الأنبياء غرباء بين قومهم. بمناسبة يوم ميلاده بحث في المظلومية الكبرى للسيد المسيح.
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لو صح قول الإنجيل حول قصة اعدام السيد المسيح بالصورة التي ذكرها فإن هذا يُثبت غربة المسيح في قومه وذهابه إلى ربه وحيدا حاملا انجيله تحت ابطه من دون ان يؤمن به احد ،وفي هذا ادانة وفضيحة كبيرة للمسيحية واتهامها بأنها تكذب في عدد الذين آمنوا بالسيد المسيح حيث يزعم الإنجيل بأنه في يوم واحد آمن بالمسيح خمسة آلاف ،ولكن ما نقرأه في الانجيل يُثبت بأنه لا أحد آمن بالسيد المسيح وفق النصوص المذكورة فقد عاش ورحل غريبا حيث نقرأ نصا حزينا في إنجيل متى يقول : (وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاه القبر).(1)
فأين اتباعه والآلاف التي آمنت به كما يزعم الإنجيل وأين تلاميذه او حوارييه. ثلاث سنوات من التبليغ امرأتان فقط عند قبره ؟ لا بل نرى أنه حتى في صلبه كما يزعم الانجيل لم يكن هناك احد سوى ثلاث نساء : (وكانت واقفات عند صليب يسوع، أمه، وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية).(2)
والغريب أيضا أن الإنجيل يذهب ابعد من ذلك حيث نقرأ بأن امه مريم فقط هي من كانت معه في كل مراحل آلامه : (أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجا تبكي). (3) هذه الصورة التي يرسمها لنا الإنجيل تصوّر مريم الطاهرة وحيدة تجري دموعها على خدها لا ناصر ولا معين .
الذي يؤكد ما نذهب إليه من غربة السيد المسيح وعدم إيمان أحد به هو لربما بسبب الخوف من الرومان وبطش اليهود وهو قول الإنجيل في نصٍ واضح بأنه حتى اخوته لم يؤمنوا به (لأن إخوته أيضا لم يكونوا يؤمنون به).(4) وهذا ما اشار إليه يوحنا قائلا : (إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله). (5)
فعندما جاءت امه واخوته ليروه رفض مقابلتهم وقال بأن امه واخوته هم من يسمعون كلامه : (فأخبروه قائلين: أمك وإخوتك واقفون خارجا، يريدون أن يروك. فأجاب وقال لهم: أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها). ومن هنا يتبين لنا أن لا أحد آمن بالسيد المسيح حتى امه واخوته لم يؤمنوا ولم يعملوا بكلمة الله حسب نصوص الانجيل.والادهى من ذلك أن أخوته يتخلون عنه ويطردوه من مدينتهم كما نقرأ : (فقال له إخوته: انتقل من هنا واذهب إلى اليهودية).(6)
بيّن السيد المسيح سبب غربته وعدم قبول الناس لدعوته على الرغم من قيامه بعمل الآيات الباهرات امامهم من احياء الموتى وشفاء الامراض المستعصية وغيرها فقال بأن من يؤمنون به منافقون يؤمنون به ثم يرتدّون. يقول الانجيل : (ومع أنه كان قد صنع أمامهم آيات هذا عددها، لم يؤمنوا به. يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا. وهؤلاء ليس لهم أصل، فيؤمنون إلى حين، وفي وقت التجربة يرتدّون).(7)
ختاما اقول أن السيد المسيح كان يعلم بأن من آمن به سوف ينقلب عليه وهذا ما نقرأه في قوله : (هوذا تأتي ساعة، وقد أتت الآن، تتفرقون فيها ، وتتركونني وحدي. وأنا لست وحدي لأن الله معي). (8)
لقد عاش المسيح بينهم غريبا وذهب وحيدا وهم لا يحتفلون بعيد ميلاده بل يحتفلون بموته والخلاص منه ولذلك يضعون في ذروة احتفالاتهم وتحت نشوة الخمر تمثال السيد المسيح مصلوبا والدماء تجري منه واكليل الشوك على رأسه وامه جاثية تحت قدميه تبكي ولدها وقد انحنى ظهرها من ثقل الفاجعة. فهل رأيت فرحا مثل هذا؟
طوبى للغرباء.
المصادر:
1- إنجيل متى 27: 61.
2- إنجيل يوحنا 19: 25.
3- إنجيل يوحنا 20: 11.
4- إنجيل يوحنا 7 :3.
5- إنجيل يوحنا 1: 11.
6-إنجيل يوحنا 7: 3.
7- إنجيل يوحنا 12: 37 .
8- إنجيل يوحنا 16: 32
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مصطفى الهادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat