الى متى تسرق سعادتنا واحلامنا ؟
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خلاصة رواية ألبير كامو الموت السعيد تحرم الانتحار المحرم في الشرائع السماوية وفِي القوانين الوضعية لكن عندما تصبح الحياة هي الاختيار الوحيد غير المحتمل والذي لإيطاق فأنها تستعيد حالات مماثلة تغيب فيها الحرية وحقوق الانسان ويتحول المشهد الى مأتم دائم ولعل شبح سيزيف في العالم الثالث وفِي أقاليم الوطن العربي يتجول بطلاقة حتى من غير تذكر من يكون وما لغز أسطورته.
فالإنسان يولد في الحزن ويعيش فيه ولا يموت الا في أعماقه كما جاء في المثل الصيني القديم يولد من غير اختيار ويمضي عمره متدحرجا كي تنتهي حياته في حفرة او في مقابر المجهولين، حكاية شبيهة بقصيدة المُلا عبود الكرخي المجرشة التي يلعن فيها الشاعر لعبة الشقاء لانه يعيد احياء الذاكرة العراقية القديمة ذاكرة المعذب المعاقب من غير سبب ازاء سارقي احلام وسعادة وقوت الآخرين ومصائرهم .
لان السؤال مالذي يتذكره الانسان او مالذي يستحق تذكره وهل ثمة جدوى من استعادة سنوات فرضت أوزارها على الجميع ثم تعقبها سنوات اكثر تعاسة بسبب اختيارات قسرية ليس للضحايا فيها الا ان يدخلوا الحياة من باب ليخرجوا من اي باب مِن ابوابها بعد ان سلبت منهم حياتهم بين يوم الميلاد وبين يوم الرحيل .
فبعد عام 1959نشبت اتعس حرب أهلية لم يخترها كل من ذهب ضحية لها لكنها حتى يومنا هذا تركت اثرها في جيش من الأيتام من الأكراد ومن العرب ولا يمكن محوها الا بأمطار الغيوم السوداء وسنوات عجاف مضافة .
فلما جرت حرب السنوات الثمان ولصالح من ومن انتصر فيها غير الملايين من الضحايا والمهجرين والمهاجرين والمفقودين والمعاقين كي يعقبها عام الحرب على الكويت بخسائر مضافة تعقبها مرارات الحصار حتى اكل فيها الناس الحجارة والتبن وذهب ضحيتها الأطفال والنساء والشعب برمته .
ثم تأتي حرب الصدمات والصواعق لتتبخر الدولة وتحل الفوضى وتضرب بقسوة المجتمع في تاريخه وجغرافيته وثقافته وحياته اليومية ومصيره .
وترتفع شعارات تقسيم المقسم وتجزئة المجزء عبر الفساد والرعب وغياب الخدمات تاركة أذاها عميقا في الجميع فالوطن يواصل نزف الدم مع ضياع الثروات وهدر المال وخراب المدن بعد خراب الضمائر وبعد ازدهار الخارجين على القانون حتى اصبح المستقبل يقف عند تخوم المجهول .
يهجرون السكان ويعزلونهم بين التهديد وبين القتل مع من يدعون الى الانفصال وإقامة دويلة او إمارة كي يضرب الاٍرهاب بمفخخاته وعبواته واحزمته الناسفة وكواتمه ماتبقى من الأبرياء .
هل هو القدر الذي لاحرية فيه للناس الا ان يساقوا الى المجازر والى المتاهات والى الوعود والى الاوهام من ناحية ام هو لغز ليس لأحد الا ان يذهب ضحية له من ناحية ثانية ذلك لان قراءة المائة عام الماضية بين دخول الإنكليز وبين يومنا هذا لاينسجم مع رغبة الناس بالعيش بعيدا عن القهر والجهل والظلمات والخرافات والقتل اليومي ام انه الموت السعيد حيث الاختيارات في الأخير تقهر حرية الاختيار بل وتقهر حتى من حاول او سعى الى مقاومة دوامة القهر والموت السعيد .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat