صفحة الكاتب : احمد حيدر الحسيناوي

شاب عشريني ينعى نفسه!
احمد حيدر الحسيناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 خمس وعشرون كابوساً، كانوا كفيلين بأن يحطموا عنفوان شبابه، ويحفروا انهار التجاعيد في وجناته، وينحتوا نفقاً مظلما لمستقبلهِ لايوجد في نهايته ضوء. خمسة وعشرون جرحاً فوق جرح ضاق بها قلبه. لم يتحمل هول المصائب فمات قلبه وهو في ريعان الجراح.

 
كثيراً ماسمع أصدقاءه يتكلمون عن طفولتهم، وكم يحنون  لايامهم الخوالي التي تغمرها السعادة، اما هو كان يرئ طفولته كابوسا مرعباً، لايزال يطارده في احلامه. كان يرى وحوشاً ترتدي الزيتوني، تقتحم منزله بعد منتصف الليل، ليرموه ارضاً من بين ذراعي والده، وسادته التي لايغفو الا عليها، ويجرون والده الى الموت، تاركين خلفهم طفلاً تصطك اسنانه من الخوف، لن يرى اباه بعد اليوم، وعويل امه وأخواته مزق هدوء الليل .
 
كان إعدام أبيه خنجراً مسموماً في قلبه، لم ولن يبرح ينزف ألماً وشوقاً اليه. أراد ان يترك الدراسة بعد استشهاد والده، لكن معارضة امه الشديدة حالت دون ذلك، فاستمر في دراستهِ صباحاً، وكان يعمل بعد الظهر لكي يعيل عائلته المنكوبة، تجرع الفقر وقساوة الزمن منذ نعومة أظفاره، وواجه مصاعب العمل وجشع التجار بصبر وعزيمة قل نظيرها، لكن قلبه الصغير كان يتآكل، عندما ينظر لوالدته وهي تغفو على رائحة قمصان أبيه، ونظرات اخواته المغرورقه بالدموع عند رؤيتهن لأب يقبل ابنته.
 
سقط النظام الدكتاتوري ليدخل الفرح بيته، بعد سنين عجاف من الحزن المطبق، لكنه لم يلبث اكثر مَن زيارة مريض، ثم خرج الفرح هذه المرة بلا عودة، كانت أصغر أخواته (زهراء) عائده من المدرسة، فاعترضت طريقها سيارة مفخخة، أبت ان تعانق الأم أبنتها مرةً اخرى لتلتحق بأبيها الشهيد. لم يتبقى من زهراء غير كتبها التي تلونت بدمائها البريئة، وشريط شعرها الأبيض الذي يشدهُ على زنده الأيسر اينما حل. بعدها اصبح البيت حفرة من الجحيم، فوالدته لازمت الفراش المرض اثر الصدمة واخته الثانية تركت المدرسة، اما هو تصنع الصلابة والبأس امام عائلته المنهارة ، في حين قلبه كان يقطر دما.
 
رغم قسوة حياته وظروفه المأساويه، أهدته السماء صديقين (رئتاي) كما يحب أن يلقبهما، ساعداه كثيرا في تحمل المصاعب والجراحات التي ألمت به. وابتسمت الحياة لهم بخبث واكملوا دراستهم الاعدادية، استمر هو واحد اصدقاءه في دراستهم اما صديقهم الثالث التحق  بالجيش رغم معارضة صديقيه. شاهدوه بعد فترة وجيزة يُعدم في قاعدة سبايكر على يد من لايستحقون الحياة، بسبب الخونة والفاسدين. كانت هذه الرزية رصاصة الرحمة في قلبه المثخن بالجراح، فجمدت مشاعره بعدها اصبح لايحب ولايكره، ولايحزن ولايفرح. يخالط الناس لكنه في عزلة دائمة، يُكلم اصدقاءه لكن خياله يطفو في عوالم من الفراغ المستمر.
 
بينما هو مستغرق في التهام نفسه، من هول المصائب التي نزلت كالبرق على رأسه، واليأس الذي حول احلامه الكبيرة الى رماد ذهب مع الريح . قطع سكون خلوته صديقه مستبشراً: لقد وجدت من يشعل شمعة في نفقك المعتم ، وجدت اليد القادرة على ازالة غبار الخيبات عن احلامك، وجدت من يستطيع ان يزيح جبال الهموم عن صدرك، لقد وجدت الأمل. الامل التجمع الشبابي النهضوي العراقي، الذي يسعى لبناء دولة قوية مستقلة، تقوم على الطاقات الشابة الكفوءه، تحقق الامن  والرخاء الذي لطالما حلم به العراقيين.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد حيدر الحسيناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/07



كتابة تعليق لموضوع : شاب عشريني ينعى نفسه!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net