صفحة الكاتب : لطيف عبد سالم

إشراقةُ النصر بدماءِ الشهداء
لطيف عبد سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ليلةُ فرح يفوح مِنْ ثناياها عطر النصر، وتلوح إشراقة شمس الحرية وَالكرامة مِنْ جديد فِي وطنٍ مهيض الجناح، وتتألق فيها وجوه الرجال الَّتِي تتعفر سمرتها بترابِ الوطن، وتنحني إكراماً لأرواحِ الشهداء وتثميناً لجسامةِ تضحياتهم، يعلن فيها رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي مِنْ مقرِ عمليات جهاز مكافحة الإرهاب فِي الساحلِ الأيمن لمدينةِ الموصل بيان النصر، وتحرير مدينة الموصل من سيطرة عصابات (داعش) الإرهابية بالكامل.

لحظاتٌ تاريخية، طال انتظارها منذ نحو ثلاث سنوات، لا يدركها الا الَّذين ينظرون إلى الوطنِ بوصفِه قبلة عَلَى جبينِ الأرض؛ إذ أَنَّها لحظات غالية الثمن بسببِ كونها ثمرة نزف أزكى الدماء وأطهرها. وليس خافياً أنَّ تلكَ اللحظات الحاسمة، لا يمكن أنْ تنسى بعد أنْ رسمت سواعدِ الغيارى مِن رجالِ القوات الأمنية وأبطال الحشد المقاوم سمفونية النصر المؤزر، وَالَّذين كحلوا عيون العراقيين والشرفاء فِي مختلفِ أرجاء المعمورة، عبر جهادهم الأسطوري الَّذِي أفضى إلى سحقِ عصابات (داعش) الإرهابية، وانتزاع الأرض وإنقاذ العرض مِنْ وطأةِ احتلال شذاذ الآفاق والمتعاونين معهم لبعضِ مناطق البلاد، بعد أن تجرأ سدنة الإرهاب بزعامة الإمبريالية العالمية، ومموليها مِنْ محيطِ العراق الإقليمي وداعميه محلياً، علَى محاولةِ تنفيذ مخططهم الإجرامي الساعي إلى تمزيقِ النسيج الاجتماعي، والتعرض لوحدته مِنْ خلالِ الركونِ إلى مشروعاتٍ مِنْ شأنِها تقسيمه إلى كانتوناتٍ طائفية وإثنية ضعيفة البنية، لا تقوى علَى المواجهةِ أو المحافظة عَلَى ثرواتِها ومقدراتها.

المثيرُ للاهتمامِ أَنَّ إعلانَ انتصارَ العراق علَى أعداءِ الإنسانية مِنْ قوى الكفر والظلام والإرهاب والأجرام، حظي باهتمامٍ دولي بالغ وواسع المدى منذ اللحظات الأولى لإعلان بيان النصر التاريخي، إلا أَنَّ أبناءَ العمومة، وَلاسيَّما ما حكومات ما يشار إليها باسمِ الدولِ الداعية لمكافحةِ الإرهاب، لاذوا بالصمت، ولم يبادروا إلى مباركةِ الانتصار العراقي وتقديم التهاني ولو بشكلٍ بروتوكولي. ويبدو أَنَّ بعضَهم بحاجةٍ إلى برقياتِ تعازٍ حول صدمتهم العنيفة بهذا المنجز التاريخي الإنساني، ولا عجب فِي ذلك ما دامت صور جثث قتلاهم مِن الأنجاس ماثلة أمام أعينهم. وَأَدْهَى مِنْ ذلك أَنَّ بعضَ المشاركين فِيما يسمى بالعمليةِ السياسية بعيدون عِنْ مجرياتِ الأمور؛ بانتظارِ ترويج المبالغ المالية المخصصة لأعمارِ المناطقِ المحررة لكي يعودوا إلى نشاطاتِهم السابقة الَّتِي أزكمت الأنوف.

اثبتت لنا الأيام أَنَّ التضحياتَ الاسطورية، ودماء المجاهدين الزكية الَّتِي لم يبخل بها أبناء العراق مِنْ أجلِ سيادة بلدهم وكرامة شعبهم، لا بدّ أنْ تأتي ثمارها، فكان أنْ تحررت الموصل بما تحمله مِنْ رمزية، بوصفِها كانت مقراً لقادةِ عصابات (داعش) الإجرامية، ولكن ينبغي أن لا تنسينا فرحة التحرير أَنَّ للنصر ألف أب؛ إذ لا بدّ أنْ ننحني إكراماً لأمهاتِ الشهداء، ولكلِ قطرةٍ دم نزفت مِنْ الغيارى الَّذين صنعوا الانتصار، وأعادوا الأمل بشموخِ العراق، وصنعوا الابتسامة عَلَى شفاه الأطفال.

المجد للعراق، والرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، وتحية لمقاتلينا الأبطال، وتحية لجميع المساهمين بملحمةِ كرامة العراق، وتعساً للَّذين اختاروا أماكن آمنة مستقراً لهم، بعيداً عَنْ معاناةِ وويلاتِ أبناءِ مدنهم.

فِي أمَانِ الله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


لطيف عبد سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/13



كتابة تعليق لموضوع : إشراقةُ النصر بدماءِ الشهداء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net