صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم (4/4) الحرية والكرامة "8" اليوم الثالث عشر
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنه غباء المحتل وغطرسة الباغي، وتمادي الظالم وتيه الضال، وفساد عقل المعتدي وضيق أفق المفتري، وقلة عقل المعتد بقوته والمختال بعدته، الفاقد للعدل والمعادي للحق، المفتون بزمرته والمزهو بجماعته، الذين يظنون أنهم يحسنون في مواجهة إرادة الحق وأهله صنعاً، ويتوقعون عليهم نصراً، ويرجون عليهم كسباً، ويتطلعون بما أعدوا لهم من قوةٍ طاغيةٍ وعدةٍ باغيةٍ، وأحابيل خبيثة وخدع سقيمة، أن ينتصروا عليهم، وأن يفرقوا جمعهم ويشقوا صفهم، وأن يوقعوا الخلاف بينهم، فلا يكون لهم صوتٌ موحدٌ، ولا إرادةٌ صلبة، فتراهم ينتقلون من خطةٍ إلى أخرى، ويقفزون من تجربةٍ إلى غيرها، وكلهم أمل أن تجدي الثانية إذ لم تنفع الأولى، وأن تثمر الجديدة إذ فشلت القديمة، وما علموا أنهم يواجهون رجالاً يخوضون معركة الكرامة، ويصنعون غد العزة، فلا يرومون لحياةٍ ذليلةٍ، بل يتطلعون إلى الصعود إلى القمم، ويكرهون العيش أبداً بين الحفر، ولكن العدو يجهلهم ومعهم يحاول، وتجاههم لا ييأس، وفي سبيل كسر إضرابهم يسعى ولكنه سيفنى.
o    القوة المفرطة والعنف المؤذي ...
بعد أن لم تنجح وسائله في كسر إضرابهم ووقف امتداده بينهم ومنع انتشاره في صفوفهم، تلجأ سلطات السجون إلى استخدام القوة المفرطة ضد الأسرى والمعتقلين، فتداهم غرفهم، وتقتحم أقسامهم، وتدوس أغراضهم، وتصادر حاجياتهم، وتفسد محفوظاتهم، وتتلف مقتنياتهم، وتمزق مدوناتهم، وتسحق بأقدامها مصنوعاتهم، وتفتح في وجوههم فوهات اسطوانات الغاز الخانق والمدمع، وتندفع فرقهم الخاصة المزودة بأقنعةٍ واقيةٍ وخوذٍ متينةٍ وعصيٍ كهربائية وهراواتٍ سميكةٍ، فتضربهم بقسوةٍ، وتعتدي عليهم بشدةٍ، وتقودهم بالقوة خارج غرفهم وأقسامهم، وتعيد تقسيمهم وتوزيعهم بقصد تفريقهم والفصل بينهم، وهي تعتقد أنها بأسلوبها العنيف تستطيع أن تصل مع الأسرى والمعتقلين إلى ما لم تصل إليه بالحجة والمنطق، واللسان والحوار، والحكمة والعقل، ولكن النتيجة التي تصل إليها دوماً معهم، هي المزيد من الثبات والإصرار، والكثير من القوة والعزم واليقين، والتي بها يصفعون وجوه السجانين، ويصرخون فيها أننا هنا الأقوى والأصلب، والأكثر صبراً وثباتاً، والأكثر يقيناً وإيماناً، وأننا سنحقق ما نريد، وسنصل إلى ما نتطلع إليه.
o    المساومات ...
هي المرحلة التالية لاستخدام وسائل العنف المختلفة، وسبل القمع المتعددة، حيث تحاول إدارة السجون والمعتقلات قبل أن تدخل في مرحلة المفاوضات المباشرة والجدية مع وفد المعتقلين المفاوض، اختراق جمعهم وتمزيق وحدتهم، من خلال إجراء مساوماتٍ معهم، وعرض إغراءاتٍ عليهم، فتطرح عليهم حلولاً جزئية، وتقدم لهم تنازلاتٍ محدودة، أو تعيد لهم ما قد سحبته من امتيازاتهم القديمة، أو تستجيب لبعض طلباتهم الجديدة مقابل كسرهم للإضراب، أو تناولهم لوجبة طعامٍ واحدة، إذ أن ما يهمها هو كسر الإضراب، وتراجع المعتقلين عن برنامجهم التصعيدي ولو بوجبة طعامٍ واحدة يتناولونها، أو بتعليقٍ مؤقتٍ مشروط.
ولكن الأسرى والمعتقلين الذين يدركون هذه السياسة ويعرفون حيل وخدع الإدارة، استناداً إلى تجاربهم السابقة وخبرتهم المتراكمة، يرفضون تقديم أي تنازلاتٍ، ولا تلين مواقفهم أمام الضغوط القاسية، أو إغراءات المصلحة الكاذبة، ولا يصدر عنهم ما يوحي إلى استجابتهم لوعودهم أو اطمئنانهم إلى سياستهم، بل يبدون أمام إدارة السجون تماسكاً وتصلباً وتشدداً في الموقف، كونهم يعبرون عن إرادة الأسرى والمعتقلين جميعاً، فهم الذين ضحوا وعانوا، وصبروا واحتملوا، وتعرضت حياتهم للخطر وصحتهم للتدهور، بعد أن أمضوا أياماً طويلة وقاسية مضربين عن الطعام، علماً أن المفاوضين دوماً هم من الأسرى المضربين أنفسهم، ومن أقدمهم إضراباً وأكثرهم خبرةً في المفاوضات وعلماً بعقلية العدو السجان، وهو شرطٌ يضعه المعتقلون ويصرون عليه ويتمسكون به، ويحترمه الأسرى الآخرون ولا يزاحمون إخوانهم عليه، ولا يتقدمون إليه عليهم.
تدرك إدارة السجون أن فريق الأسرى المفاوض يأتيها دوماً مسلحاً بإرادة الأسرى والمعتقلين، وقوياً بموقفهم، وثابتاً بصبرهم، ولديه كل العزم على تحقيق مطالبهم، لهذا فهي تحاول أن تخترق جسم الأسرى عبر استدعاء بعضهم للتفاوض، وإهمال أو تهميش الفريق المنتدب من قبل المعتقلين، وفي أغلب الأوقات يرفض الأسرى من غير الفريق المنتدب للمفاوضات التفاوض معهم، ويشير إلى الإدارة أنه غير مخول أو مفوض بإجراء أي مفاوضاتٍ معهم، وأن الجهة الوحيدة المخولة بذلك هي الفريق المنتدب للمفاوضات فقط، وبذا يضعون حداً لمحاولات الإدارة شق صف الأسرى من خلال محاولاتها انتقاء بعض المعتقلين ممن تظن أنهم أكثر ليناً وأقل تشدداً للتفاوض معهم. 
ولكن هذا التشدد في المواقف والصلابة في المفاوضات لا يمنع عودة المفاوضين إلى بقية الأسرى والمعتقلين للتشاور معهم، والاستماع إلى رأيهم، ومعرفة وجهة نظرهم من الأفكار التي تعرضها إدارة السجن، فقد يكون بعضهم غير قادرٍ على مواصلة الإضراب، ولديه الرغبة في كسره ببعض المكتسبات والتنازلات التي تقدمها إدارة السجن، ولما كان الأسرى والمعتقلون يسيرون بقوة الأضعف فيهم، فإنهم يحرصون على الاستماع إلى جميع الآراء، ومعرفة وجهات نظر الجميع، مخافة أن يكون قرارهم بالمواصلة ورفض الاستجابة إلى عروض الإدارة مخالفاً لرأي بقية الأسرى ومؤثراً على صحتهم وسلامتهم، ويتعارض مع قدرتهم على الصمود والمواصلة، إلا أن التجارب النضالية السابقة قد أثبتت أن أضعف الأسرى هو أقواهم، وأشدهم مرضهم هو أصبرهم، وأكثرهم ألماً هو أكثرهم عناداً وإصراراً.
لكن القرار النهائي في كل العروض الإسرائيلية بالقبول أو الرفض، كلياً أو جزئياً، سواء مع الفريق المكلف بالتفاوض أو مع غيرهم ممن تجبرهم إدارة السجن على التفاوض معها، فإنه يعود لمجموع المعتقلين المضربين عن الطعام، وليس إلى فئة معينة منهم، لكن الأسرى يحرصون بقرارهم الموحد والنهائي على وحدة صفهم وتماسك كلمتهم، ويحرصون على دراسة جميع المقترحات التي يحملها الأسرى بنوع من العقلانية والانفتاح وعدم الصد العنيف مخافة أن يخسروا أنفسهم، أو يحدثوا شقاً بينهم، ويقعوا في الفخ الذي نصبته لهم إدارة السجون الإسرائيلية، قبل أن يقولوا كلمتهم الأخيرة، التي هي كلمة الفصل الحاسمة في نتيجة المعركة.
بيروت في 29/4/2017
https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi
moustafa.leddawi@gmail.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/04/29



كتابة تعليق لموضوع : محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم (4/4) الحرية والكرامة "8" اليوم الثالث عشر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net