صفحة الكاتب : محمود الربيعي

أضواء على الصحيفة السجادية في الأدعية المتعلقة بالأسرة دعاؤه لأولاده عليهم السلام
محمود الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تم تقسيم الدعاء الى خمسة أقسام لغرض التركيز على مقومات الدعاء المختلفة
المقدمات الموضوعية
أهمية الأسرة في حياة المجتمع المسلم
إهتم الإمام زين العابدين عليه السلام بتقويم شؤون الأسرة لأنها تشكل حجر الأساس في المجتمع البشري، ولأنها تحمل في داخلها عناصر الأسرة من الأفراد..  ولذلك إهتمت الدول والحكومات في إحاطة الأسرة بالرعاية الإجتماعية والمساهمة في حل مشاكلها ومعاناتها اليومية.

إهتمام الإمام بعناصر الأسرة والدعاء لها
 ومن العناصر التي تتشكل منها الأسرة الأولاد من الذكور والاناث حيث دعا لهم بالقوة والصحة وحسن الأخلاق والسلوك والإيمان بالله والقدرة على الكسب والعمل.
نصوص الدعاء
وكان من دعائه ( عليه السلام ) لوُلْدِه عليهم السلام
القسم الأول من الدعاء
أللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي، وَبِإصْلاَحِهِمْ لِي، وَبِإمْتَاعِي بِهِمْ. إلهِي أمْدُدْ لِي فِي أَعْمَارِهِمْ، وَزِدْ لِي فِي آجَالِهِمْ، وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ وَقَوِّ لِي ضَعِيْفَهُمْ، وَأَصِحَّ لِي أَبْدَانَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَأَخْلاَقَهُمْ ، وَعَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي جَوَارِحِهِمْ وَفِي كُلِّ مَا عُنِيْتُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَأَدْرِرْ لِي وَعَلَى يَـدِي أَرْزَاقَهُمْ، وَاجْعَلْهُمْ أَبْرَاراً أَتْقِيَاءَ بُصَراءَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ لَكَ وَلأوْلِيَائِكَ مُحِبِّينَ مُنَاصِحِينَ، وَلِجَمِيْعِ أَعْدَآئِكَ مُعَانِدِينَ وَمُبْغِضِينَ آمِينَ.
تعليق
يوضح الإمام عليه السلام  في هذا النص رغبات الأبوين في تحصيل المراتب العالية للآولاد في شؤونهم المختلفة المتعلقة بالتربية الأخلاقية والعقائدية، وبالصحة العامة، ويتبين ذلك من خلال فقرات الدعاء ومضامينه الواردة في النص:
أولاً: أللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي: ويعني أن يُطَوِّلَ الله عز وجل أعمارهم ويزيد في آجالهم.
ثانياً: وَبِإصْلاَحِهِمْ لِي: وأن يكونوا صالحين نافعين للأمة ومشاركين في صيانة مجتمعهم وفق الشريعة الإلهية المحمدية.
ثالثا: وَبِإمْتَاعِي بِهِمْ: وأن يمتع الله الأبوين بهم فهم زينة الحياة الدنيا.
رابعاً: وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ وَقَوِّ لِي ضَعِيْفَهُمْ : بأن يوفقهم الله الى التربية التي تليق بالإنسان المؤمن.
خامساً: وَقَوِّ لِي ضَعِيْفَهُمْ: وأن يكونوا أقوياء علماء أبرار أتقياء.
سادساً: وَأَصِحَّ لِي أَبْدَانَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَأَخْلاَقَهُمْ: وأن يكونوا أصحاء في أبدانهم ليتمكنوا من العمل وليكونوا قادرين على العطاء، وأن يؤمنوا بالله على صحة من الدين، مطيعين له غير عاصين ولامشركين به شيئاً، وأن يتخلقوا بالأخلاق الفاضلة الحسنة.
سابعاً: وَعَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي جَوَارِحِهِمْ وَفِي كُلِّ مَا عُنِيْتُ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ: وأن يتمتعوا بالصحة النفسية والغرائزية ليصونوا انفسهم من الانحرافات في السلوك الإجتماعي والغرائزي.
ثامناً: وَأَدْرِرْ لِي وَعَلَى يَـدِي أَرْزَاقَهُمْ: وأن تكون لهم القدرة على الأنفاق بتحصيل الرزق الواسع الحلال الطيب، وليتمكّنوا من الصرف على شؤونهم المختلفة.
تاسعاً: وَاجْعَلْهُمْ أَبْرَاراً أَتْقِيَاءَ بُصَراءَ: وأن يوفوا بالالتزامات، ويتحلوا بالمسؤولية والانضباط في السلوك والاخلاق والتعقل في مختلف الامور.
عاشراً: سَامِعِينَ مُطِيعِينَ لَكَ وَلأوْلِيَائِكَ: وأن يكونوا سامعين مطيعين لله ولرسوله وللأئمة الصالحين.
أحد عشر: مُحِبِّينَ مُنَاصِحِينَ: وأن يكونوا محبين وناصحين لله ولأولياءه ومثالاً للإخلاص والتفاني في سبيل الله والمبادئ والقيم السامية.
إثنتا عشر: وَلِجَمِيْعِ أَعْدَآئِكَ مُعَانِدِينَ وَمُبْغِضِينَ آمِينَ: بأن يكونوا معاندين ومبغضين لأعداء الله، مطهرين لقلوبهم من النفاق.
وهذا التفصيل فيه من العمق الذي يعكس جميع الأبعاد التي يرى فيها الأمام ضرورتها لتقويم شخصية الأبناء.
القسم الثاني من الدعاء
أللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي، وَأَقِمْ بِهِمْ أَوَدِيْ، وَكَثِّرْ بِهِمْ عَدَدِي، وَزَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَرِي، وَأَحْييِ بِهِمْ ذِكْرِي، وَاكْفِنِي بِهِمْ فِي غَيْبَتِي وَأَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَاجَتِي، وَاجْعَلْهُمْ لِي مُحِبِّينَ، وَعَلَيَّ حَدِبِينَ مُقْبِلِينَ مُسْتَقِيمِينَ لِيْ، مُطِيعِينَ غَيْرَ عَاصِينَ وَلاَ عَاقِّينَ وَلا مُخَالِفِينَ وَلاَ خـاطِئِينَ، وَأَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِمْ وَتَأدِيْبِهِمْ وَبِرِّهِمْ، وَهَبْ لِيْ مِنْ لَدُنْكَ مَعَهُمْ أَوْلاداً ذُكُوراً ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ خَيْراً لي وَاجْعَلْهُمْ لِي عَوناً عَلَى مَا سَأَلْتُكَ، وَأَعِذْنِي وَذُرِّيَّتِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَإنَّكَ خَلَقْتَنَا وَأَمَرْتَنَا وَنَهَيْتَنَا وَرَغّبْتَنَا فِي ثَوَابِ ما أَمَرْتَنَا وَرَهَّبْتَنَا عِقَابَهُ، وَجَعَلْتَ لَنَا عَدُوّاً يَكِيدُنَا، سَلَّطْتَهُ مِنَّا عَلَى مَا لَمْ تُسَلِّطْنَا عَلَيْهِ مِنْهُ، أَسْكَنْتَهُ صُدُورَنَا، وَأَجْرَيْتَهُ مَجَارِيَ دِمَائِنَا، لاَ يَغْفُلُ إنْ غَفَلْنَا، وَلاَ يَنْسَى إنْ نَسِينَا، يُؤْمِنُنَا عِقَابَكَ، وَيَخَوِّفُنَا بِغَيْرِكَ، إنْ هَمَمْنَا بِفَاحِشَة شَجَّعَنَا عَلَيْهَا، وَإنْ هَمَمْنَا بِعَمَل صَالِح ثَبَّطَنَا عَنْهُ، يَتَعَرَّضُ لَنَا بِالشَّهَوَاتِ، وَيَنْصِبُ لَنَا بِالشَّبُهَاتِ، إنْ وَعَدَنَا كَذَبَنَا، وَإنْ مَنَّانا أَخْلَفَنَا وَإلاّ تَصْرِفْ عَنَّا كَيْدَهُ يُضِلَّنَا، وَإلاّ تَقِنَا خَبالَهُ يَسْتَزِلَّنَا.

تعليق   
وفي هذا الجزء من الدعاء يتوجه الإمام السجاد عليه السلام لخالقه وبارئه العظيم ويتوسل بطلب مايعزز من قيمة الإنسان ويضععه على الطريق الصحيح:
أ –  أللَّهُمَّ اشْدُدْ بِهِمْ عَضُدِي: وذلك ليكونوا له عوناً في أوقات الشدة والحاجة، وفي أحوال  اليسر والعسر.
ب –  وَأَقِمْ بِهِمْ أَوَدِيْ: والأود يعني الجهد والمشقة والاعوجاج، وعليه فإنه يستعين بهم لإتمام مهماته المختلفة.
ج –  وَكَثِّرْ بِهِمْ عَدَدِي: فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا والأولاد يمثلون القوة والمنعة وهم الإمتداد الطبيعي للآباء داخل المجتمع.
د -  وَزَيِّنْ بِهِمْ مَحْضَرِي: ووجود الأبناء في المجالس الى جانب الآباء يعد هيبة تعزز من القيمة الإجتماعية للأسرة.
هاء -  ويحيي بهم ذكره: فهم الورثه الذين يدعون له ويستغفرون.
و –  ويكفيه بهم في غيبته: فإذا سافر الأب الى حج أو تجارة أو قضاء حاجة سد الأبناء عن الآباء في قضاء تلك الحوئج من الدَّيْن أو النفقة أو الإهتمام  وسعادتها بشؤون الأسرة.
ز –  وَأَعِنِّي بِهِمْ عَلَى حَاجَتِي: ويعتبر الأبناء فريق عمل يستعين بهم الآباء في أوقات الشدة وفي قضاء الحوائج والإمام عليه السلام إنما بدعائه هذا يرسل إشارات لإتباع منهج رسول الله وآله عليهم السلام لضمان إستقرار الأسرة.
ح –  وَاجْعَلْهُمْ لِي مُحِبِّينَ: وإن من إحدى غايات الوالد أن يرى أولاده ينتشرون حوله ويعربون عن محبتهم ومودتهم له الأمر الذي يبعث في نفسه الراحة والإطمئنان والإستئناس.
ط -  وَعَلَيَّ حَدِبِينَ مُقْبِلِينَ مُسْتَقِيمِينَ لِيْ، مُطِيعِينَ غَيْرَ عَاصِينَ وَلاَ عَاقِّينَ وَلا مُخَالِفِينَ وَلاَ خـاطِئِينَ: ومن أجمل العلاقات الأسرية هو أن يتجمع الأولاد حول آبائهم يحيطونهم بالعناية والرعاية والإلتزام بالمنهج الذي يحفظ للأسرة تماسكها وهيبتها وكيانها من التصدع بأن يظهروا منسجمين فيما بينهم لايخرجون عن حدود القانون الأسري الممتزج بالعواطف الأسرية كالمحبة والتعاون.
وعلينا أن ننتبه الى مسألة المناجاة فهي تستحق التوقف فالمناجاة تعبير فيه اللياقة الكافية التي تجسد العلاقة بين الإمام وربه وبين الخالق والمخلوق وهي تجسيد لفكرة الدعاء والتوسل وطرح الهموم لأجل الخروج من المآزق والمتاعب المستمرة التي تعترض طريق الإنسان بمعونة الله سبحانه وتعالى.

ي –  وَأَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِمْ وَتَأدِيْبِهِمْ وَبِرِّهِمْ: وتعتبر التربية مهمة في حياة الإنسان فهي الوسيلة التي تؤسس لثقافة الأفراد وتساعدهم في إتخاذ الأخلاق الكريمة ليتمثلوها في السلوك والافعال وتدفع بهم للتعامل بطريقة مهذبة تقوم على أساس الإحترام المتبادل ومراعاة حقوق الأفراد.
ك –  وَهَبْ لِيْ مِنْ لَدُنْكَ مَعَهُمْ أَوْلاداً ذُكُوراً، وَاجْعَلْ ذَلِكَ خَيْراً لي وَاجْعَلْهُمْ لِي عَوناً عَلَى مَا سَأَلْتُكَ: وطلب الذكور وارد عند الناس فهو عنصر قوة وحماية وإعانة ويسهم في تكاثر الاموال والعشيرة، ورغم طلب الولد إلا أن ذلك لم يشتمل على الإمتناع من طلب البنات كما هو ظاهر من الدعاء.
م -  وَأَعِذْنِي وَذُرِّيَّتِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: وإن أعظم دور للأب تجاه أولاده أن يحميهم من عمل الشيطان ويهئ لهم طريق الجنة ويبعدهم من عذاب الله سبحانه وتعالى.
ويقر الإمام عليه السلام بأن الله سبحانه وتعالى فصَّلَ كل شئ تفصيلا، وحذر بأنواع التحذير من عمل الشيطان:
أ –  فَإنَّكَ خَلَقْتَنَا وَأَمَرْتَنَا وَنَهَيْتَنَا وَرَغّبْتَنَا فِي ثَوَابِ ما أَمَرْتَنَا وَرَهَّبْتَنَا عِقَابَهُ: فالله هو الخالق والآمر والناهي والمرغب لتحصيل الثواب والترهيب من العقاب.
ب –  وَجَعَلْتَ لَنَا عَدُوّاً يَكِيدُنَا، سَلَّطْتَهُ مِنَّا عَلَى مَا لَمْ تُسَلِّطْنَا عَلَيْهِ مِنْهُ، أَسْكَنْتَهُ صُدُورَنَا، وَأَجْرَيْتَهُ مَجَارِيَ دِمَائِنَا، لاَ يَغْفُلُ إنْ غَفَلْنَا، وَلاَ يَنْسَى إنْ نَسِينَا: فجعل الله للانسان عدواً يكيده يسكن في الصدور ويجري في نفسه مجاري الدماء ولايغفل في حال غفلتنا ولاينسى إن نسينا.
ج –  يُؤْمِنُنَا عِقَابَكَ، وَيَخَوِّفُنَا بِغَيْرِكَ: وأن هذا العدو يؤمننا العقاب ويخوفنا بغير الله.
د –  إنْ هَمَمْنَا بِفَاحِشَة شَجَّعَنَا عَلَيْهَا، وَإنْ هَمَمْنَا بِعَمَل صَالِح ثَبَّطَنَا عَنْهُ: وأن هذا العدو يشجعنا على إرتكاب الفاحشة ويثبطنا عن أداء العمل الصالح.
هاء: يَتَعَرَّضُ لَنَا بِالشَّهَوَاتِ، وَيَنْصِبُ لَنَا بِالشَّبُهَاتِ: وإن هذا العدو يتعرض لنا بالشهوات وينصب لنا بالشبهات.
و –  إنْ وَعَدَنَا كَذَبَنَا، وَإنْ مَنَّانا أَخْلَفَنَا، وَإلاّ تَصْرِفْ عَنَّا كَيْدَهُ يُضِلَّنَا، وَإلاّ تَقِنَا خَبالَهُ يَسْتَزِلَّنَا: وأن هذا العدو يخلف الوعد ويكذب وأنه يخلف أمانيّه، ثم يلتجأ الإمام عليه السلام الى الله ليطلب صرف إضلال هذا العدو ويقيه من إزلاله بسبب خبثه وكيده ومكائده.
وعليه فيكون هذا القسم قد بين تفصيلات مهمة في مواجهة الشيطان والتحذير منه ووقاية النفس من الوقوع في حبائله.

القسم الثالث من الدعاء
أللَّهُمَّ فَاقْهَرْ سُلْطَانَهُ عَنَّا بِسُلْطَانِكَ حَتَّى تَحْبِسَهُ عَنَّا بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَكَ، فَنُصْبحَ مِنْ كَيْدِهِ فِي الْمَعْصُومِينَ بِكَ.

تعليق
ويلتمس الإمام السجاد عليه السلام في هذا الدعاء من ربه مايعينه على تقواه ليواجه الشيطان بقوة أكبر فيتوجه الى الله بالتوسل ليكون له عوناً في هذه المواجهة ويظهر ذلك من خلال طلبه:
أ –  أللَّهُمَّ فَاقْهَرْ سُلْطَانَهُ عَنَّا بِسُلْطَانِكَ: أي قهر سلطان العدو وتوجهاته، وإن أكبر عدو للإنسان هو الشيطان.
ب –  حَتَّى تَحْبِسَهُ عَنَّا: أي حبس الشيطان.
ج - بِكَثْرَةِ الدُّعَاءِ لَكَ، فَنُصْبحَ مِنْ كَيْدِهِ فِي الْمَعْصُومِينَ بِكَ: وقد أَلََحَّ الإمام عليه السلام في الدعاء، وأعتبر أنه الوسيلة النافعة للعصمة من كيد الشيطان إذ لاعاصم من عمله إلاّ الله.

القسم الرابع من الدعاء
أللَّهُمَّ أَعْطِنِي كُلَّ سُؤْلِي، وَاقْضِ لِي حَوَائِجِي، وَلاَ تَمْنَعْنِي الإجَابَةَ وَقَدْ ضَمِنْتَهَا لِي، وَلا تَحْجُبْ دُعَائِي عَنْكَ وَقَدْ أَمَرْتَنِي بِهِ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِكُلِّ مَا يُصْلِحُنِيْ فِيْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي مَا ذَكَرْتُ مِنْهُ وَمَـا نَسِيتُ، أَوْ أَظْهَـرتُ أَوْ أَخْفَيْتُ، أَوْ أَعْلَنْتُ أَوْ أَسْرَرْتُ، وَاجْعَلْنِي فِي جَمِيعِ ذلِكَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ بِسُؤَالِي إيَّـاكَ، الْمُنْجِحِينَ بِالـطَّلَبِ إلَيْـكَ، غَيْـرِ الْمَمْنُوعِينَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، الْمُعَوَّدِينَ بِالتَّعَوُّذِ بِكَ، الرَّابِحِينَ فِي التِّجَارَةِ عَلَيْـكَ، الْمُجَارِيْنَ بِعِـزِّكَ، الْمُـوَسَّـعِ عَلَيْهِمُ الـرِّزْقُ الْحَـلاَلُ مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، الْمُعَزِّينَ مِنَ الذُّلِّ بِكَ، وَالْمُجَارِينَ مِن الظُّلْمِ بِعَدْلِكَ، وَالْمُعَافَيْنَ مِنَ الْبَلاءِ بِرَحْمَتِكَ، وَالْمُغْنَيْنَ مِنَ الْفَقْرِ بِغِنَاكَ، وَالْمَعْصومِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالزَّلَلِ وَالْخَطَأِ بِتَقْوَاكَ، وَالْمُوَفَّقِينَ لِلْخَيْرِ وَالرُّشْدِ وَالصَّوَابِ بِطَاعَتِكَ، وَالْمُحَالِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الذُّنُوبِ بِقُدْرَتِكَ، التَّـارِكِينَ لِكُلِّ مَعْصِيَتِكَ، السَّاكِنِينَ فِي جِوَارِكَ.

تعليق
ويتقدم الإمام بطلبه بين يدي الله عز وجل ولايستحي أن يطلب منه بعد إقراره بالحاجة إليه والتضرع بين يديه كل شئ:
أ –  أللَّهُمَّ أَعْطِنِي كُلَّ سُؤْلِي، وَلاَ تَمْنَعْنِي الإجَابَةَ وَقَدْ ضَمِنْتَهَا لِي: وذلك بتحقيق كل المسائل وقضاء جميع الحوائج وأن لايُمْنَعَ الإجابة التي ضمنها الله له ووعده إياها في كتابه الكريم.
ب –  وَلا تَحْجُبْ دُعَائِي عَنْكَ وَقَدْ أَمَرْتَنِي بِهِ: كما طلب الإمام من الله سبحانه أن لايحجب الله دعائه بعد أن أمره به.
ج -  وَامْنُنْ عَلَيَّ بِكُلِّ مَا يُصْلِحُنِيْ فِيْ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي مَا ذَكَرْتُ مِنْهُ وَمَـا نَسِيتُ، أَوْ أَظْهَـرتُ أَوْ أَخْفَيْتُ، أَوْ أَعْلَنْتُ أَوْ أَسْرَرْتُ: وطلب أيضاً كل مايصلح به حاله في الدنيا والآخرة مما ذكره أو نسيه أو مما أظهره وأخفاه ومما أعلنه أو أسرره.
وهنا يتوجه الإمام زين العابدين عليه السلام بالدعاء الى عموم الناس.
د -  وَاجْعَلْنِي فِي جَمِيعِ ذلِكَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ بِسُؤَالِي إيَّـاكَ، الْمُنْجِحِينَ بِالـطَّلَبِ إلَيْـكَ، غَيْـرِ الْمَمْنُوعِينَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ: ويطلب من الله جل شأنه أن يكون من المصلحين والمنجحين وذلك بالتوكل عليه وهو في ذلك يوجه النداء لنفسه الشريفة نحو مهماتها ومسؤولياتها تجاه المجتمع فكل الذي طلبه له ولأولاده إنما هو متعلق بالمجتمع ومستقبله، ويتوجه الإمام عليه السلام الى الله سبحانه بأن لايجعله من الممنوعين من تحصيل ذلك كله.
هاء – الْمُعَوَّدِينَ بِالتَّعَوُّذِ بِكَ، الرَّابِحِينَ فِي التِّجَارَةِ عَلَيْـكَ، الْمُجَارِيْنَ بِعِـزِّكَ،: ومن أبرز فقرات الدعاء أن الإمام عليه السلام ابتغى تجارة يحقق من وراءها رضوان الله لا علاقة لها بالمال وفيها عز المؤمنين ويقصد منها القرب من الله.
 و -  الْمُـوَسَّـعِ عَلَيْهِمُ الـرِّزْقُ الْحَـلاَلُ مِنْ فَضْلِكَ الْوَاسِعِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، الْمُعَزِّينَ مِنَ الذُّلِّ بِكَ: كما ينبه الإمام الى أن هذه التجارة لابد لها أن تقوم على معرفة الحلال والحرام وقد جعل الله في طلب الحلال رزقاً واسعاً يعتمد على مايبذله الإنسان من جهد وطاقة بحيث لايكون ذليلاً لأحد.
ز –  وَالْمُجَارِينَ مِن الظُّلْمِ بِعَدْلِكَ، وَالْمُعَافَيْنَ مِنَ الْبَلاءِ بِرَحْمَتِكَ، وَالْمُغْنَيْنَ مِنَ الْفَقْرِ بِغِنَاكَ، وَالْمَعْصومِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالزَّلَلِ وَالْخَطَأِ بِتَقْوَاكَ، وَالْمُوَفَّقِينَ لِلْخَيْرِ وَالرُّشْدِ وَالصَّوَابِ بِطَاعَتِكَ، وَالْمُحَالِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الذُّنُوبِ بِقُدْرَتِكَ، التَّـارِكِينَ لِكُلِّ مَعْصِيَتِكَ، السَّاكِنِينَ فِي جِوَارِكَ: وبإعتبار أن تحصيل الرزق والإختلاط بالمجتمع يحوج الإنسان الى حصانة تنجيه من ظلم الناس شدّد الإمام عليه السلام على أن لايكون الإنسان ظالماً وأن عليه أن يعتصم بالله والاستعانة به على قضاء حوائجه، وهو يعلم تمام العلم بعدل الله وقوته وان إجابة الدعاء تتوقف على مصالح العباد بحسب ماتقتضيه الإرادة الإلهية، ولايمنع ذلك من طلب المعافاة من البلاء خصوصاً من حالة الفقر، كما يعلمنا الإمام عليه السلام أن نجاهد من أجل تحصيل التقوى وأن نطلب من الله العصمة من الذنوب والمعاصي ويطلب الإمام التوفيق من الله في كل ذلك ويهديه للوصول الى الطاعة والرشد والصواب، فالعصمة من الذنوب لاتكون إلا بقدرة الله  وقوته، ومتى ماصلحت العلاقة بين العبد وربه أعانه الله على ترك المعاصي وختم له بحسن العاقبة.

الجزء الخامس من الدعاء
أللَّهُمَّ أَعْطِنَا جَمِيعَ ذلِكَ بِتَوْفِيقِكَ وَرَحْمَتِكَ وَأَعِذْنَا مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، وَأَعْطِ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَـاتِ وَالْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِثْلَ الَّذِي سَأَلْتُكَ لِنَفْسِي وَلِوُلْدِي فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا وَآجِلِ الآخِرَةِ، إنَّكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ سَمِيعٌ عَلِيمٌ عَفُوٌّ غَفُـورٌ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ. وَآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

تعليق
وفي الفقرة الأخيرة من الدعاء يطلب الإمام عليه السلام من ربه التوفيق والرحمة، ويستعيذ بالله من النار، ويتمنى ذلك ايضاً لجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات مثلما سأل هو لنفسه ولأولاده في عاجل الدنيا وآجل الآخرة وينبه الإمام الى صفاته تعالى من القرب والإجابة وبأن الله هوالسميع العليم والعفو والغفور الرحيم.
ويختتم الإمام عليه السلام دعائه بتلاوته الآية الكريمة " ربنا وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".


19/08/2010
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/20



كتابة تعليق لموضوع : أضواء على الصحيفة السجادية في الأدعية المتعلقة بالأسرة دعاؤه لأولاده عليهم السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : محمود الربيعي من : العراق ، بعنوان : شكر وتقدير في 2011/08/21 .

الاخ مهند البراك
بعد السلام عليكم
اشكر لك اهتمامك واتمنى لكم كمال التوفيق مع خالص تقديري ورمضان كريم وكل عام وانتم بخير
اخوكم
محمود الربيعي
والشكر موصول لاخوتي في موقع كتابات

• (2) - كتب : مهند البراك من : العراق ، بعنوان : موفق لكل خير في 2011/08/21 .

الاخ محمود الربيعي
موفق لكل خير فقد اجدت بايصال فكرة الدعاء ونحن في هذه الايام المباركة من شهر رمضان المبارك 

تقبل الله اعمالكم وصيامكم 

لك مني الف تحية وتحية 






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net