صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

المنظمة الدولية هل هي اممية ام امريكية!؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منظمة الامم المتحدة منظمة دولية تشكلت بعد عصبة الامم ، تضم الدول المستقلة في العالم ،ويفترض بالدولة التي تحصل على مقعد في الامم المتحدة ، ان تتساوى من الناحية النظرية مع الدولة الاخرى مهما تكن كبيرة وقوية ، في الحقوق والامتيازات التي تمنح للاعضاء بموجب القانون الداخلي للمنظمة ، لكن المتتبع لتأريخ هذه المنظمة الدولية ولمواقفها من الدول والشعوب ، لا يجد هذه الصفة لها من الناحية العملية ، فالسلبية الاولى في قانون الامم المتحدة هي اعطاء حق النقض ( الفيتو ) للدول الكبرى ، لاجل تامين مصالحها حقا او باطلا ، واسقاط أي مشروع يتقاطع مع هذه المصالح ، وان كان هذا المشروع جاء لرفع ظلم او عدوان عن شعب او عدة شعوب ، والدولة الكبرى الاكثر استفادة  من هذا الامتياز هي امريكا ،كون المنظمة تقع على الاراضي الامريكية ،في نيويورك ، فاستغلت هذا الامتياز ابشع استغلال ، لذا فقد بذلت محاولات كثيرة من بعض الدول لنقل مقر المنظمة الدولية الى دولة اخرى ، لكن هذه المحاولات فشلت بسبب التأثير الامريكي في هذا الاتجاه ، كما ان الفيتو ستستفيد منه اكثر الدول الكبرى ظلما للشعوب ، واستهتارا بحقوقها ، وهي امريكا بسبب تدخلاتها الواسعة في شؤون الشعوب والدول الاخرى ، فهي صاحبة مشروع عالمي لجرّ الدول الى مناطق نفوذها ، وادلجتها بقيم لا تتناسب وقيم هذه الشعوب ، كذلك للاستفادة من هذه الدول وتحويلها في الاتجاه  الذي يخدم مصالح امريكا الاقتصادية ومصالح الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين ، وهذا هو الاهم عند امريكا لان الصهيونية العالمية هي التي تسيّر امريكا ، تتدخل امريكا في كل شئ في الامم المتحدة ، فالامين العام لا توافق على ترشيحه ما لم تضمن ولاءه ، كذلك موظفو الامم المتحدة الكبار من ممثلين للامين العام اوغيرهم ،وكثير من اجهزة مخابراتها متغلغلة داخل المنظمة الدولية ، واذا ارادت اصدار مشروع قرار لا يصعب عليها ذلك رغم وجود روسيا والصين المختلفتين ايدلوجيا عنها ، اذ تمارس مختلف وسائل الضغط والمساومات معهما حتى تضمن عدم استخدامهما للنقض على اقل تقدير ، لذا نجد اثر هاتين الدولتين ضعيف جدا في قرارات الامم المتحدة وغالبا ما تتوافق مع امريكا لدوافع شتى ، منها وسائل الضغط الاقتصادية والسياسية ،ومنها الصفقات السرية ،وبسبب هذا الوضع للمنظمة الدولية ، تحولت وللاسف الشديد الى مخلب توجهه امريكا في الوقت الذي تريد لتحقيق مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني ،المنظمة الدولية اليوم هي امريكية الاتجاه وقراراتها امريكية باسم اممي، وجودها بهذه الصورة لا يخدم الشعوب ،بل يخدم امريكا وحلفاءها ، اذ  اصبحت منظمة هزيلة ، سيئة الصيت ، كون الارادة الامريكية تتحرك تحت غطاء وجلباب هذه المنظمة ،الاممية نظريا والامريكية واقعيا ، ولهذا السبب فقدت مصداقيتها، واصبحت الشعوب لاتثق بها وبقراراتها ، وباستعراض مختصر لمواقف  المنظمة الدولية في العالم ، وفي منطقة الشرق الاوسط خاصة ، منذ العدوان  الاممي  بل الامريكي  بغطاء  اممي  على العراق  لغاية  اليوم ، نجد  التحرك الامريكي يتم من خلال جسد المنظمة الدولية ،فحركتها في العراق واضحة وظاهرة  سيما حركتها في عملية الانتخابات الاخيرة ، وتدخلها السافر في العملية الانتخابية من خلال ممثلها ملكيرت ومعه الخبراء الذين انتدبتهم المنظمة الدولية ،حيث تحكموا في  نتائج الانتخابات ،  لصالح الجهات التي تعمل تحت  النفوذ الامريكي ، ولا زال  الشعب العراقي يعاني من نتائج هذا التدخل من خلال صعود بعض السياسيين المحسوبين على الامريكان من بعثيين وطائفيين ، فاصبحوا عصا في عجلة تقدم العملية السياسية ، اذ اخذوا يمارسون عملية تشويه للعملية السياسية بل يسعون لاسقاطها من خلال تعاونهم مع دول الاقليم الطائفية وبضوء اخضر من الامريكان ، وذلك لترتيب الاوضاع بما يتفق وتطلعات دول الاقليم الطائفية المتحالفة مع امريكا خدمة للكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، والتأخير الذي نشهده اليوم في تعيين الوزراء الامنيين ما هو الا نتيجة من نتائج هذا التدخل المفضوح من قبل الامم المتحدة نيابة عن امريكا في الشأن العراقي، التدخلات الامريكية المباشرة تارة ، والتدخل باسم الامم المتحدة تارة اخرى ولدت هذه الفوضى في العملية السياسية ، التي لا يستفيد منها الا بعض الاطراف التي تريد ان تبني مصالحها الذاتية على حساب مصلحة الشعب العراقي وباي ثمن كان ، لهذا السبب جاءت دعوة الشعب العراقي القوية من اجل  تنفيذ اتفاقية سحب القوات الامريكية ، التي آذت الشعب العراقي  كثيرا ، ان امريكا اصبحت مكروهة للشعب العراقي بسبب تصرفاتها المؤذية للشعب ومنها انحيازها ، لطرف على حساب الطرف الاخر، كذلك لمحاولتها فرض الاجندة الطائفية المتوافقة مع تطلعات ورغبات دول الاقليم الطائفية التي تعيش في احضان الفكر المتخلف والمتحجر ، بالتعاون مع بعض السياسيين العراقيين المفروضين بوسائل مختلفة على العملية السياسية ، رغم تشخيص هؤلاء من الشعب العراقي وتشخيص ارتباطاتهم الخارجية ،وحملهم لاجندة الدول الطائفية التي تسعى لتقسيم العراق الى دويلات طائفية وقومية صغيرة ومتناحرة ، كي تفرغ حقدها على الشعب العراقي الصابر والمكابد ، ارضاء للكيان الصهيوني ، لذا فاننا نعتبر دعوة السيد البارزاني للحكومة بتجديد بقاء القوات الامريكية ، نعتبرها متقاطعة تماما وتطلعات وتوجهات ورغبة الشعب العراقي في التخلص من هذه القوات باسرع وقت ممكن ، ونحن اذ نتحدث عن امريكا لمعرفتنا انها تتحرك بغطاء الامم المتحدة ، لاننا نعتبر المنظمة الدولية مختطفة من قبل امريكا وحلفائها ، فحركة الامم المتحدة في احداث وثورات الشعوب العربية ، ايضا ظاهرة وواضحة اليد والارادة الامريكية فيها ، فكان الهجوم العسكري لحلف الاطلسي على ليبيا الذي جاء بقرار من مجلس الامن ، هذا الهجوم الذي دمر ليبيا واحرق الاخضر واليابس ، وحطم البنى التحتية للبلاد ، وخلق حربا اهلية بين ابناء الشعب الليبي ، في حين كان بامكانهم توجيه الضربة المباشرة على الطاغية القذافي وانهائه لصالح الشعب الليبي ، نرى هذه الحركة للمنظمة في ليبيا تختلف عن حركتها في  تونس او مصر او اليمن  ، لان الانظمة في هذه البلدان تقع ضمن دائرة النفوذ الامريكي لذا نرى موقفها جاء متراخيا في هذه الدول، واخر حركة للامم المتحدة تجاه اليمن انها تدرس خارطة طريق لنقل السلطة الى نائب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، وهذا هو المطلوب بالنسبة للسعودية ودول الخليج الطائفية الاخرى ، وهو المطلوب لامريكا ايضا ، وكذلك هذا ما يريده علي عبد صالح ، هذه هي الامم المتحدة تجسيد لارادة امريكا وحليفاتها ، ازدواجية الموقف تجاه الدول والشعوب ، انظر الى موقفها من حركة الثورة في سوريا ، انها تتسابق مع الريح لاجل اصدار قرارات ضد سوريا ، لماذا لان امريكا تريد ذلك ، ولولا التخوف الامريكي السعودي على الكيان الصهيوني من ردة الفعل الايرانية لان سوريا قريبة منها ومن حزب الله اللبناني ، لفعلوا عن طريق الامم المتحدة اضعاف ما فعلوا في ليبيا اكراما لعيون الكيان الصهيوني ، والان نسأل المنظمة الدولية اين انت من العدوان السعودي على شعب البحرين الاعزل ؟ شعب البحرين خرج في مسيرات سلمية للمطالبة بالحرية ولقمة العيش وبحياة ديمقراطية ، يقابل هذا الشعب بالقتل والسجن ، وبقنابل الغاز الامريكية وبالدبابات السعودية ، لماذا لم تحرك المنظمة الدولية ساكنا ؟ ما هذه الازدواجية في المواقف ؟ الا يكون موقف المنظمة المتساهل والخجول جدا مع حكومة البحرين صدى للموقف الامريكي والغربي المتوافق مع الموقف السعودي الطائفي وبقية دول الخليج ؟ علما ان القوات السعودية والخليجية قتلت الابرياء المسالمين المطالبين بحقوقهم المدنية من ابناء شعب البحرين تحت نظر ومسمع المنظمة الدولية ،  لكن المثل  يقول ( ان كنت لا تستحي فافعل ما شئت ) الشعوب  تعرف  جيدا لماذا هذا الموقف الصامت من المنظمة الدولية ؟ السبب واضح لان الارادة الامريكية باتجاه دعم الهجوم العسكري على شعب البحرين لاخماد نار الثورة هناك ، سيما وان المشروع الامريكي الصهيوني يقود حملة لاشعال فتيل حرب طائفية في البلدان العربية ، لتخلق صراعا طائفيا يكون بديلا عن الصراع العربي الاسلامي الصهيوني وهناك الارضية الصالحة لنجاح هذا المشروع المدمر للمنطقة ، حيث يلقى الدعم والتأييد من دول نظام الاقليم الطائفية بقيادة السعودية ، ودول النظام الطائفي المتهالك على السلطة والذي يتداولها بالوراثة العائلية ،اذ انها متبنية اصلا لهذا المشروع  الطائفي ، وتسوق له فكريا واعلاميا ، وبهذا المشروع الجهنمي الطائفي تضرب امريكا عصفورين بحجر، اضعاف وتمزيق المسلمين وتدمير مركز القوة عندهم ، مع تشويه لصورة الاسلام وابرازه دينا عنفيا دمويا ، وتقديم خدمة للكيان الصهيوني الغاصب لحق الشعب الفلسطيني ، وسحب مصدر القوة من المعارضين لهذا الكيان ، لان تفتيت قوة المسلمين هدف صهيوني ستراتيجي ،فكان هذا الحلف الثلاثي السئ الصيت الامريكي الصهيوني الطائفي المتحجر، اين المنظمة الدولية من هذه التحركات المشبوهة ؟ اين المنظمة الدولية عندما داست الدبابات السعودية اطفال ونساء وشيوخ ورجال شعب البحرين المسالم ؟ اين المنظمة الدولية من تدخلات دول الحلف الامريكي الطائفي في سوريا ؟ كان رد الفعل بالاتجاه المعاكس اذ وقفت المنظمة  تنفيذا للارادة الامريكية باتجاه تصعيد الاضطرابات والعنف والفوضى خاصة في المحافظات الحدودية ، والدعوة لفرض عقوبات على سوريا، ولولا خوف امريكا على الكيان الصهيوني  من  تصعيد الامور  بالاتجاه  العسكري ،  لاصدرت  المنظمة الدولية عن طريق مجلس امنها  الذي هو تجسيد  للارادة  الامريكية  قرارا على غرارالقرار الذي صدر ضد ليبيا وربما اكثر عنفا واوسع تدخلا،بالمناسبة نحن مع جميع الشعوب العربيه الثائرة في مطالبتها بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم ، ومع شعوب دول الخليج التي تعاني الكبت والقهر والاضطهاد في المطالبة بحقوقها في الحرية والديمقراطية والمطالبة بسلطة منتخبة من الشعب لا مفروضة عليه بالقوة وتتداول السلطة  داخل  العائلة الواحدة وراثيا ، بعيدة عن النفوذ والارادة الامريكية التي تريد  تنفيذا  للمشروع الصهيوني تمزيق البلد الواحد الى كيانات طائفية وقومية متناحرة ، حتى يتمتع الكيان الصهيوني بالامن والاستقرار، نسأل المنظمة الدولية اين انت من دول   الخليج المضطهدة لشعوبها ، والخانقة لانفاسها،واين انت من حكوماتها العائلية الوراثية ؟ اما الشعوب العربية فقد غسلت ايديها من المنظمة الدولية لانها تعرف جيدا ان لا ارادة  لها ،  بل الارادة  الامريكية هي المتحكمة  فيها ، ومسيرة المنظمة الدولية وموقفها من الصراع الفلسطسني الصهيوني منذ نكبة 1948 ولغاية اليوم خير دليل على ان المنظمة ليست اممية بل امريكية !
    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/10



كتابة تعليق لموضوع : المنظمة الدولية هل هي اممية ام امريكية!؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net