صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

نهج النصائح.. قراءة انطباعية في نصائح سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)
علي حسين الخباز
 ثقافة متقدمة قادت نصائح سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) الى سمات الفرادة، بما امتلكت من وعي مدرك لحيثيات الواقع الإنساني في جميع محاوره، ومنها المنهج الاجتماعي بهوية دينية سامية، تنظر الى عوالم اليتم بعمق الحنو الإيماني الحضاري، فأسست هذه النصائح نهضة فكرية تدعو الى احتضان هذه النصائح بهمة التطبيق، ومثلما كانت فتوى الدفاع المقدس أذهلت العالم بقوة استجابة الجماهير إليها، والتحاق الشباب بالملايين الى سوح التضحية والدفاع عن العراق المقدس.
كانت لهذه النصائح نهضة جماهيرية كبيرة، فقد تحركت المواكب وهيئات الخدمة الى الاهتمام بعوائل الأيتام، وهيئات الجوامع والمساجد والحسينيات وأقسام المواكب وأقسام الشؤون الدينية والأقسام الخدمية في العتبات المقدسة، تصل رعايتها الى جميع الحدود الجغرافية الداخلية، لتغطي هذه الشريحة دون النظر الى هوية اليتم المذهبية أو الدينية، امتدت اليد الى اليتيم العراقي، واستجابت الدوائر التربوية والجامعات، حيث استقبلت الأيتام استقبالاً معنوياً، وهذا هو ناتج الوعي المدرك.
لو تأملنا في النصيحة السادسة، لوجدنا في استهلال النصيحة مفردة السعي والسعي هو (العمل – الكسب) وأهل اللغة يقولون السعي يعني المشي السريع، ويعني الجد في الهمة، قال الله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) أي أدرك عمله، وقوله: (وَأَن ليسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) ويعني الترف في كل عمل، فاسعوا الى ذكر الله تعالى.
ونجد الناس يتعاملون بها عند المعروف (سعيكم مشكور)، ومن ثم نجد جملة (عمل بر ينفع الناس)، والنفع المادي معروف، لكن هناك منافع أخرى، ونفع الرأي والنصيحة والمشورة والجاه.. مثلاً التوسط من أجل قضاء حاجات الايتام.
هناك تشخيص يروى للنبي (ص) أن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، وقوله أحبكم لله أنفعكم للناس.. في طبيعة الأمر وبعد أن عرفت النصيحة مقاصدها التوجيهية الى جميع شرائح المجتمع، صار بإمكان الجميع ترك فسحة للعمل ضمن الموجه المرجعي لخدمة عامة، مثلاً تخصيص رعاية الأطباء للأيتام تخصيص خدمات خاصة لهم كأن تكون المعالجة مجانية، أو بأسعار منخفضة، وتركيزنا على الأطباء؛ كونهم على تماس مباشر مع احتياجات اليتيم، وخاصة في هذه الأيام، بعد أن تم إلغاء مجانية مستشفيات العام، وتعرض الفقير الى كبير حيف، وإذا كانت الحجة التمويل الذاتي فمن الممكن الاعتماد على الخاص مثلما كان معمولاً به في العراق،.
البعض يعتقد أن مثل هذا المبلغ قليل، ويعتمد على المشاركة، فهذا المبلغ البسيط يشكل أذى كبيراً على عوائل الأيتام، وارتكزت النصيحة السادسة والتي كان محورها رعاية اليتيم والتكافل الاجتماعي، على ما ذكر سماحة السيد عن مراعاة الصالح العام. كبار النقاد في العالم أكدوا أن كفالة الأيتام واحدة من أهم عناصر، قوة المجتمع وحفظ تماسكه، وفكرة تحجيم ظاهرة العوز عند اليتيم دليل التمسك بالفكر المؤمن.
هناك مسألة مهمة عندما ذكرت النصائح مسألة مراعاة الصالح العام عرض سماحة السيد (دام ظله الوارف) معها فكرة تنموية الإيمان والتهذيب والزكاة وسن الفضيلة يعني هنا رغبة أن تكون الرعاية الاجتماعية مكفولة من قبل الناس.
ثمة سؤال يحضرني: أما كان بإمكان النبي (عليه وعلى أهل بيته أفضل الصلوات) أن يؤسس دوراً للأيتام، ويؤمن احتياجاتهم من المال العام، لكنه كان يوصي باحتضانهم أسرياً؛ ليعيشوا داخل العوائل.. هناك رأي شخصي يعالج القضية من وجهة نظر تحتاج الى المشاورة.
الملاحظ أن تطور المجتمع حالياً سبب انشغالات كبيرة حياتية وذاتية جعلت أمور تبني الأيتام في العوائل قد يكون أمراً فيه اشكالات معينة، فمن الممكن أن نبحث عن بدائل ومنها أن نجعل المؤسسة حضناً اجتماعياً أسرياً، فإذا صعبت علينا فكرة تبني الأيتام في بيوتنا لنحتويهم في بيوتهم، ومن ليس له بيت لنحتويه داخل المؤسسات والجمعيات التي خصصت لرعاية الأيتام، لنصل الى مستويات تلبي رغبات الأطفال وعواطفهم، ومراعاة الصالح العام التي يقصدها سماحته، تعني المحافظة على سلوكية الأيتام، وابعادهم عن العقد النفسية، وهذه تعني حماية اليتيم ومتابعة شؤون الأيتام.. وهذا يوضح نقاطاً مهمة في هذه النصائح الجوهرية الساعية الى رعاية الأيتام رعاية لا تعنى بالأمور المادية، بل الاعتناء بالأمور المعنوية.
الملاحظ الآن هناك مؤسسات اعلامية وفضائيات ومراكز ثقافية اتخذت من رعاية الأيتام غايات اعلامية اعلانية، تعمل لصالح أحزاب ومؤسسات، وتبث اعلاناتها السياسية باسم اليتم ورعاية اليتيم، أول أعمال البر أن تكون النوايا خالصة لله تعالى، وهذا البر يسحب الموضوع برمته الى منهجية التكافل الاجتماعي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/15



كتابة تعليق لموضوع : نهج النصائح.. قراءة انطباعية في نصائح سماحة السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net