صفحة الكاتب : عبد الرحمن اللامي

رحلة الإصلاح الحسينيّ
عبد الرحمن اللامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يوم عاشوراء من أعظم الأيام في التاريخ الإسلامي، ففي العاشر من محرّم الحرام من سنة 61 هجرية حدثت الفاجعة العظمى والمصيبة الكبرى حينما اصطفّت عشرات الألوف من الفرسان المدجّجين بالسلاح لإسكات صوت الحقّ المتمثّل بالإمام الحسين (عليه السّلام) الذي قال كلمته المشهورة: «إنّي لم أخرج أشِراً ولا بَطَراً ولا ظالماً ولا مُفْسِداً إنّما خرجتُ لطلبِ الإصلاح في أمّة جدّي»
وبالغ بنو أميّة في قمعهم للثورة الحسينيّة فارتكبوا أبشع الجرائم حينما تكالبوا على ريحانة خاتم النبيّين وسيد شباب أهل الجنة أجمعين بضربه بالحجارة والرماح والسهام حتى أثخنوه بالجراحات وأخذه نزيف الدم فوقف ليستريح فجاءه مالك بن نسر فضربه بالسيف على رأسه، ومن ثمّ بدر إليه الشمر الملعون، وطعنه واحتز رأسه المقدس.
لم يكتفِ القوم بذلك بل حزّوا كلّ رؤوس الشهداء حتى الطفل الرضيع كما في بعض الروايات، ثمّ سلبوا الأجساد الطاهرة فأخذوا قميص الحسين وعمامته ونعله وخاتمه، ثمّ رضّوا جسده الطاهر بحوافر الخيل، وتركوه عارياً على الرمضاء، من غير غسل ولا كفن، ثمّ طافوا برأسه الشريف ورؤوس أصحابه وأهل بيته التي بلغتْ اثنان وسبعون رأساً على أسنّة الرماح واستعرضوها مع السبايا من بني هاشم في الكوفة ثمّ ساروا بها إلى الطاغية يزيد بن معاوية في بلاد الشام.
إذن كان هدف الإمام الحسين (عليه السّلام) هو إصلاح ما زاغ وانحرف من منهج ورسالة جدّه خاتم النبيّين (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقد انحسرت مكارم الأخلاق التي جاء الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لغرسها وإثباتها، واندثرت معالم الدين الحنيف، وماتت قيم العدالة الاجتماعيّة، وانقلبت قيادة الأمّة الإسلاميّة الى ملكٍ عضوض يتوارثه بنو أميّة مجرمٌ الى فاسقٍ الى نزِقٍ الى عُتُلٍّ الى زنيم..
وتحمّل الإمام الحسين (عليه السّلام) من أجل إنجاح ثورته واكتمال نهضته بشاعة وقساوة السلطة الأمويّة الجائرة، كلّ هذا العناء وسفك الدماء وسبي حرائر البيت النبويّ الشريف، لكي يبيّن لنا سبيل الحريّة ويخطّ لنا نهج الكرامة ويلهمنا العزيمة على مواجهة الطغاة عبر العصور.
فحريٌّ بنا أن نقف مع أنفسنا وقفة اعتبار وتأمّل: أين نحن من الإمام الحسين (عليه السّلام) ونجعل من يوم عشوراء ثورة وانتفاضة على أنفسنا وحدّاً مانعاً لكلّ انحرافاتنا واعوجاجاتنا، لأنّ الإِصلاح الذي نادى وينادي به الإمام الحسين (عليه السّلام) لا يقتصر على الحادث التاريخيّ الجلل الذي وقع في يوم عاشوراء، بل مراده (عليه السّلام) مطلق المعنى الواسع لكلمة الإصلاح، فهو يريد منّا أن ننهض في إصلاح أفكارنا، وإصلاح أخلاقنا، وإصلاح نظمنا الثقافية والاقتصادية والسياسيّة..
فهل نحن حسينيّون حقّاً لنرحل مع الإمام الحسين (عليه السّلام) في رحلة الإصلاح العظيمة ونستجيب لندائه الشريف:
«ألا ومَن كان باذلاً فينا مهجتَهُ، موطّناً على لقاءِ اللهِ نفسَهُ، فليرحلْ معنا، فإنّي راحلٌ مصبحاً إنْ شاء الله»
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الرحمن اللامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/19



كتابة تعليق لموضوع : رحلة الإصلاح الحسينيّ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net