صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الجهل بالوطن جلاّبٌ للمِحن!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الآخرون يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا وأوطاننا وتأريخنا وحضاراتنا وما فينا من الطاقات والقدرات وما عندنا من الثروات , فهم الذين أدلونا على آثارنا , ولا يوجد منّا واحد أدّلَ الدنيا على حضاراتنا , أو أسهم في إكتشافها.
ففي مصر على سبيل المثال, جميع الآثار مُكتشفة من قبل الألمان والفرنسيين والإنكليز , وكذلك في العراق , وهذه أدلة على أننا من الجهلاء بأحوالنا وبلداننا.
وبسبب الجهل الوطني أو البُلداني المروّع أصابنا ما أصابنا من الويلات والتداعيات , ذلك أن معظم الدول العربية تولى أمرها قادة يجهلونها , ويتوهمون بمعرفتها , والآخرون الطامعون بها يعرفونها ويعرفونهم حق المعرفة , وبذلك يتم تمرير الخطط والمشاريع وإنجاز الأهداف المطلوبة بسهولة وسرعة.
ولا يزال العرب يتنعمون بقادة يجهلونهم , ولا يعرفون البلدان التي يمتلكون زمام السلطة فيها , ومن غير البديهي أن يتمكن قادة يجهلون ما يقودون من تحقيق أي إنجاز إيجابي وصالح للوطن والمجتمع.
فلو أخذنا بلدا كالعراق , بثرائه الحضاري والمادي وتأملنا مسيرته , لتبين أن السبب الأساسي في مآسيه المتلاحقة , عدم توفر القائد الذي يعرفه , فقد أبتليَ بالقادة الذين يجهلونه تماما , ومنذ تأسيسه إلى اليوم لم يحضَ بقائد يعرفه , حتى وصلنا إلى مرحلة أجهل الجهلاء به , وبسبب هذا الجهل المدقع فأنهم يعادونه ويكرهونه وينكرونه , عملا بأن البشر عدو ما جهل.
قد يقول قائل أن الذي أصاب الوطن بسبب كذا وكذا , ويمكنه أن يؤلف موسوعات وموسوعات ولا يستطيع أن يصل إلى جزيرة نجاة في يم التداعيات المتلاطم , لكن عبارة واحدة تغني عن جميع الكتابات , إنها الجهل بالعراق , فما جرى في ألفين وثلاثة وما بعدها وقبلها نابع من هذه العلة المريرة التي تنخر الوجود الوطني وتمزق المجتمع , وتقدم البلد على طبق من ذهب للطامعين به والذين يعرفونه حق المعرفة , ويبنون سياساتهم ومصالحهم على ضوء ما يعرفون , وقادتنا يقررون كل شيئ على ضوء ما يجهلون.
فلو إمتحنت أي قائد أو مسؤول بموضوع العراق لإكتشفتَ رسوبا مذهلا , فهم لا يعرفون جغرافيته ولا تأريخه , ولا ما فيه وما حوله ودوره وقيمته الستراتيجية والإقتصادية والحضارية , إنهم مغيبون في متاهات الضلال والبهتان , وما يشغلهم هو الفساد والمتاجرة بالبشر الحيران.
إن الخروج من المأزق الفاعل في البلاد يستدعي الجد والإجتهاد بمعرفة العراق , والعمل الدؤوب على فهمه وإدراكه والتفاعل معه بدراية واضحة , توفر المنارات الكفيلة برؤية المنطلقات السلوكية الصالحة للوجود العزيز.
أما الإمعان بجهل الوطن , فأنه يساهم بتحويل القادة إلى دمى وموجودات مسلوبة الإرادة , وفاقدة للقدرة على صناعة الحياة , فالفرق بين الذي يعرف والذي يجهل كالفرق بين النهار والليل.
فهل سنعرف العراق لكي يعزنا العراق؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/29



كتابة تعليق لموضوع : الجهل بالوطن جلاّبٌ للمِحن!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net