صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١١]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   أَتذكَّرُ جيِّداً، وتتذكَّرونَ، ما كان يكرِّرهُ المتحلِّقونَ حول طاولةٍ مستديرةٍ مثلاً على مسامعِنا كلَّما انتهى اجتماعٌ أَو وقَّعوا على وثيقةِ شرفٍ أَو نشروا بياناً، أَمّا صُوَر وأَفلام العَناق والايادي المتشابكة المرفوعة والأُخرى مع شارة النَّصر! فحدِّث عنها ولا حرج!.
   يقولون؛ لقد تمَّت مُناقشة أَكثر الأُمور الخلافيّة والحمدُ لله! ولقد اتَّفق عليها المجتمعونَ بسُرعةٍ وهي تعادل (٩٥٪‏) من مجموعِ ما هوَ مدرجٌ من نقاطٍ في ورقةِ العمل! وبقيت نسبة (٥٪‏) فقط وسنناقشُها ونتَّفق عليها لاحقاً! والى يومِك هذا لم يتَّفقوا عليها لانَّهم، ببساطةٍ، لم يُناقشوها!.
   وبعد التحرّي والتّدقيق والسُّؤال والاستفسار في هذه النِّسبة الصّغيرة جدّاً يتبيَّن لنا أَنّها أَصل الخلافات وهي جوهر كلِّ المشاكِل التي ظلّوا يرحِّلون مناقشتها والاتّفاق عليها يوماً بعد آخر وعاماً بعد آخر والى يومِك هذا!.
   فماذا يعني ذلك؟!.
   يعني أَنّهم عندما يجتمعون يُناقشون الأَشياء التّافهة والأُمور البسيطة التي لا تحتاج الى أَكثر من مجاملات ليحسبوها مُنجزاً يبيعونهُ للشّعب كبضاعةٍ مهمَّة قد يستبشر بها السُّذَّج من النّاسِ! فيما يرمونها لابواقهِم كمادَّةٍ إِعلاميَّةٍ يتلهّون بها!.
   أَتمنّى عليهِم يوماً أَن يُناقشوا هذه الـ (٥٪‏) فهي أُمّ المشاكل التي لازالت تستنسِخ لنا بحر الدَّم يومياً!.
   إِنّهم بحاجةٍ الى أَن يتحلَّوا بالشّجاعةِ الكافيةِ ليقتحِموا هذه النّسبة (٥٪‏) شريطةَ أَن يتركوا المُجاملات جانباً!.
   لقد أَعجبني ما ورد في خُطبةِ الجُمُعة التي أَلقاها في مدينة النّجف الأَشرف قبل عِدَّة أَسَابِيع معالي رئيس الوقف الشّيعي سماحة السَّيّد علاء الموسوي، والتي حدَّد فيها بوضوحٍ وشجاعةٍ بعيداً عن أَيِّ نوعٍ من المُجاملات، بعض أَهم الأُسُس الحقيقيَّة التي يجب أَن تُشاد عليها أَيّة تسوية وطنيّةٍ؛
   الأَساس الأَوّل؛ هو مُعالجة الفكر التّكفيري المتطرِّف الذي أَنتجَ الارهاب، وبضمنهِ، برأيي، التزمُّت الدّيني وإِحتكار الحقيقة والمنصب والتَّمثيل السّياسي وغير ذلك.
   الأَساس الثّاني؛ هو مُحاسبة المسؤولين الذين تسبَّبوا بالكوارث التي حلَّت بالعراقِ منذ التّغيير عام ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن والتي كان آخرها إِحتلال الارهاب لنصفِ الْعِراقِ! وفِي هذا الاطار ينبغي، برأيي، مُواجهة والتَّصدّي لكلِّ مَن يسعى لاعادةِ تدويرِ وإِنتاجِ واستنساخِ وتسويقِ الفاسدينَ والفاشلينَ والارهابيّينَ أَيّاً يكُن! فلا مُجاملةَ بالدِّماء ولا تقيّةَ بالدّماءِ ولن نسمح لتجّار الدَّم انّ يفلتوا من العِقابِ أَو يتخفّوا وراء عناوينَ باليَةٍ مفضوحةٍ كالتَّسويةِ!.
   الأَساس الثّالث؛ هو فضح تُجّار الدَّم الذين يستعدّون من الآن لسِرقةِ الانتصارات وكلُّ ما ينجزهُ المقاتلونَ الشُّجعان في سوحِ الجهادِ في الحَرْبِ على الارْهابِ!.
   ومن أَجْلِ أَن لا نكونَ مِصداقاً للحائطِ الذي أَشار الى بعضِ صفاتهِ الخطاب المرجعي الأَخير! دعونا نعودُ الى واحدةٍ من أَعظم التّسويات الاستراتيجيّة التي تحقَّقت في تاريخِ البشريَّة، أَلا وهي التّسوية التي أَنجزها رسول الله (ص) مع مُشركي قُريش عندما دخل مكَّة المكرَّمة فاتحاً مُنتصراً باْذنِ الله تعالى!.
   أَولاً؛ لحقنِ الدَّم، ولكن ليس على حسابِ الحقائق.
   ثانِياً؛ ولذلك نعتَ صناديد قُريش بالطُّلقاء فوسَمهُم [فجَعَل لهُم علامةً يُعرَفونَ بها الى يَوْمِ القيامةِ] وحرَّم عليهم الخِلافة!.
   ثالثاً؛ لم يعفُ (ص) عن العناصرِ التي كانت قد حكَم عليها بالقتلِ وأَهدر دمَها والنَّفي وعددهُم حسب مصادر التّاريخ عشرَة! فهؤلاء لم تشملهم التّسوية التّاريخيّة!.
   رابعاً؛ لم يُطلِق رَسُولُ الله (ص) تسويتهُ التّاريخيّة قبلَ أَن يعترفَ المشركونَ بجرائمهِم، فأَقرَّهُم (ص) أَولاً عليها ثمَّ قَالَ قولتهُ المشهورة {إِذهبوا فأنتم الطُّلقاء}!.
   وإِلّا لضاعتِ الحقائق وغُيِّبت ولأَصبحت في طيِّ النّسيان! بل ولظهرَ الرّسولُ الكريم (ص) هو المذنِب وأَنَّ المجرمينَ همُ الأَبرياء!.   
   إِنّ أَيّة تسوية تقفز على الحقائِق وتتجاوزَها وتستنسخ الفاسدينَ والفاشلينَ والارهابيّين لهي مشروعُ خيانةٍ يجب على كل مواطن عراقي حرّ وشريف أَن يبذل كلَّ ما بوسعهِ لإسقاطِها وقبرِها بَعْدَ فضحِها وتعريتِها! كما هو الحال مع التَّسوية المزعومة التي يعتمِد جوهرَها على نظريَّة تصفير المسؤوليَّة! والقفز 
على الحقائق وعلى معاناة العراقييّن الذين لازالت دماءهُم الطّاهرة تسيلُ أَنهاراً وأَجسادهم تتطايرُ أَشلاءً! ولعلَّ أَكبرُ دليلٍ على ذَلِكَ هو أَنّها تعنى بالفاسدينَ والفاشلينَ والارهابيّينَ دونَ الشَّعب الذي عانى ولا يزال من طائفيَّتهم وعنصريَّتهم السّياسية، وحزبيّتهم الضّيّقة! بل إِنّ نَفْسِ الوجوهِ الكالِحةِ التي لم تجلِبِ الخيرَ للعراقِ، على حدِّ وصف الخِطابِ المرجعي! هي نفسها التي تسوِّقها وتدلِّل وتُبشِّر بِها!.
   ولقد فضحَ الَّليلُ الدُّجى! ففي أَوّل إِختبارٍ للمصداقيَّة ولِجديَّة الأَطراف المعنيَّة، كشَّرت عن أَنيابِها عندما فرِحت وهلَّلت للتَّهديدات التي أَطلقها الرَّئيس الأميركي ترامب فيما يخصُّ الْعِراقِ! اذ غرَّد المعنيُّون بالتّسوية [التّاريخيّة] بالقولِ [جاك الموت يا تاركَ الصَّلاةِ] في إشارةٍ الى [التَّحالف الوَطني]!.  
   *يتبع
   ١٠ شباط ٢٠١٧
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/12



كتابة تعليق لموضوع : أَلْمُجَامَلَاتُ...لِمَاذَا؟! [١١]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net