صفحة الكاتب : هادي الدعمي

الإمام الحسن عليه السلام والصلح
هادي الدعمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تعتبر المرحلة التي صالح فيها الإمام الحسن ع معاوية بن أبي سفيان من أصعب مراحل حياة الإمام وأكثرها تعقيدا وأشد ها إيلاما ، وأصبح الصلح من أهم الأحداث التي وقعت في التاريخ الإسلامي بما تستبطنه من موقف بطولي للإمام المعصوم ، وبما أدى إليه من تطورات واعتراضات وتفسيرات مختلفة طوال القرون السالفه وحتى عصرنا الحاضر ، وقد انبرى باحثون من الطراز الممتاز أمثال المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ راضي آل ياسين والشيخ باقر شريف القرشي للكتابة عن الإمام وصلحه الذي قام به من أجل الإسلام ، حيث رأى الإمام خيانات جيشه والمحيطين به ونفاقهم ، وعلم بعدم ثباتهم وصمودهم في مواجهة العدو ، ومع انكشاف ماتنطوي عليه ضمائرهم من رغبات ، ولكي يتم الحجة عليهم قال في خطبة له ( عليه السلام ) (( ويلكم والله إن معاوية لايفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي ، وإني أظن ان وضعت يدي في يده فأسلمه لم يتركني أدين بدين جدي ، وإني آقدر أن أعبد الله عز وجل وحدي.......))، ومن خلال كل الأحداث التي حدثت لم يبقى إلى الأمام الحسن ( عليه السلام ) سبيل غير قبول الصلح ، وترك أمر الحكم لمعاينة فترة من الزمن ، وانه ( عليه السلام) لم يعترف به رسميا باعتباره خليفة وحاكم للمسلمين ، ومن أسباب الصلح ماروي عن أبي سعيد الذي سأل الإمام الحسن ( عليه السلام ) عن السبب الذي دفعه للصلح مع معاوية مع علمه انه على حق وان معاوية ضال ظالم ، فأجابه الإمام( عليه السلام ) (( يا أبا سعيد الست حجة الله تعالى ذكره على خلقه ، وإمام عليهم بعد أبي ( عليه السلام ) ؟ قلت : بلى ، قال: الست الذي قال رسول الله ( ص) لي ولأخي : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ؟ قلت : بلى ، قال : فأنا إذن أمام لو قمت ، وأنا أمام إذا قعدت ، يا أبا سعيد علة مصلحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) لبني ضمرة وبني أشجع ، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية واصحابه كفار بالتأويل ، ........)) وهنا حاول معاوية أن يظهر نفسه بأنه رجل مسالم يدعو إلى الإسلام والصلح ، من خلال رسالته إلى الأمام الحسن التي يدعوه فيها إلى الصلح ، مهما كانت شروط الإمام ، واعتبر الباحثون أن الخطاب  السلمي لمعاوية كان أخطر حيلة فتت عضد الإمام( عليه السلام ) ، الأمر الذي أزم ظروفه ( عليه السلام ) ولم يكن للإمام خيار غير قبول الصلح ، وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء:(( ......فوجد أي الإمام الحسن ( عليه السلام ) -أن لو رفض الصلح وأصر على الحرب فلا يخلو : إما أن يكون هو الغالب ومعاوية المغلوب ، وهذا وإن كانت تلك الأوضاع والظروف تجعله شبه المستحيل ، ولكن لو كان بالفرض هو الواقع ، ولكن هل مغبة ذلك إلا تظلم الناس لبني أمية ؟ و ظهورهم بأوجع مظاهر المظلومية ؟ فماذا يكون موقف الحسن إذآ لو افترضناه هو الغالب ؟ 
أما لو كان هو المغلوب فأول كلمة تقال من كل متكلم : إن الحسن هو الذي ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فإن معاوية طلب منه الصلح الذي فيه حقن الدماء فأبى وبغى ، وعلى الباغي تدور الدوائر ، وحينئذ يتم لمعاوية وأبي سفيان ما أراد من الكيد للإسلام وأرجاع الناس الى جاهزيتهم الأولى وعبادة آللات والعزى ، بل كان نظر الامام الحسن ( عليه السلام) في قبول الصلح أدق من هذا وذاك ، أراد أن يفتك به ويظهر خبيئة حاله ، وما ستره في قرارات نفسه قبل أن يكون غالبا أو مغلوبا .وما صنع الإمام الحسن بمعاويه في صلحه ، وكيف هد جميع مساعيه وهدم كل مبانيه حتى ظهر الحق وزهق الباطل ، وخسر هنالك المبطلون ، فكان الصلح في تلك الظروف هو الواجب المتعين على الحسن ، كما أن الثورة على ( يزيد ) في تلك الظروف كان هو الواجب المتعين على أخيه الإمام الحسين ( عليه السلام) ، كل ذلك للتفاوت بين الزمانين ، والاختلاف بين الرجلين اي معاوية وابنه .
ولولا صلح الحسن الذي فضح معاوية ، وشهادة الإمام الحسين  التي قضت على يزيد وانقرضت بها الدولة السفيانية بأسرع وقت ، لذهبت جهود جدهما بطرفة عين ، و لصار الدين دين آل ابي سفيان دين الغدر والفسق والفجور ، دين إبادة الصالحين واستبقاء الفجرة الفاسدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي الدعمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/11



كتابة تعليق لموضوع : الإمام الحسن عليه السلام والصلح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net