صفحة الكاتب : نزار حيدر

حُرِّيَّةُ التَّعْبِيرِ أَوَّلاً
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   أ/ هل أَنَّ الحل لمشكلةِ الْعِراقِ تكمُن في فصلِ الدِّينِ عن الدَّولة؟!.
   أَنا شخصيّاً لا أَعتقدُ ذلك، للأدلَّةِ التّاليةِ؛
   ١/ إِنَّ مشاكلهُ مُزمنةٌ تُستنسخ على مرِّ التّاريخ، حتّى في الفتراتِ الزَّمنيَّة التي حكمتهُ فيه أَشدُّ النُّظُم العَلمانيَّة سوءً وشدَّة على الدِّين!.
   ٢/ الدِّينُ لا يتدخَّل في الدَّولة وإِنّما العكسُ هوَ الصَّحيح!.
   ٣/ للآن لم يقدِّم [المدنيّونَ] لنا نموذجاً يُحتذى على صعيد السُّلطة! ولعلَّ في تجرِبة [إِقليم كُردستان] دليلٌ على ذلك!.
   ومعَ ذلك فاذا اعتبرنا أَنَّ فكرة فصل الدِّين عن الدَّولة إِحدى النَّظريّات المهمَّة التي يجب أَن نبحث فيها كحلٍّ للمُشكلة، إِلّا أَنَّهُ لا أَحدَ بامكانهِ ذلك اذ بمجرَّد أَن يُفكِّر أَحدٌ بهذا المنطق يتعرَّض للاتِّهام والتّخوين والتّكفير ومُعاداة الدّين!.
   كما أَنَّ كلَّ مَن يُحاول أَن يفكِّر بالهواء الطَّلِق ليبحث في أَيَّة قضيَّة من القضايا المطروحة! أَو التي يُحاول أَن يطرق بابَها ويقتحِمها وهي من المسكوت عنها! يتعرَّض لذاتِ التُّهم والافتراءات ورُبما التَّسقيط والاغتيال السِّياسي قبل أَن يستهدفهُ كاتمٌ للصَّوتِ على يدِ مجنونٍ يعبدُ صنماً أَو [عجلاً سميناً] مثلاً!.
   ب/ هذا يعني أَنّنا الآن نعيش مرحلة ما قبلَ التَّكفير الحقيقي والجدِّي! ومن أَجل أَن نتجاوزها نحتاج الى خلقِ مرحلةِ حريَّة التّعبير، فهي بمثابة البرزخ بين مرحلَتَين، الأُولى هي مرحلة تكميمِ الأفواه والخوف والثّانية هي مرحلة البحث في المسكوتِ عنه أَو المحصور في دائرةِ الخطوط الحمراء وما أَكثرها!.
   ج/ عندما يخافُ المفكِّر أَو الباحث من الهمج الرُّعاع الذين تحرِّكهم مافيات السِّياسة والاعلام والاقتصاد وغيرهم! فهذا يعني أَنَّ البلد تمرُّ بمرحلة ما قبل الحُريَّة الفكريَّة، وهذا شيءٌ خطيرٌ!.
   لذلك أَنا أَعتقدُ بأَنَّنا الآن بحاجةٍ الى النِّضال من أَجل حريَّة التَّعبير! فاذا تحقَّق ذلك فعندها يُمْكِنُ للباحثينَ والمفكِّرينَ أَن يُناقشوا كلَّ الحلول المُمكنة لمشاكلِنا، بما فيها الحُلول [التَّعجيزيَّة] وغير الواقعيَّة!.
   اذا لم يتحقَّق هذا الأَمرُ على أَرض الواقع فانَّ كلّ ما نُفكِّر به ونبحث فيه لا يعدو إِجتراراً واستنساخاً لما هوَ موجودٌ من أَفكارٍ عمرها رُبما مِئات السِّنين!.
   نحنُ بحاجةٍ الى أَن نُنظِّر ونُفلسف لحريَّة التَّعبير دينيّاً ووطنيّاً وتاريخيّاً وواقعيّاً وكلّ شيء!. 
   نقلَ لي أَحد أَساتذة الحوزة العلميَّة في النَّجف الأَشرف أَنَّ أَحد كِبار الفُقهاء إِنتهى للتَّوِّ من تأليف كتابٍ يبحثُ فيه كلُّ ما هوَ مسكوتٌ عنهُ في الحوزاتِ العلميَّة! وهو الآن بصددِ إِتِّخاذ القرار النَّهائي لطباعتهِ ولكن قبلَ ذَلِكَ يُحاولُ الاستئناس بآراء الآخرين! فقد يُثيرُ الكتاب الدَّهماء والامَّعات ضِدَّهُ!.
   فاذا كان هذا هو حال الفُقهاء والباحثين والمُفكِّرين فكيفَ يمكنُ أَن نتوقَّع العُثور على الحلولِ الحقيقيَّة والجذريَّة لمشاكلِنا والتي بالتَّأكيد لا يمكنُ العثورُ عليها فيما هو موجودٌ من أَفكارٍ ونظريّات وآراء كلاسيكيَّة وتُراثيَّة! فلو كان فيها حلّاً لعثرنا عليهِ منذُ زمنٍ بعيدٍ! أَليسَ كَذَلِكَ؟!.
   لقد عيَّن [دهماءٌ] أَنفسهُم وكلاءَ عن الله تعالى! يُكفِّرون هذا ويُخوِّنون ذاك ويصوِّبون ثالث ويخطِّئون رابع! حتّى خلقوا من أَنفسهِم مقياساً للحقِّ والباطل وربما سيُعلنونَ أَنفسهم عمّا قريبٍ أَنَّهم همُ المعنيُّون بالعبارة [قسيم النّار والجنَّة]!.  
   د/ إِنَّ أُوروبا، برأيي، تمكَّنت من النَّجاح ليس عندما قرَّرت فصل الدِّين عن الدَّولة، وإِنَّما عندما نجحَت في دخولِ مرحلة حريَّة التَّعبير، والتي مكَّنت الباحثين والمفكِّرين من إِقتحام كلّ المساحات المسكوت عنها والمحرَّمة وغير المسموح بها ليخلُقوا فضاءات وحالات ما يُسمّى بالعصف الفكري أَو الصَّدمات الفكريَّة التي لم يتحمَّلها المجتمع بادئ ذي بدء ولذلك كانت ردَّة فعلهِ إِطلاق التُّهمة بالهرطقةِ لينالَ أَصحابها الاعدام والقتل وقطع الرُّؤوس بالمقاصلِ!.
   صحيح أَنَّ الثَّمن كان باهضاً جدّاً، إِلّا أَنَّ إِصرار المُفكِّرين التَّنويريِّين على المضيِّ قُدماً في نهجهِم الثَّوري الجديد أَثمر أُوروبا جديدة بكلِّ معنى الكلمة!.
   هـ/ لا يُمكنُنا أَن نجد حلولاً حقيقيَّةٍ وواقعيَّة وجذريَّة إِلّا عندما ندخل مرحلة حريَّة التَّعبير، فنُلغي الخطوط الحمراء ونتجاوز خطر الذُّيول والأَبواق التي تقف للمفكِّر والباحث بالمرصاد كلَّما حاولَ أَن يُفكِّر بصوتٍ مرتفعٍ أَو يتجاوزَ خطّاً أَحمر يمسُّ [عِجلاً سميناً] أَو صنماً أَو [قائد ضَرورة] وما أَكثرهم في مجتمعِنا والحمدُ لله!.  
   *مُلخَّص المُحاضرة التي أَلقيتُها في النَّدوة الحُقوقيَّة التي عقدتها الجمعيَّة العراقيَّة لحقوقِ الانسانِ في الولايات المتَّحدة بمناسبة الذكرى (٦٨) للإعلان العالمي لحقوقِ الانسان على قاعة  الجمعيَّة الثقافيَّة المندائيَّة في عينكاوا في محافظة أَربيل يوم (٢١ كانون الأَوَّل ٢٠١٦) المُنصرم.
   ٤ آذار ٢٠١٧
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/06



كتابة تعليق لموضوع : حُرِّيَّةُ التَّعْبِيرِ أَوَّلاً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net