صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

شهوة الجلوس في صدر المجلس
ماجد الكعبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن بعض العناصر التي لا تمتلك تاريخا مشهودا , ومواقفا مشرقة , وحضورا متميزا , وثقافة عالية , ومنطقا جذابا , وواقعية واضحة , ويتطفل على موائد الآخرين بلجاجة وسماجة ,وعندهم حب الظهور والمظهرية , يحاولون جاهدين تغطية عيوبهم , بممارسات متطفلة , حيث نجدهم يهرعون ويتسابقون في المناسبات والاحتفالات والمؤتمرات , إلى التسابق والتزاحم مع الآخرين, لأخذ موقعهم في الخط الأمامي , متصورين بذلك أنهم بامتلاكهم هذا المكان المخصص للجلوس عليه العناصر الأكفأ والأروع , يكونون مليء العيون والإعجاب , وهذا ينم عن ضحالة عقولهم ومستنقع نفوسهم , والذين يبتغون تغطية عيوبهم ونواقصهم التي لا يمكن لهم إخفائها في أي مكان يجلسون فيه , حتى وان كان مكانا مخصصا للأحذية . لان هذا هو استحقاقهم الذي لا غبار عليه . إن هذه الظاهرة التي تعبر عن نفوس راكسة بالوحل , وتريد أن تتبوأ مواقع غيرها لتظهر على شاشات التلفزيون , وكأنها الشخصية المتميزة التي يشار لها بالبنان , فتبا وسحقا لهذه العقول والنفوس المريضة , التي تحاول سد النقص بهذه التطفلات الرعناء , والتي تنم عن غباء مفجع , وضعة منحطة .
فعليه اقترح في مثل هذه المناسبات التي يحضرها أركان الدولة , والشخصيات الاجتماعية والسياسية والثقافية المتميزة , أن تتولى لجنة التشريفات تحديد المكان , وخاصة الخط الأمامي للشخصيات العليا في الدولة والمجتمع , أما ترك الحبل على الغارب , وجعل المدعو للاحتفال يأخذ موقعا متقدما قد لا يستحقه , فهذا مما يثير التذمر والاستياء عند الشخوص التي لا تستطيع التزاحم مع المتزاحمين على صدارة المجلس .
إن المتطفلين على الجلوس في صدر المجلس مصابون بعقدة النقص , ويعانون من أمراض نفسية , ويعرفون جيدا بقرارة أنفسهم , بأنهم مهمشون ومهملون ومنسيون , لأنهم لن يعبروا طيلة مسيرتهم عن عطاءات وإبداعات , تجعلهم ملء البصر والبصيرة . فالجلوس في المكان الأمامي للإنسان المتطاول المتطفل , والذي يدس انفه في كل شيء , ويحشر ذاته في كل مدلج , لا يعطيه ميزة اجتماعية , أو مكانة سياسية , أو منزلة ثقافية , ولكنه يوهم نفسه بأنه عندما يجلس بمحاذاة الكبار , يصبح كبيرا , وعندما يرتصف مع السياسيين والمثقفين , يكن مثلهم او بمستواهم , فمثله مثل الفار الذي نام في عرين الأسد , واخذ يتمطرح ويحلم , بأنه أصبح أسدا, عندما نام في عرين الأسد , ولكنه عندما أفاق على نفسه, وانتهت الاحتفالية , وجد نفسه ما يزال فارا . فيا أيها اللاهثون والمتهافتون على الخطوط الأمامية في المناسبات والمؤتمرات والاحتفاليات , فثقوا بأنكم تثيرون عاصفة من التهكم والازدراء على أنفسكم , بل حتى انتم بذاتكم تضحكون على ذواتكم , لأنكم تتجلببون بجلباب غيركم , ومن يلبس لباس إنسانا ضخما وهو هزيل , فانه يكون أضحوكة للضاحكين ومهزلة للهازلين , فالأمي عندما يماشي العبقري ابد الدهر لن يكن عبقريا , وأنى للهر أن يجاري النمر , وأنى للحطب أن يحاكي الذهب , وكيف للبقة أن تتطاول على الزنبقة .
وتقع على لجنة الاحتفالات مسؤولية كبيرة , وذلك بتخصيص المواقع الأمامية في الاحتفال لأركان الدولة البارزين , والمثقفين المتميزين والمتفردين بعطاءاتهم الأدبية والثقافية والإعلامية والصحفية والاجتماعية , وتأتي الخطوط تبعا لمنزلة المدعوين , ولكن الذي ألاحظه أن هذه الصياغة تكاد تكون معدومة , فالخطوط الأمامية يتوافد عليها الوافدون , بدون تميز لدرجاتهم ومنزلتهم , فالبعض تفترسه شهوة الشهرة ويزاحم الآخرين على موقع الصدارة , فكيف يسمح لعناصر قد تكون نفايات وشظايا وتتبوء مواقع كبار القوم من سياسيين ومثقفين واجتماعين ... فهذا فيه مردود سلبي على المسؤولين عن الاحتفالات أو المؤتمرات . لذا ينبغي بل يجب أن يعرف الإنسان قيمة نفسه , وخير الناس من عرف قدر ذاته , فلا يتطاول ويتعملق ويتطاووس, وهو قزم مضحك , ولقلق هزيل , وفار منزوي في جحر ضيق , ولا يدعي مالا يعي ويفهم يفهم , ولا يتموقع في موقع هو لغيره من الكفاءات , ثم على القائمين بالاحتفال أن يرصدوا بدقة نوعيات ومزايا الكيانات المدعوة , كي تحدد لهم الأماكن اللائقة بهم , وبذلك يحفظون مستوى الاحتفال والاستحقاقات التي يستحقها المستحقون .
ومن الجدير بالذكر , عندي قائمة بالمتطفلين المزمنين والملتصقين والعاشقين للشهرة المزعومة , ولا أريد أن اذكرهم بمقالي هذا خشية الإحراج , ولكن يجوز أن اذكرهم لاحقا , إذا لم يضعوا حدا لهذا التطفل الممجوج , وطوبى لمن يفهم ويعي مكانه ومكانته , التي يستحقها. والإنسان المتميز يظل دائما حصينا محصنا , وأنه يستوعب بجدارة قيمة نفسه , وقيمة الآخرين , والإنسان يقاس بقدرته المتزايدة على تحصين ذاته من كل الشوائب , والتعليقات اللاذعة , والتعقيبات المرة , فلكل شيء ولكل إنسان وزنه وهويته وثقله وحضوره وتاريخه وثقافته , وهل يخفى القمر .. وصدق من قال : رحم الله امرئ عرف حده , فوقف عنده .
ماجد الكعبي
majidalkabi@yahoo.co.uk

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/17



كتابة تعليق لموضوع : شهوة الجلوس في صدر المجلس
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net