صفحة الكاتب : محمود الربيعي

دعاؤه لأبويه عليهما السلام
محمود الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

في الأدعية المتعلقة بالأسرة
وكان من دعائه ( عليه السلام ) لأبويه عليهما السلام
 
محمود الربيعي
مقدمة
تعتبر أدعية الصحيفة السجادية محطات يمر بها الإنسان للتزود بالطاقة الروحية والمعاني الرفيعة التي بها صلاح الإنسان والمجتمع، وكلما مر الإنسان بأحد هذه الأدعية المتنوعة تناول درساً بليغاً في التربية والتهذيب والتثقيف الخاص الذي يحقق له النجاح، فالصحيفة تزوده بمختلف أنواع المعارف الإلهية في السلوك والأخلاق والثقافة العامة والخاصة، وتهيئ له الكثير من طرق المعرفة والسلوك العرفاني، كما تعمل على صياغة المبادئ العامة في القانون والتدبير وفي تنظيم العلاقات العامة.
وفي سبيل توضيح منهج الصحيفة السجادية نجد أن الإمام عندما يمر بأدعية شهر رمضان فإنه يهيئ النفوس لإستقبال هذا الشهر ويتوقف عند ليلة القدر ليوليها إهتماماً بالغاً نظراً لما لها من الفضل العظيم، ومن جهة ثانية يهتم الإمام برؤية الهلال مثلاً وبختم القرآن وبوداع هذا الشهر الفضيل،كما أهتم أيضاً بأيام الفطر وعرفة والأضحى ويسعى الى تقويم المسار الحياتي وتصحيحه، وتزويد الإنسان بالمعارف والعلوم ويبدي ا إهتمامه بالأسرة، ويهتم بالجيران والأصدقاء وأهل الثغور. ولم يقتصر إهتمامه بلاجزئيات بل تناول في أدعيته الكليات من الأمور كإهتمامه بالخالق العظيم، وبالمخلوقات من غير جنس الإنسان كالملائكة والجن ومحاربة الشيطان.. والهلال والسحاب والبرق.
ومن خلال نظرة فاحصة يتبين لنا إهتمام الإمام بالتوزيع المنهجي لوقت الإنسان أيام الأسبوع وأوقات الصبح والمساء لكيلا لاينسى الإنسان ربه طيلة أيام حياته وحتى مماته.
 
القسم الأول من الدعاء
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْـدِكَ وَرَسُولِـكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَاخْصُصْهُمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَسَلاَمِكَ، وَاخْصُصِ اللَّهُمَّ وَالِدَيَّ بِالْكَرَامَةِ لَدَيْكَ، وَالصَّلاَةِ مِنْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَلْهِمْنِي عِلْمَ مَا يَجبُ لَهُمَا عَلَىَّ إلْهَاماً، وَاجْمَعْ لِي عِلْمَ ذلِكَ كُلِّهِ تَمَامـاً، ثُمَّ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تُلْهِمُنِي مِنْـهُ، وَوَفِّقْنِي لِلنُّفُوذِ فِيمَا تُبَصِّـرُنِيْ مِنْ عِلْمِهِ، حَتَّى لاَ يَفُوتَنِي اسْتِعْمَالُ شَيْء عَلَّمْتَنِيْهِ، وَلاَ تَثْقُلَ أَرْكَانِي عَنِ الْحُفُوفِ فِيمَا أَلْهَمْتَنِيهِ. 
تعليق
أولاً: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْـدِكَ وَرَسُولِـكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَاخْصُصْهُمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَسَلاَمِكَ: ويغلب على طابع الأدعية المأثورة عن الإمام زين العابدين عليه السلام الصلاة على محمد وآل محمد في بداية كل فقرة من فقرات الدعاء وأقسامه ولايخفى ما لأهمية هذه الصلاة في قبول الدعاء وضمان الإجابة عاجلاً أوآجلاً، وهذه الصلاة تشتمل على طلب الرحمة والبركة والسلامة لهما.
ثانياً: وَاخْصُصِ اللَّهُمَّ وَالِدَيَّ بِالْكَرَامَةِ لَدَيْكَ، وَالصَّلاَةِ مِنْكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ: فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بالدعاء للوالدين، وحث على ذلك في كتابه الكريم، وأكدته السنة النبوية المطهرة الشريفة من ضرورة إبداء الإهتمام بهما ورعايتهما والدعاء لهما.
ثالثاً: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَلْهِمْنِي عِلْمَ مَا يَجبُ لَهُمَا عَلَىَّ إلْهَاماً، وَاجْمَعْ لِي عِلْمَ ذلِكَ كُلِّهِ تَمَامـاً، ثُمَّ اسْتَعْمِلْنِي بِمَا تُلْهِمُنِي مِنْـهُ، وَوَفِّقْنِي لِلنُّفُوذِ فِيمَا تُبَصِّـرُنِيْ مِنْ عِلْمِهِ، حَتَّى لاَ يَفُوتَنِي اسْتِعْمَالُ شَيْء عَلَّمْتَنِيْهِ، وَلاَ تَثْقُلَ أَرْكَانِي عَنِ الْحُفُوفِ فِيمَا أَلْهَمْتَنِيهِ: كما أبدى الإمام عليه السلام غاية سؤله في طلب الوصول الى كل مايجب فيه من الرعاية التامة، وأن يكون ذلك نابع من الطبيعة والسجيه والإرتباط المتين بالله سبحانه وتعالى، فهو غايته ومنهله يقدم من خلالها لوالديه الخدمة والواجب، والتمني بأن يصل في كل ذلك الى قمة رضاهما.
 
القسم الثاني من الدعاء
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا أَوْجَبْتَ لَنَا الْحَقَّ عَلَى الْخَلْقِ بِسَبَبِهِ. أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ، وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَأُقَدِّمَ عَلَى رِضَاىَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُر.
تعليق
أولاً: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا شَرَّفْتَنَا بِهِ وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ كَمَا أَوْجَبْتَ لَنَا الْحَقَّ عَلَى الْخَلْقِ بِسَبَبِهِ: والتشريف هنا يعم المسلمين كافة كما هو خاص لأهل البيت عليهم السلام بإعتبارهم خلاصة الأمة وموضع ميراث النبوة وحلقة الإمامة الذين لهم الحاكمية في أمور الدين والدنيا.
ثانياً: أللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَهَابُهُمَا هَيْبَةَ السُّلْطَانِ الْعَسُوفِ، وَأَبَرُّهُمَا بِرَّ الأُمِّ الرَّؤُوفِ: وفي هذا النص طلب الإمام من ربه أن يرزقه هيبة والديه مثلما يهاب الناس بطبعهم العادي حاكمهم الجائر الظلوم وهو تعبير رفيع عن قيمة ومنزلة الوالدين في نفس الإمام والرغبة في الطاعة الخالصة لهما وفي ذلك طاعة لله سبحانه.. كما شبه الإمام حجم الطاعة المفروضة في نفسه بحجم إحسان الأم المتلازم بالرحمة الشفقة.
ثالثاً: وَاجْعَلْ طَاعَتِي لِوَالِدَيَّ وَبِرِّيْ بِهِمَا أَقَرَّ لِعَيْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْوَسْنَانِ، وَأَثْلَجَ لِصَدْرِي مِنْ شَرْبَةِ الظَّمْآنِ حَتَّى أوثِرَ عَلَى هَوَايَ هَوَاهُمَا وَأُقَدِّمَ عَلَى رِضَاىَ رِضَاهُمَا وَأَسْتَكْثِرَ بِرَّهُمَا بِي وَإنْ قَلَّ وَأَسْتَقِلَّ بِرِّي بِهِمَا وَإنْ كَثُرَ: وشبه الإمام عليه السلام أيضاً حبه وطاعة والديه بالراحة التي تحسها العين عند أول نعاسها وميلها الى النوم أوكما يحس الظمآن بالراحة عند شربه الماء وهو تعبير في غاية اللطف والإحساس الذي تترتب عليه آثاراً جميلة تجدها داخل النفس وتدفع بها الى التضحية والشعور بالعرفان، فهما أصله الذي إليه يصير، وثمرة وجوده مهما قل برهما أو كثر.
 
القسم الثالث من الدعاء
أللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلاَمِي، وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيْكَتِي، وَاعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً، وَعَلَيْهِمَا شَفِيقاً. أللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي وَأَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي، وَاحْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي.
تعليق
أولاً: أللَّهُمَّ خَفِّضْ لَهُمَا صَوْتِي، وَأَطِبْ لَهُمَا كَلاَمِي، وَأَلِنْ لَهُمَا عَرِيْكَتِي، وَاعْطِفْ عَلَيْهِمَا قَلْبِي، وَصَيِّرْنِي بِهِمَا رَفِيقاً، وَعَلَيْهِمَا شَفِيقاً: ويلتمس الإمام عليه السلام في طلبه تحقيق أعلى قدر ممكن من رضا الوالدين بالتأكيد على ضرورة حسن التخاطب معهما بخفض الصوت وطيب الكلام ولين الجناح وإظهار الميل والتودد، ومصاحبتهما برفيع الأخلاق وحسن المخالطة. والعريكة: هي النفس والطبيعة والخلق والسليقة والجبيلة، وعليه لابد لهذه النفس أن تتحلى بطبيعة المرونة وأن يكون ذلك منهجها.
ثانياً: أللَّهُمَّ اشْكُرْ لَهُمَا تَرْبِيَتِي وَأَثِبْهُمَا عَلَى تَكْرِمَتِي، وَاحْفَظْ لَهُمَا مَا حَفِظَاهُ مِنِّي فِي صِغَرِي: ويريد الإمام بذلك تحقيق الشكر للوالدين عن طريق وصاله بالفيض الإلهي على ماقدماه من الرعاية والتربية والإحسان ليرفع من رصيد والديه ويضمه الى حسناتهما.. ومن عرفانه عليه السلام بالجميل أنه لم ينسى ماقدماه له في مراحل الطفولة عندما كان عاجزاً عن حفظ النفس، فلولاهما لما كان منه ماكان من القوة والقدرة والكيان المستقل.
 
القسم الرابع من الدعاء
اللَّهُمَّ وَمَا مَسَّهُمَا مِنِّي مِنْ أَذَىً أَوْ خَلَصَ إلَيْهِمَا عَنِّي مِنْ مَكْرُوه أَوْ ضَاعَ قِبَلِي لَهُمَا مِنْ حَقٍّ فَاجْعَلْهُ حِطَّةً لِذُنُوبِهِمَا وَعُلُوّاً فِي دَرَجَاتِهِمَا وَزِيَادَةً فِي حَسَنَاتِهِمَا يَا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأَضْعَافِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ.
تعليق
أولاً: اللَّهُمَّ وَمَا مَسَّهُمَا مِنِّي مِنْ أَذَىً أَوْ خَلَصَ إلَيْهِمَا عَنِّي مِنْ مَكْرُوه أَوْ ضَاعَ قِبَلِي لَهُمَا مِنْ حَقٍّ فَاجْعَلْهُ حِطَّةً لِذُنُوبِهِمَا وَعُلُوّاً فِي دَرَجَاتِهِمَا وَزِيَادَةً فِي حَسَنَاتِهِمَا: وبحسب الطبيعة البشرية فقد تصدر بعض الأخطاء من هنا وهناك بين الأبناء والآباء مما يلحق الأذى بهم نفسياً أو مادياً من الكره والبغض لأمور تكون سبباً في ضياع بعض الحقوق والواجبات يترتب عليها ذنوباً قد تستوجب العقوبة، لذا يطلب الإمام أن يجعل الله ذلك حطة لذنوبهما وعلواً في درجاتهما وزيادة في حسناتهما.
ثانياً: يَا مُبَدِّلَ السَّيِّئاتِ بِأَضْعَافِهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ: وفي النظام الإلهي فإن قوانين العفو تختلف عما تعارف عليها عامة البشر، فالعبرة في القانون الإلهي بعواقب الأمور وخواتيهما، وفي التجاوز عن الأخطاء التي يرتكبها الإنسان والتي يسمح القانون الإلهي بالتكفير عنها بعدما يتناول الإنسان لنفسه التوبة النصوحة.
 
القسم الخامس من الدعاء
أللَّهُمَّ وَمَا تَعَدَّيَا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ قَوْل، أَوْ أَسْرَفَا عَلَىَّ فِيْهِ مِنْ فِعْل، أَوْ ضَيَّعَاهُ لِي مِنْ حَقٍّ أَوْ قَصَّرا بِي عَنْهُ مِنْ وَاجِب فَقَدْ وَهَبْتُهُ وَجُدْتُ بِهِ عَلَيْهِمَا، وَرَغِبْتُ إلَيْكَ فِي وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُمَا فَإنِّي لا أَتَّهِمُهُمَا عَلَى نَفْسِي، وَلاَ أَسْتَبْطِئُهُمَا فِي بِرِّي، وَلا أكْرَهُ مَا تَوَلَّياهُ مِنْ أَمْرِي يَا رَبِّ فَهُمَا أَوْجَبُ حَقّاً عَلَيَّ، وَأَقْدَمُ إحْسَانـاً إلَيَّ وَأَعْظَمُ مِنَّةً لَـدَيَّ مِنْ أَنْ أقَاصَّهُمَا بِعَدْل، أَوْ أُجَازِيَهُمَا عَلَى مِثْل، أَيْنَ إذاً يَا إلهِيْ طُولُ شُغْلِهِمَا بِتَرْبِيَتِي ؟ وَأَيْنَ شِدَّةُ تَعَبِهِمَا فِي حِرَاسَتِيْ ؟ وَأَيْنَ إقْتَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيَّ؟ هَيْهَاتَ مَا يَسْتَوْفِيَانِ مِنِّي حَقَّهُمَا، وَلاَ اُدْرِكُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ لَهُمَا وَلا أَنَا بِقَاض وَظِيفَةَ خِدْمَتِهِمَا. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَعِنِّي يَا خَيْرَ مَنِ اسْتُعِينَ بِهِ. وَوَفِّقْنِي يَا أَهْدَى مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ، وَلاَ تَجْعَلْنِي فِي أَهْلِ الْعُقُوقِ لِلآباءِ وَالأُمَّهاتِ يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ.
تعليق
أولاً: أللَّهُمَّ وَمَا تَعَدَّيَا عَلَيَّ فِيهِ مِنْ قَوْل، أَوْ أَسْرَفَا عَلَىَّ فِيْهِ مِنْ فِعْل، أَوْ ضَيَّعَاهُ لِي مِنْ حَقٍّ أَوْ قَصَّرا بِي عَنْهُ مِنْ وَاجِب فَقَدْ وَهَبْتُهُ وَجُدْتُ بِهِ عَلَيْهِمَا، وَرَغِبْتُ إلَيْكَ فِي وَضْعِ تَبِعَتِهِ عَنْهُمَا فَإنِّي لا أَتَّهِمُهُمَا عَلَى نَفْسِي، وَلاَ أَسْتَبْطِئُهُمَا فِي بِرِّي، وَلا أكْرَهُ مَا تَوَلَّياهُ مِنْ أَمْرِي يَا رَبِّ فَهُمَا أَوْجَبُ حَقّاً عَلَيَّ، وَأَقْدَمُ إحْسَانـاً إلَيَّ وَأَعْظَمُ مِنَّةً لَـدَيَّ مِنْ أَنْ أقَاصَّهُمَا بِعَدْل، أَوْ أُجَازِيَهُمَا عَلَى مِثْل: ويُظْهِر الإمام غاية الحب والرغبة في التجاوز عن جميع الأخطاء التي ترتكب في حقه من القول أوالفعل و التقصير مع التأكيد ان حال الإمام في دعائه إنما من باب إياك أعني وأسمعي ياجارة فهو يتكلم في الخطوط العامة التي توجب على الأبناء عدم إتهام الأبناء لآبائهم في أبواب الحقوق والواجبات بسبب تقدمهم في الإحسان والعجز عن الوفاء لهم.
ثانياً: أَيْنَ إذاً يَا إلهِيْ طُولُ شُغْلِهِمَا بِتَرْبِيَتِي ؟ وَأَيْنَ شِدَّةُ تَعَبِهِمَا فِي حِرَاسَتِيْ ؟ وَأَيْنَ إقْتَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيَّ؟ هَيْهَاتَ مَا يَسْتَوْفِيَانِ مِنِّي حَقَّهُمَا، وَلاَ اُدْرِكُ مَا يَجِبُ عَلَيَّ لَهُمَا وَلا أَنَا بِقَاض وَظِيفَةَ خِدْمَتِهِمَا: وفي هذا النص يبين الإمام المعادلة التي وضعها الأبناء البررة تجاه الآباء في الإعتراف بالجهد الذي بذلوه من أجلهم ليكونوا صالحين في مجتمعهم في جوانب التربية والتهذيب وفي مراقبتهما المستمرة لهم لضمان سَيْرِليضمنوا لهم السير في الإتجاه الصحيح، مع التضحية ونكران الذات والتسابق لقضاء حوائجهم وتلبية مطالبهم وتصريف شؤونهم، ومهما عمل الأبناء ومهما قدموا فإنه ليس بإمكانهم رد الإحسان إذ أنه قُدِّمَ  لهم بغيرحساب وبلاطلب ولامنة بل تطوعاً لايلزم الأبناء بالوفاء له.
ثالثاً: فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَأَعِنِّي يَا خَيْرَ مَنِ اسْتُعِينَ بِهِ. وَوَفِّقْنِي يَا أَهْدَى مَنْ رُغِبَ إلَيْهِ، وَلاَ تَجْعَلْنِي فِي أَهْلِ الْعُقُوقِ لِلآباءِ وَالأُمَّهاتِ يَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ: ويطلب الإمام في هذا النص من الله سبحانه الرحمة والمعونة والتوفيق والهداية لأجل تحصيل القدرة على الوفاء بالقَدَرِ الذي يمكن أن يروي المعادلة الظامئة بين الأبناء والآباء وتحاشي طريق العقوق ونيل رضا الله وتحصيل المراد.
 
القسم السادس من الدعاء
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَاخْصُصْ أَبَوَيَّ بِأَفْضَلِ مَا خَصَصْتَ بِهِ آبَاءَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَاُمَّهَاتِهِمْ يَا أَرْحَمَ الـرَّاحِمِينَ.
تعليق
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِـهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَاخْصُصْ أَبَوَيَّ بِأَفْضَلِ مَا خَصَصْتَ بِهِ آبَاءَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَاُمَّهَاتِهِمْ يَا أَرْحَمَ الـرَّاحِمِينَ: وينتقل الإمام من مرحلة الفعل والعمل في تشخيص الحق الذي عليه، والإعتراف بفضل الآباء الى مرحلة الدعاء لهما وطلب الجزاء لهما من الملك المالك والمليك المقتدر.
 
القسم السابع من الدعاء
أللَّهُمَّ لاَ تُنْسِنِي ذِكْرَهُمَا فِي أَدْبَارِ صَلَوَاتِي وَفِي أَناً مِنْ آناءِ لَيْلِي، وَفِي كُلِّ سَاعَة مِنْ سَاعَاتِ نَهَارِي. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي بِدُعَائِي لَهُمَا، وَاغْفِرْ لَهُمَـا بِبِرِّهِمَـا بِي، مَغْفِرَةً حَتْمـاً وَارْضَ عَنْهُمَا بِشَفَاعَتِي لَهُمَا رِضَىً عَزْماً، وَبَلِّغْهُمَا بِالْكَرَامَةِ مَوَاطِنَ السَّلاَمَةِ.
تعليق
أللَّهُمَّ لاَ تُنْسِنِي ذِكْرَهُمَا فِي أَدْبَارِ صَلَوَاتِي وَفِي أَناً مِنْ آناءِ لَيْلِي، وَفِي كُلِّ سَاعَة مِنْ سَاعَاتِ نَهَارِي. أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاغْفِرْ لِي بِدُعَائِي لَهُمَا، وَاغْفِرْ لَهُمَـا بِبِرِّهِمَـا بِي، مَغْفِرَةً حَتْمـاً وَارْضَ عَنْهُمَا بِشَفَاعَتِي لَهُمَا رِضَىً عَزْماً، وَبَلِّغْهُمَا بِالْكَرَامَةِ مَوَاطِنَ السَّلاَمَةِ: ويرى الإمام عليه السلام أن على الأبناء أن يتذكروا آبائهم ليل نهار، وأن لايغيبوا عن ذاكرتهم والدعاء لهم في كل ساعة، وأن يستحضروا وجودهم في القلوب والعقول ويجتهدوا في طلب العفو والغفران لهم والتجاوز عنهم حتى يلحقهم الله بجنة النعيم.
 
القسم الثامن من الدعاء
أللَّهُمَّ وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لَهُمَا فَشَفِّعْهُمَا فِيَّ، وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُـكَ لِي فَشَفِّعْنِي فِيْهِمَا، حَتّى نَجْتَمِعَ بِرَأفَتِكَ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ وَمَحَلِّ مَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ، إنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالْمَنِّ الْقَدِيْمِ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
تعليق
أللَّهُمَّ وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُكَ لَهُمَا فَشَفِّعْهُمَا فِيَّ، وَإنْ سَبَقَتْ مَغْفِرَتُـكَ لِي فَشَفِّعْنِي فِيْهِمَا، حَتّى نَجْتَمِعَ بِرَأفَتِكَ فِي دَارِ كَرَامَتِكَ وَمَحَلِّ مَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ، إنَّكَ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالْمَنِّ الْقَدِيْمِ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ: وينبغي على الأبناء البررة أن يجتهدوا في تحصيل رضا الآباء وأن يطمعوا في شفاعتهم ليجتمعوا في دار الكرامة.
 
خاتمة
تعتبر أدعية الصحيفة السجادية دستوراً حضارياً للإنسان المسلم والمؤمن في الحياة الدنيا، فهي تهتم  بتربية النفس وتهذيبها وتنويرها وتدفعه للإلتزام بالحقوق والواجبات وتحقق له النجاح وتساعده في السير في طريق الإستقامة التي فيها صلاح المجتمع.
 
‏‏27‏/08‏/2011

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/27



كتابة تعليق لموضوع : دعاؤه لأبويه عليهما السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net