صفحة الكاتب : حسين صباح عجيل

المرجعية.. والخطر الجديد على الأبواب!
حسين صباح عجيل
 ناقوس خطر جديد قرعته المرجعية يوم الجمعة على لسان ممثلها السيد احمد الصافي. هذه المرة لم تكن تحذيراتها من فساد مستشري في الدوائر الحكومية أو من انفلات امني في مكان ما.. لم تتطرق لأي محور يرتبط بشكل مباشر بالسياسة او النخبة الحاكمة الفاسدة.
 
المرجعية هذا الأسبوع عنّفت الآباء والأمهات بلهجة ممزوجة بالرجاء "لملموا شتات اسركم.. فقد تناثرت القيم الأخلاقية ولم يعد هناك من يحسب حساب كبار القوم او الجار...". هذا ما أشارت له في مضامين خطبة الجمعة الثانية لهذا الأسبوع.
 
ليس ببعيد عما جاء فيها ايضا، قبل اسابيع قليلة حذرت ايضا من ظاهرة الطلاق وذكرت إحصائيات مرعبة للغاية تنبئ بتحطم أهم كيان اجتماعي وهو الأسرة.. الأسرة التي يعتبرها الله اللبنة الأولى للمجتمع الصالح، كما يعتبرها اللادينيون اهم حلقة في البناء الحضاري.
 
أن تتحدث المرجعية في خطاب اسبوعي اعتاده الملايين من أتباعها ان يكون "سياسيا" عن التفكك الأسري؛ هذا يعني أن الخطر أصبح على ابواب بيوتنا بعد ان كنّا نراه على الضفة الأخرى التي تضم الخدمات.. إدارة الدولة.. التناحر السياسي.. غياب الأمن.. ضياع التعليم وغيرها.
 
اللافت في الأمر أن المرجعية لم تحمل الحكومة او السياسيين مسؤولية هذا التفكك بشكل مباشر، بل وجهت اتهامها إلى الآباء والأمهات، ثم أرجعت أخفاقات بعض الأسر في السيطرة على إدارتها إلى استخدام سلبي للوسائل الحديثة في التواصل، والتي تحولت إلى واحدة من أهم أدوات انتشار الانحطاط الأخلاقي، على الرغم من أهمية الخدمات التي تقدمها في مجالات أخرى.
 
لكن هذا لا يعني أن المرجعية برأت ساحة الحكومة والجهات المعنية بهذا الشأن من المسؤولية، قد تكون لها أسبابها الخاصة التي فضلت فيها الإشارة على التصريح. الصافي قال في الخطبة: الكل مسؤول وانا لا اريد ان احمل المسؤولية لجهة ولكن اقول الكل مسؤول وانتم تعرفون اذا الاسرة تفككت ماذا ستكون النتيجة..".
 
هناك دعوة ضمنية للحكومة العراقية بأن تهتم أكثر ببناء الأسر ووضع برامج تربوية شاملة تنطلق من الوزارات والمؤسسات التي تعنى بالتربية والتعليم وشبهه، فهي تتحمل بشكل مباشر ما يجري على المجتمع العراقي، لأن نسبة كبيرة مما يحدث إن لم نقل غالبيته هو من تداعيات صراع الأحزاب على السلطة والاستحواذ على الحصص الاكبر لإدارة الدولة.
 
أما رجال الدين وعلى رأسهم الخطباء، فلا يمكن استثنائهم من كونهم "آباء"، كما لا يمكن أيضا أن نخالهم من مجتمع آخر غير المجتمع العراقي، وهم يتحملون أيضا جزءاً من هذا التراجع المخيف في منظومة القيم الأخلاقية لدينا، وعليهم أن يكثفوا جهودهم لإيجاد طرق تقنع الشارع مجدداً بإمكانية أن يعودوا حلقة مؤثرة غايتها المحافظة على تلك القيم الأخلاقية وتكون خفيرة عليها.
 
إن الحجج التي نقدمها كآباء لتبرئة أنفسنا من "زعزعة أسرنا" ليست مقنعة ولا ترق لأن تكون عذراً أبداً، بل توضح مدى ضعفنا في إدارة أصغر مؤسسة اجتماعية تبدأ منها الدولة الحضارية الفاضلة وهي الأسرة، فكيف ونحن الذين لا نكل ولا نمل عن الحديث اليومي لفشل السياسيين في إدارة دولتنا الشيعية الفتية؟!
 
أما بشأن الرجاء للأب من قبل ممثل المرجعية بتخصيص شيء من وقته لتعليم الأبناء القيم الحقيقية ورعايتهم والاهتمام بشؤونهم؛ فلا يخرج أيضا عن مسؤولية المؤسسات الدينية التي ينبغي لها أن تضع ضمن أولياتها في التعامل مع الأفراد العاملين فيها من موظفين وغيرهم على أنهم أداة مهمة لتحقيق هذا الهدف.
 
ومنها العتبات المقدسة في العراق المرتبطة بالمرجعية، والتي تضم آلاف الموظفين، عليها أن تستثمر وجود هذا العدد الكبير من الآباء داخلها بتوجيههم لرعاية أسرهم، ومنحهم مساحة من الحرية لتربية أبنائهم، وتشجيعهم على تأهيلهم بشكل صحيح مقارنة بتشجيعهم الدائم على مواصلة العمل والانتاج للمكان والوقت المقدسين في أصعب الظروف، فكما يعرف الجميع أن هذه العتبات قائمة على مراقد تعود لأحفاد النبي، وهذا يلزمها بأن تكون هي صاحبة المبادرة الأولى في جعل الأولوية للتربية ومن ثم العمل والإنتاج.
 
 وبذلك تكون لهم في رسول الله (ص) أسوة، الذي عجّل في يوم من الأيام بأداء صلاته بحشد من المسلمين في المسجد لأنه سمع صراخ طفل كانت أمه تؤدي صلاة الجماعة مع النساء، وعندما سئل عن سبب أداء الصلاة بهذه السرعة على غير عادته، أجابهم بأن أم الطفل كانت تصلي وأسرعت لكي تدرك طفلها ورحمة وشفقة به!.
 
لقد أدرك النبي خطورة أن يفقد الطفل حنان أمه لوقت قصير بحجم أداء ركعات مقدسة لا يضاهيها في الأجر أي عمل آخر، ولها تدخل حاسم بموقف الإنسان يوم القيامة، فأين نحن من هذا الإدراك؟ ومتى نستشعر خطورة أن تضيّع عوائلنا بذريعة (أوقاتنا للعمل المقدس).
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين صباح عجيل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/21



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية.. والخطر الجديد على الأبواب!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net