صفحة الكاتب : محمد كاظم خضير

في وفاة جبل الصبر تحية إجلال إليه
محمد كاظم خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب. هي إحدى الشخصيات المهمة عند المسلمين .

لقد تحدث الناس عن البطولات والأبطال من النساء والرجال المعروفين بالجرأة والشجاعة ومقارعة الفرسان في المعارك التي كانت المرأة تقف فيها إلى جانب الرجل وتؤدي دورها الكامل بنفس الروح والعزيمة التي كان الأبطال يخوضون المعارك فيها ، وبلا شك فان اهل البيت (عليهم السلام) يأتون في الطليعة بين أبطال التاريخ ، وان زينب ابنة علي وفاطمة تأتي في الطليعة بعد ابيها واخوتها كما يشهد لها تاريخها الحافل بكل انواع الطهر والفضيلة والجرأة والصبر في الشدائد .

وليس بغريب على تلك الذات العملاقة التي التقت فيها الأنوار الثلاثة : نور محمد وعلي وفاطمة ومن تلك الأنوار تكونت شخصيتها ان تجسد بمواقفها خصائص النبوة والامامة وأمها الزهراء التي امتازت بفضلها على نساء العالمين .

ان اللسان ليعجز وان اللغة على سعة مفرداتها لتضيق عن وصفها وعن التعبير عما ينطوي عليه الإنسان من الشعور نحو المرأة الكبيرة والقدوة

كثيرة تلك الأقلام التي تحدثت عن السيدة زينب عليها السلام ودورها في واقعة الطف والأحداث التي أعقبت تلك الثورة إلا انها اختلفت في مضمون خطابها فالبعض عد وجودها وسيلة من وسائل الضغط التي استخدمها الامام الحسين عليه السلام والبعض الاخر اختصر دورها بالإعلام عن نتائج الثورة والبعض الاخر تناول الامر بشكل عاطفي بحت فاختلق صور ومواقف رسم فيها ملامح الضعف والذلة بهدف استدرار الدمعة وتهييج المشاعر والأحاسيس.

ولعل هنالك حقائق مغيبة تكمن في ان خروج السيدة زينب مع اخيها الحسين عليهما السلام لم يكن وليد اللحظة التي انطلقت بها القافلة بل ان الاعداد لتلك المصاحبة كان مخطط لها في وقت سابق يتضح ذلك في اشتراط الامام أمير المؤمنين عليه السلام على عبد اللّه بن جعفر عندما تقدم لخطبتها بالسماح لها بالخروج مع اخيها الحسين لنلمس من ذلك الموقف بل نتيقن بان هنالك اعداد وتهيأة مسبقة للسيدة زينب عليها السلام لاداء مهام وادوار مهمة في كربلاء.

وبالتالي فان مراجعة ما وثقته كتب التاريخ عن السيدة زينب وجمع وجهات النظر نجد ان من غير المنطقي ان يختزل دور السيدة زينب بموقف معين او حادثة عفوية او مفردة بسيطة بل انها جمعت ادوار ومواقف يعجز المداد على وصفها، حيث ان الامام الحسين عليه السلام حينما اصطحبها معه الى كربلاء قلد بذلك جده رسول الله صلى واله الذي كان يصطحب معه بعض زوجاته وعدد من النساء اللواتي شهد التاريخ ببطولتهن ومواقفهن الخالدة في معارك عدة، وبالتالي فان السيدة زينب اعطت زخما معنويا كبيرا للإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ولعل كتاب المقاتل يذكرون ان الامام الحسين كلما يستشهد احد اولاده يرجع الى خيمة السيدة زينب لتعينه على الم المصاب بل ان الروايات اكدت انها في ليلة عاشوراء شحذت همم الانصار كذلك، فضلا عن موقفها في منع الامام زين العابدين الذي انصاع لكلمتها وعكف عن الخروج لنصرة ابيه الامام الحسين حتى لا تخلو الارض من نسل محمد وال محمد.

كما ان للسيدة زينب دور مهم في الحفاظ على العائلة والأطفال من التشتت والضياع نتيجة الهجمات التي تعرضت لها الخيام، فضلا عن دورها البارز في تأليب الرأي العام في الكوفة ومخاطبة اهل الشام وفضح الماكنة الاعلامية الاموية على الرغم من تأثيرها في المجتمع آنذاك بل ان تصديها للإلقاء خطبة في الكوفة وعدم السماح للإمام السجاد عليه السلام في ان يخطب ساهمت بالحفاظ على حياته من ان يقتل قبل نزوله من على المنبر وأتاحت الفرصة له لإلقاء خطبته في مجلس يزيد.

كما ان هنالك مواقف كثيرة من الصعب حصرها في هذه المقالة ولعل ابرزها الوقوف بوجه المجتمع الذكوري انذاك الذي كان يعتبر المرأة اداة من ادوات المنزل بل انها خلقت للرجل فاثبتت لذلك المجتمع ان دور المرأة لايقل اهمية عن دور الرجل اذا ما نقول يفوق ذلك في كثير من المواقف، فضلا عن رسم صورة مميزة للمرأة في تحمل الصبر والحفاظ على الحجاب في احلك الظروف وعدم الضعف ومشروعية الجهاد والمحافظة على الصلاة الواجبة والمستحبة في المصائب وشكر الله والثناء له عند الشدائد.

ختاما فالسيدة زينب شخصية جمعت فصاحة وحكمة ابيها علي وعفة امها الزهراء وكيفية تحمل المصائب وصبر اخوها الحسن وشجاعة اخيها الحسين ووفاء شقيقها العباس عليهم السلام.

ولم تمض سنة ونصف السنة على واقعة كربلاء وفاجعتها حتّى ضاق البلاط الأُموي بالعقيلة زينب عليها السّلام؛ فهي سفيرة الحسين وراوية قصته قصة الشهادة العظمى بلسانها ونحيبها وجميع حالاتها، فأُبعدت عن موطن جدها، إلى أين ؟ إلى الشام من جديد، حيث ذكريات السبي والدخول وسط الشامتين والمجابهة في قصر الطاغية يزيد، وحيث هناك عُلِّق رأس الشهيد على شجرة أيّاماً مُرّة، فأجهشت، ثمّ شهقت، ثم غصّت غصة الحزن العميق كانت فيها نفسُها الطاهرة الزكية

فكانت شهيدةَ بيت الوحي أيضاً، لا بسيف ولا برمح ولا سُمّ، ولكن بمصائب عجيبة، فقضت حزناً على حبيب المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم وحباً له وشوقاً إليه. ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو القائل ( من مات على حُبّ آل محمّد مات شهيدا)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد كاظم خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/15



كتابة تعليق لموضوع : في وفاة جبل الصبر تحية إجلال إليه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net