صفحة الكاتب : امل الياسري

أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 منذ سنوات طويلة مضت، كان لأحد المالكين مزرعة، تقع بجوار الشاطئ، وكان كثيرًا ما يعلن عن حاجته لعمّال، ولكن معظم الناس كانوا يترددون لقبول العمل، فى مزرعة بجوار الشاطئ، لأنهم كانوا يخشون العواصف والرياح، التي كانت تعربد عبر البحر الهائج الأمواج، وهي تصب الدمار على المباني والمحاصيل الزراعية، ولذلك عندما كان المالك يجري مقابلات لاٍختيار متقدمين للعمل، كان يواجه في النهاية برفضهم العمل في مزرعته.

 إقترب رجل قصير ونحيف، ذات يوم  ليقابل المالك فقال:"هل أنت يد عاملة جيدة في مجال الزراعة؟ فأجاب:" نعم، فأنا الذي ينام عندما تعصف الرياح"، ومع أنّ مالك المزرعة تحيّر من هذه الإجابة، إلا أنه قبِلَ أن يعينه، ليأسه من وجود عمال آخرين، يقبلون العمل في مزرعته، فأخذ يعمل بجد في المزرعة، وكان طيلة الوقت مشغولا، من الفجر وحتى غروب الشمس، وأحس المالك بالرضا عن عمله. 

حدث في إحدى الليالي أن عصفت الرياح، وزمجرت عالياً من ناحية الشاطئ، فقفز المالك منزعجاً من الفراش، ثم أخذ بطارية واٍندفع بسرعة إلى الحجرة، حيث ينام فيها الرجل النحيف، ثمّ راح يهزّ الرجل النحيف، وهو يصرخ بصوت عالٍ:اٍستيقظ فهناك عاصفة آتية، قم وثبِّت كل شيء وإربطه، اٍستدار الرجل مبتعداً عن فراشه، وقال في حزم:"لا يا سيّدي فقد سبق وقلت لك:أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح!

اٍستشاط المالك غضبًا من ردة فعل الرجل، و خطر له أن يطلق عليه النار، ولكنه بدلا من أن يضيع الوقت، خرج عاجلاً خارج المنزل، ليستعد لمجابهة العاصفة القادمة، فاٍكتشف أن كل الحظائر مغطاة بمشمّعات ثقيلة، والبقر في الحظيرة، والطيور بأعشاشها، والأبواب عليها أسياخ حديدية، وجميع النوافذ محكمة الإغلاق ، وحينذاك فهم المالك ما الذي كان يعنيه الرجل العامل لديه، وعاد لفراشه لينام بينما الرياح تعصف. 

 لقد تمكن الأجير أن ينام، لأنه كان قد أمّن المزرعة جيداً، ونحن يمكننا أن نؤمِّن حياتنا ضد عواصف الحياة، بربط نفوسنا بقوة بكلمة الله جل شأنه، لأنه حينما تستعد جيداً فليس هناك ما تخشاه، هل يمكن أن تنام، وقد قاربت نهاية داعش على الأبواب؟وما الذي جعل العراق صفاً واحداً، وكلمة واحدة ضد الإرهاب؟ثم ما إستعداداتك لمرحلة ما بعد داعش وفكره المتطرف؟والحل يكمن في التسوية الوطنية.

العراقيون يدركون حجم المخاطر المحدقة بالبلد، فلنتحد ونقف كالبنيان المرصوص ضدها، فنثبت كل شيء ونرتب أوراقنا الداخلية في المساحة الوطنية الصحيحة، ونلتقي مع إخواننا في المنتصف، لنضمن حكماً عصرياً عادلاً، نلتمس فيه الحرية والحرية دون تمييز، فحينما يعمل العالم المرجعي، والمعمم الإسلامي، والعلماني المدني، شريطة الأعتدال والإلتزام والإنصاف، فواحد يضع أسياخاً حديدية على الحدود، تمنع دخول الإرهاب، وأخرى تغلق النوافذ بوجه الطائفيين والفاسدين، عندئذ سننتصر.    

  الإرادة الإنسانية والوطنية، التي يمتلكها التحالف الوطني بزعامته الحكيمة، قادرة على صناعة التغيير، ومواجهة الأحداث في شتى ميادين الصراع، أمنياً، وسياسياً، وإقتصادياً، وحتى فكرياً، ففي جوف المخاطر الإرهابية، إستشعرت المرجعية الدينية العليا هذا الخطر، فأعلنت فتواها العظيمة وبرز الحق كله على الباطل كله، فعجزت الرياح الداعشية الخاوية عن إقتلاعنا، فنحن أصحاب (هيهات منا الذلة)، ولأن غيارى الحشد المقدس على السواتر، فإننا ننام حتى وقت العواصف.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/13



كتابة تعليق لموضوع : أنا الذي ينام عندما تعصف الرياح!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net