عروس البحر والنهر
يسرا القيسي

  تزوجت مرتين في يوم واحد .. لبست بدلتها البيضاء وزركشتها ببعض الورود .. أمتلكت الجرأة وقررت أن تبين حقيقتها للعالم  وأن تزيح عنها قناعها المزيف التي أردته لعقود من العنوسة رغمآ عنها ؛ وتكشف وجهها ناصع البياض من غير تزويق أو تزييف للحقائق .. حقيقة كم تمنيت أن أكون أولى المهنئات وأطبع على جبينها أحر قبلة .. لأنها قررت أن تزيح عنها غبار الظلم حتى ولو بعد عقود من الزمن ..؛
ها هي ليبيا الطيبة بترابها وماؤها.. بسماؤها وهواؤها ..؛ اليوم عقدت قرانها بعد أربعة عقود عجاف عصفت بها .. عقدت قرانها على رجالها الأشاوس الأبطال الصناديد .. عقدت قرانها على أطول ساحل في دول البحر المتوسط وعلى ماء نهرها كزلال ..  بعقد مكتوب بحبر دم الشهداء الأبرار.
اليوم نعم اليوم وبعد مرور ستة شهور من دماء زكية أُريقت .. قرر صناديدها أن يعقدوا العزم ويعقدوا عليها ويسطروا أولى حروف التاريخ الجديد ..؛ ليحافظوا على شرفها وعزتها وكرامتها ..؛
نعم بكل حب أنحني لأُقبل الأرض من تحت نعالكم وأقول أفديكم .. يا أيها الثوار الشرفاء أنتم الأبطال في زمن أنكسرت فيه السيوف وأختفت من تاريخنا الحديث الفروسية ؛ يا أيها الثوار الشرفاء أنتم الأبطال ؛ كل واحد منكم سطر ملحمة بطولية بشجاعته وأقدِامه .. كل بطل منكم وضع دمه على راحة يده من أجل الحرية والتحرر من الديكتاتورية والعبودية والفساد ..؛ أنتم يا أيها الأبطال الآن تأخذوا بأيدينا وتنهضوا من جديد بعزتنا وكرامتنا من ذل الطغاة والديكتاتورية العفنة  ..؛
منذ أن جطت أقدامي أرض المختار وعشت بها دهرآ؛ وكانت لي من الذكريات الجميلة في الساحة الخضراء ساحة الشهداء ؛ساجة الحرية ؛ ساحة الثوار الأبطال .. ساحة الشهداء الذي يقبع أمامها المتحف الليبي شامخآ ليذّكر كل العالم على تاريخ ليبيا المجيد هذا المتحف العملاق بهيبته وعراقة تاريخ ليبيا بكل محتوياته يحاكي الشعوب والتاريخ الحديث بأن ليبيا عصية على الديكتاتورية والعبودية والأستبداد ..؛
 لقد أختلطتُ بالشعب الليبي الطيب اللذين  يملكون قلوبآ طيبة ؛ طيبة الرجل البدوي المعروف بأصالته قلوبآ بيضاء كالثلج
هذا هو الشعب الليبي  الطيب يجعلنا ننصهر معه بتلقائية  دون أن يشعرنا بأي فوارق كونك عربي أو غريب ؛
طرابلس العروس طرابلس النهر والبحر .. اليوم زفُت على رجالها الثوار الأبطال وتطل بحلتها الجديدة وبجمالها  البهيّ .. طرابلس المزدانة شوارعها بكل الوان الطيف .. وأشجارها دائمة الخضرة .. والتي تلفت النظر بأشكالها الهندسية الجميلة  ؛
شكرآ للثوار الأبطال .. لقد أعطيتم درسآ جميلا بالبطولة للشعوب النائمة ..؛ ودرسآ قاسيآ للطغاة يا ليتهم يتعظون ..؛
أتمنى أن تمتد يدي وتمتد  وتستطيل كي أصافحكم عن بعد وأحضن طرابلس الفتاة الجريئة .. والنكازة .. وصبراته وزليتن وسبها .. وبنغازي .. وكل منطقة ومحافظة وشارع وزنكه زنكه .. لقد زنكتم الطاغية في زنكته وقبره .. وأهزمتموه بشعاراته الديماغوجية ..؛
اللهم أنصر الشعب الليبي ولتكتمل فرحتنا بالنصر الكبير ؛ وتحرير الأرض الليبية من أقزام ليبيا الطاهرة ..؛
لقد جعلتونا نتابع بطولاتكم ساعة بساعة .. وأنت تسطرون ملاحمكم البطولية .. شششكرآ لكم أيها الصناديد ..؛

 

الموضوع السابق رغيف انطباعي ..الشاعر عبد الرسول الخفاجي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat