صفحة الكاتب : رياض العبيدي

شعب يتعكز بالتاريخ ..
رياض العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

يملك العرب إرثا تاريخيا كبيرا كونهم أصحاب حضارات كبيرة وعظيمة كتب عنها التاريخ ودون في بطونه كل شاردة وواردة وكل ما تفتخر به الأجيال من علم ومعرفة ,كيف لا وهم أصحاب أعظم رسالة سماوية نزلت على وجه الأرض ,وجميل أن تستذكر الشعوب تاريخها وتقف عليه لأهميته في رسم صورة المستقبل ,فلدراسة التاريخ أهمية كونه يبحث عن حوادث البشر في الزمن الماضي ،وقال احد الفلاسفة القدماء:أعظم أمر يبحث عنه الإنسان هو الإنسان ،وفية يتحقق على قدر الطاقة،مصدره وغايته القصوى وشأنه في هذه الأرض،وليس التاريخ مجرد سرد للأحداث والوقائع وأنباء الحوادث فقط ،فهو يتضمن ذكر ذلك مع تعين أوقات وقوع الحوادث وبيان أسبابها،فيعرف منه سبب ارتقاء الإنسان وانحطاطه وعلل سعادته وشقائه على توالى الأيام والسنين وجميل أن نرى تمسك الأجيال بتاريخها والافتخار به شريطة أن لا يكون ذلك مبررا لتوقف العطاء والتكاسل والاختباء خلفه والاكتفاء بما صنع الأجداد والتغني بأمجادهم ..
ربما بعض المشاهد تبدو بسيطة وربما البعض لا يقف عندها وجعلها ميزانا يزن من خلالها واقعه المخيب للآمال ,وحقا بات الفرد العراقي في أمس الحاجة في توجيه السؤال لنفسه والبحث عن الإجابة بكل عقلانية عن سبب تأخره عن ركب الأمم بعد أن تراجع الشعب العراقي عن كل مسيرة التقدم للشعوب وبشكل مخيف ومرعب ليقف العراقي اليوم عند الأمم التي نهضت من تحت ركام الموت واستجمعت إرادتها من عمق الأحزان والأوجاع ونسجت لجسدها العاري ثيابا من حرير,ليقف العراقي المستسلم للذل والهوان اليوم عند تجربة الشعب الياباني الذي فتكت بمدينتيه (هيروشيما وناكازاكي )قنبلتان نوويتان أوقعتا الآلف من الضحايا وبلحظات إضافة إلى ملايين القتلى من جراء الحرب العالمية الثانية عام 1945.إن تجربة اليابان وما حل بها من كوارث تجعلنا نسال كيف لشعب أن يحيا بعد ما حل به ما حل من دمار في البنية التحتية وبالكامل وهزيمة نكراء وخسائر بشرية ’دولة لا تملك شيئا من موارد طبيعية أو ثروة نفطية تعينها وشعبها كيف تكون كما هي عليه اليوم من رقي ؟ولماذا نحن العراقيون اليوم بهذا الشكل المزري والمخجل ؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات تحتاج إلى أن نصفق للشعوب التي لا تغني لماضيها من اجل أن تتعكز عليه وتبرر فشلها في صناعة حياتها بل لان تاريخها سبب في اكتساب الخبرات بكل ألوانها ,علينا أن نفهم ما صنعت اليابان وما صنعنا نحن العراقيون وعلينا أن نجلد ذاتنا ونخرج من كهوف التاريخ وننطلق حيث اشراقة شمس المستقبل بشيء من إخلاص ووعي وإرادة ..
مؤلمة هي أعوامنا الأربعة عشر الماضية لأنها بدلا من أن نكون قد قطعنا فيها مشوارا طويلا نحو التقدم والازدهار وتعويض السنوات العجاف من حكم البعث لكننا وللأسف تراجعنا إلى ذيل كل القوائم التي سجلت فيها الدول المتقدمة وترأسنا كل القوائم التي ضمت الدول التي امتازت واشتهرت بالفساد والجريمة والإرهاب والموت ,مؤلمة هي أعوامنا الأربعة عشر حين نعلم أن 15 عاما كانت كافية لتجعل اليابان من بين ثلاث دول متقدمة بالعالم ,إذا كنا حقا شعب يريد أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من وطن كل معالمه أطلال وسكانه صورة لمن يسكن المقابر فلابد لنا أن نتوجه وبكل قوة نحو (التربية والتعليم والإدارة والحياد السياسي ولنلبس من جديد أرضنا العارية ثوبها الأخضر ولنعتبر التعليم خدمة وطنية ولنعيد احترام التقاليد والأخلاقية الاجتماعية الموروثة ونشر آداب التعامل والإحساس بالعيب المجتمعي ,ننجح إذا ما جعلنا الصدق أمانة في كل شيء والغش محرم والولاء فقط للوطن ..
لقد رفعت اليابان شعارها المشهور (اذا كان العالم يلهو فاليابان يعمل )فهل نستطيع نحن ان نرفع شعار (اذا كان العالم يلهو فالعراق يعمل )؟
عذرا أيها الشعب العراقي الذي لازال يتغنى بالماضي وهو يقتل الحاضر ,عذرا إذا ما قلت كما قال غيري من قبل (إننا لا نملك اسما في قائمة التحضر العالمي )
عذرا فانت تقتل الحياة في كل قلم شريف وقلب ينبض بالحياة !!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض العبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/10



كتابة تعليق لموضوع : شعب يتعكز بالتاريخ ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net