
الجامعة العربية تعبر عن قلقها
الكويت تعبر عن ادانتها وتدعو للاصلاح السياسي في سوريا وتسحب سفيرها للتشاور
الملك السعودي ينتقد اعمال العنف  ويدعو لاصلاح حقيقي !!!ويستدعي سفيره للتشاور
البحرين تستدعي سفيرها لنفس الغرض
وزير خارجية مصر يحذر من تداعيات الاحداث وبلوغ الامر في سوريا نقطة اللاعودة
نستطيع هنا ان نقرأ ان هناك مشروع ضربة امريكية اطلسية مؤكدة ضد سوريا تحت غطاء اممي هزيل وبذريعة حماية المدنيين كما يحدث الان في ليبيا , فمن المعروف ان امريكا وحلفائها اذا ما ارادوا ضرب دولة عربية حركوا عملائهم في المنطقة ليكونوا راس الرمح في تلك الضربة من اجل اعطاء الامر  صبغة شرعية ولتقليل الاحتقان الذي قد يشهده الشارع العربي بسبب ذلك وهذا ما نلاحظه الان في المشاركة الرمزية للامارات وقطر في العمليات الجوية التي يقودها الناتو فوق ليبيا وما لاحظناه من قبل في المشاركة الرمزية السورية والمصرية والمغربية والخليجية في حرب عاصفة الصحراء التي ادت لاخراج  القوات العراقية من الكويت عام1991
ونستطيع ان نستغرب هنا ايضا لان الدعوات للاصلاح  والديمقراطية قد صدرت من انظمة مستبدة لها سجل حافل في الظلم وانتهاكات حقوق الانسان
البحرين التي  يعين الملك نصف برلمانها  ويحكمها نظام ملكي وراثي لا يقيده دستور ومازالت الى الان تشهد تظاهرات شعبية تطالب بالاصلاح والديمقراطية ولم تستطع كل اساليب  القتل والقمع والاعتقالات وتكميم الافواه  وهدم المساجد واغلاق الصحف وحل الجمعيات من اخمادها ورغم الدعم الخارجي  الذي تلقته لاتصلح ابدا لان تدعو للاصلاح والديمقراطية في سوريا
الكويت التي يعيش  نصف سكانها بدون هوية ولا يتمتعون باي حقوق او امتيازات ولا يحق لهم المشاركة السياسية او العمل او التملك العقاري ويحكمها نظام وراثي تهيمن فيه العائلة الحاكمة على كل مقدرات الامور ويحل فيه الامير مجلس الامة كلما اراد ان يستجوب شقيقه ( رئيس الوزراء مدى الحياة )لا تصلح ابدا لان تكون منادية بالديمقراطية والاصلاح في سوريا
نظام الحكم  الملكي الثيوقراطي العتيق في شبه جزيرة العرب الذي غير اسم البلاد الى ( السعودية) ويسيطر عليه امراء ال سعود بمعاونة الفكر السلفي الوهابي المتخلف ويحكم حكما مطلقا دون دستور ودون احترام لابسط مظاهر حقوق الانسان والحريات الاساسية لا يصح ان يكون مناديا بالديمقراطية والاصلاح في سوريا
نحن مع الحرية للشعب السوري لانه يستحقها فعلا ونحن مع  ايقاف الة القتل السلطوية عند حدها ونحن مع ايقاف نزيف الدماء ونحن مع تغيير النظام البعثي الدكتاتوري الذي مازال يحكم البلاد منذ خمسة واربعين عاما بالحديد والنار لكننا لا نقبل الدعوات للاصلاح من انظمة فاسدة ولا نستسيغ الدعوات للحرية  من انظمة لا تؤمن بها و لا نرتضي الدعوات للديمقراطية من انظمة دكتاتورية مستبدة
فليصلحوا  انظمة حكمهم وليعطوا شعوبهم شيئا من حرياتها وحقوقها المسلوبة 
وليصلوا اولا قبل ان يأتو ليعلمونا الصلاة 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/13



كتابة تعليق لموضوع : الا تصلون اولا؟؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net