صفحة الكاتب : فاضل العباس

أوزةٌ مهاجرة
فاضل العباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رغم انشغلنا بالحياة واستغراقنا بتفاصيلها الموجعة في كثيرٍ من الاحيان والضنينةٌ بالفرح المغموس بالوجع والالم والحزن .
لجراحاتٍ قد اندما بعض منها تاركا اثرا كشرخٍ في جدارٍ قديم يروم ان يّنهار وانيابا لحيواناتٍ مجهولةٍ غُرستْ في زمن ما, قد ننسى التفاصيل الدقيقة وتتلاشى مثل دوائر صنعتها حجارة في ماء ساكن وتبقى الكبيرة منها الموثرة كمساميرٍ معقوفةٍ في ابواب خشبية بالية عندما مررتُ في بوابة الكلية التي امضيت فيها اربع سنواتٍ حين اصر َرجلٌ متعب مُنكسر مَهمومٌ من الحاجةِ والفقر ان اكمل دراستي التقيت بزملاءِ من مدن شتى مختلفين بكل شئ الا الهدف.
مزيج من اهاتٍ وزفراتٍ ملتهبةً يقذفها صدري تغيرت البوابة وتغير اسم الكليةِ وتحول ما حولها وامامها.
فتحولت (كافتريا)ابو مصطفى او ما يدعى بالفلسطيني حين كنا نلتقي لتناول (السندويج ) الممتلئ بسلاطات الخضار الممزوج بطحينة ِ السمسم والليمون ونتهرب من دفع الحساب ليقع على آخرْ المتواجدين الى مكتبة صغيرة للقرطاسيةِ والهدايا التي تملئ زجاجاتها الامامية. تغير الشارع بانحناءاته وسكينته وامتلئ الرصيف على جانبيه باكشاكٍ تعرضُ بضاعاتٍ مختلفه تتنوع بين القرطاسية والاكلات السريعة والهدايا والتلفونات هناك وقف شرطيان يفتشان الداخلين .
بدا شريط سينمائي يدور بكرته
حين وقفتُ قبل سبعة وثلاثون عاما في هذا المتر المربع لسببٍ عُسرَ على ذاكرتي تذكره وجهدتُ ان اقف في نفس المربع في مشهدٍ ترتسم فيه ابتسامة ساخرة تُحبسُ بين الشفاه حين توقفت سيارة (الفيات) البيضاء التي يقودها رجل اربعيني العمر تجلس جنبه في المِقعد الامامي امرأةً تقاربه العمر.
لتترجل منها فتاة تناثرت خصلات شعرها الكستنائي لتغطي وجهها وراحت تزيحها بيد بلورية تكشف عن عينين زرقاويتين ووجنات بلون التفاح الاحمر.
كانت ترتدِ زيا جامعيا امتزج لونه الابيض ببياض بشرتها.
تسمرتُ في المكان مذهولا وكاني انسان غابة يرى المرأة لاول مرةٍ.
تابعت نظراتي خطواتها المتمايلة كأوزةٍ مهاجرة تستطلع المكان اول مرةٍ.
سرتُ منقادا خلفها مثل قطعة حديد صغيرة لمغناطيس .
كانت مناداة زملائي تكسر ذهولي فبادرني احدهم انها طالبة سنة اولى في نفس القسم الذي ادرس فيه.
بدأت اخطط بمراجعة جدول المحاضرات وفراغاته وجمعت معلومات عنها.
واشتغل زملائي المقربين مخبرين لتحركاتها.
قرأت قصيدة غزلٍ في حفل الاستقبال الذي اقامه القسم للطلبة الجدد كانت كلماتي وحواراتي لها. كنت احضر قبل حضورها بنصف ساعةٍ لاشبع ناظريَّ اننظرت في الرواق لالقي عليها تحيةً لترُدَ عليها فاُحلق باجنحة من الخَيال افتعل المصادفته لأُحيها كل مرةٍ.
فقررت ان اكون اكثر جرأت وابوح لها بمشاعري انتظرت خروجها من المعمل بعد الظهر في دائرةٍ اكون مركزها او نقطة في محيطها يتصبب العرق من كل انحاء جسمي رغم برودة الجو واعيد كلماتي كمجنون يردد ما علق بذهنه.
بادرتها التحية طفلٌ يتعلم نطق الكلمات
ردت تحيتي
مَها ،،،اود محادثتك على انفراد
انا لستُ مَها.
انا نَدى : وبعصبية انسَحَبَتْ تاركةً كومة لحمٍ انشلَ كل جزء فيها توقف الزمن لأرى نفسيَّ اصغر من حبة رز في صحنٍ كبير اطعم الاموات من صرخات
 
داخلي تصارع ان تهز اوراق
 
الخريف رغم اشتداد الريح.
واصنع لسفنٍ تُبحرَ في ارضٍ قاحلة امواجا.
ركلتُ ذلك المتر المربع برجليَّ
وعبرتُ الشارع
باتجاه كافتريا ابو مصطفى
لأجد بابها قد أُغلقَ.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاضل العباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/27



كتابة تعليق لموضوع : أوزةٌ مهاجرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net