صفحة الكاتب : نجاح بيعي

دولة القانون .. وقفة مع رئيس ديوان الوقف الشيعي " !
نجاح بيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الحرص على أن تسير الدولة العراقية , بكل مؤسساتها وفق الدستور والقانون, هو مطلب كل عراقي وطني ينشد " دولة القانون " . في بلد طالما انتهك حكّامه الدستور والقانون مذ انبثاق الدولة العراقية عام 1921 م وللآن . فتعطيل العمل بمواد الدستور فضلا ً عن الإنتقائيّة , وخرق القوانين وتعدّي الصلاحيات وتداخلها صارت السمة البارزة لكل متصدّي في الدولة العراقية .
ولعل المأخذ الذي يؤخذ على ما كشفه نائب رئيس الجمهوريّة السيد " نوري المالكي "مؤخراً, في حديثه عبر أحدى القنوات الفضائية , وهو يستعرض محاولات استجواب رئيس الوقف الشيعي " السيد " علاء الموسوي " من قبل مجلس النوّاب , هو انصبابه في ذات السياق, حتى قال بالحرف الواحد ((فصار عندنا قرار في التحالف الوطني , أن نجمع المستجوٍب والمستجوَب داخل التحالف ونسمع ..إذا ثبتت الإتهامات , والله إحنا نقيل صاحبنا !.وإذا ما ثبتت الإتهامات المفروض المستجوٍب يتوقف )) !. 
حتى أخذت قضية استجواب رئيس الوقف الشيعي , مديات أكثر من أي قضية استجواب أخرى !. ربما يكمن السبب على ما يبدو ليس فقط بلا قانونية الاستجواب ذاته , وإنما في الدوافع المبطّنة ذات الاتجاهات المتعددة , التي تصبّ تارة ضمن الصراع والتنافس السياسي بين الفرقاء السياسيين ذاتهم , وبين ما يصبّ ضمن المناكفات الموجهة بالضد من توجهات المرجعية الدينية العليا تارة أخرى . 
فبغض النظر عن تدخل السيد رئيس الجمهوريّة ( إضافة إلى عناوينه السياسية الأخرى) بأمور هي خارج صلاحياته , تتعلق في شؤون وعمل النائب المستجوِب ( جبهة الإصلاح النيابية ) , وبغض النظر عن عدميّة عمل الأخير اللاقانونية , وكذلك لا شرعيّة قرار التحالف الوطني ( إن وجد ) باستدعاء المستجوَب , بإمكاننا القول : أن كل مَن شَرَع أو ساهم أو دفع باستجواب رئيس الوقف الشيعي , يعلم مسبقا ً علم اليقين بعدميّة ولا دستوريّة ولا قانونية قضية الاستجواب برمتها , لوجود الطبيعة الخاصة التي تكتنف منصب رئيس الوقف الشيعي بنص القانون , فضلا ً عن الصبغة الدينية لذات شخص السيد "علاء الموسوي " . ولكن الإصرار المتعمّد والغير مبرر من قبل المستجوٍب ومن  يقف وراءه للمستجوَب , يولّد لدى المتتبّع المنصف إحساس غامض بالمكيدة يكشفه مفهوم " إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها " !.
1 ــ ورد في الفصل " الثاني " من قانون ديوان الوقف الشيعي , المادة رقم (4) ثانياً , والتي تنص : " يكون رئيس الديـوان بدرجة وزير , ويعين باقتراح من مجلس الوزراء , بعد موافقة المرجع الديني الأعلى .. " !.
تكشف هذه المادة من أن منصب " رئيس ديوان الوقف الشيعي " يتمتع بالطابع الديني أكثر منه بالرسمي لخصوصيّة عمل الديوان . حيث اشترط المشرع في تعيين رئيسه موافقة " المرجع الأعلى " . خلاف تعيين جميع الوزراء في السلطة التنفيذية , في نيّة منه لإضفاء الطابع الديني على متولى إدارة الديوان . كما لم يشترط المشرع التحصيل الدراسي الأكاديمي له , خلاف ما يشترطه في قوانين الوزارات التنفيذية الأخرى . نستنتج من ذلك أن " رئيس " ديوان الوقف الشيعي لا يتطلب تعيينه موافقة البرلمان , لذا فهو ليس مسؤولا ً أمامه , ولا يحق له أن يستجوبه . بل هو مسؤول أمام مجلس الوزراء لا غير . وللمرجع الأعلى حصرا ًصلاحية إلغاء ترشيحه دون غيره, من الجهات التنفيذية والتشريعية , أو أية جهة سياسية أخرى !. 
2 ــ تكشف لنا المادة رقم ( 13 ) أولا ً , والمادة رقم ( 14) , والمادة رقم ( 15 ) من  قانون الوقف الشيعي , أن " رئيس " ديوان الوقف الشيعي , بالإضافة إلى إعطائه صلاحياته متعددة ومتنوعة , ألا أنه يكون مسؤولاً أمام " المرجع الأعلى " دون غيره , ويشترط موافقته بمزاولة معظم أعماله , التي تختص بإدارة الشؤون الوقفيّة وأموالها , وهي قطعا ً ليست من اختصاص الحكومة وعملها . 
3 ــ الملاحظ أن الدستور العراقي قد أغفل ذكر أي صلاحية لنائب رئيس الجمهوريّة وجرّده منها . فقد حدّدت المادة رقم (75) " ثانياً و رابعا ً " من الدستور , طبيعة عمل وصلاحية النائب في حال غياب أو خلوّ منصب رئيس الجمهورية من الرئيس . نستنتج من ذلك أن نائب رئيس الجمهوريّة ليس من صلاحياته أن يستجوب وزيراً ما , أو أن يتدخل ويوجه أحد النواب باستجواب وزيراً ما .
بل العكس صحيح , يكون نائب رئيس الجمهوريّة بالتفريع , هو مسؤولا ً أمام مجلس النواب والأخير يكون رقيبا ً على أدائه . وهذا ما كفلته المادة رقم (61) فقرة ثانياً من الدستور التي تنص " يختص مجلس النواب بما يأتي : " الرقابة على أداء السلطة التنفيذية  ". والسلطة التنفيذية جاءت معرّفة في المادة رقم (66) من الدستور ونصّها " تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء .. " .
4 ــ ممّا تقدم نستشف ولو إجمالا ً , أن ممانعة رئيس ديوان الوقف الشيعي السيد " علاء الموسوي " وعدم استجابته للضغوط المتكررة لاستجوابه هو لعلمه ( إضافة لكونه رجل دين ) وإيمانه بدولة المؤسسات , وبسيادة دولة القانون والدستور , لذا نلحظ أن محاولاتهم باءت بالفشل !. ممّا يفتح باب التأويل والتكهن بأن محاولات الاستجواب الفاشلة والمتكررة بحقه , هي للنيل منه ومن المرجعيّة الدينية العليا ,لأسباب موضوعية لا تخفى على احد . وربما هو أحد مظاهر الصراع والتنافس حول السلطة والمال والنفوذ بين الفرقاء السياسيين , وخصوصا ً إذا عرفنا أن السيد " علاء الموسوي " قد خلف السيد " الحيدري " على رئاسة ديوان الوقف الشيعي بقرار من رئيس الوزراء " حيدر العبادي " في (28 شباط 2015م) كافية لنعرف مبررات تدخل نائب رئيس الجمهورية . وكافية لتكون مدعاة لإثارة النعرة السياسية ( المحاصصاتيّة ) بين السياسيين المنضوين تحت مظلة التحالف الوطني .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/07



كتابة تعليق لموضوع : دولة القانون .. وقفة مع رئيس ديوان الوقف الشيعي " !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net