صفحة الكاتب : احمد عبد الجليل ظاهر

ثقافة عدم وجود خالق لهذا النظام الكامل
احمد عبد الجليل ظاهر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نحن في الوقت الذي يعتقد فيه كل مخالف بنضاجة فكره وصحة عقيدته التي لاتستند الى عقيدة وان المنكر فيه لوجود الله سبحانه  يتعالى بفكرته على من يؤمن به واصبح هذا النكران مادة اعلامية لغرض الترويج عن الثقافة الفارغة . ان الايمان بوجود الله سبحانه له من الاثار التي لاتحصى  والتي تلقي بضلالها على مختلف جوانب حياة الانسان والمجتمع, ان الدين ثورة فكرية تقود الإنسان إلى الكمال والترقي في جميع المجالات المهمة بالنسبة إلى حياة الإنسان منها: أ. تقويم الأفكار والعقائد وتهذيبهما عن الأوهام والخرافات. ب. تنمية الأصول الأخلاقية. ج. تحسين

 العلاقات الاجتماعية. د. إلغاء الفوارق القومية. ولكون اننا هنا نناقش فكرة وجود الله تعالى فاننا لانتطرق الى معطيات هذا الايمان وانما سوف نتكلم عن البراهين التي من الممكن اللجوء اليها لاثبات هذا الاصل الذي يعتبر اثباته اثبات لفروعه وإن من أوضح البراهين العقلية وأيسرها تناولا للجميع هو برهان النظم، وهو الاهتداء إلى وجود الله سبحانه عن طريق مشاهدة النظام الدقيق البديع السائد في عالم الكون. ما هو النظم؟ إن مفهوم النظم من المفاهيم الواضحة لدى الأذهان ومن خواصه أنه يتحقق بين أمور مختلفة سواء كانت أجزاء لمركب أو أفرادا من ماهية
 واحدة أو ماهيات مختلفة، فهناك ترابط وتناسق بين الأجزاء، أو توازن وانسجام بين الأفراد يؤدي إلى هدف وغاية مخصوصة، كالتلائم الموجود بين أجزاء الشجر، وكالتوازن الحاصل بين حياة الشجر والحيوان. شكل البرهان وصورته إن برهان النظم يقوم على مقدمتين: إحداهما حسية، والأخرى عقلية. أما الأولى: فهي أن هناك نظاما سائدا على الظواهر الطبيعية التي يعرفها الإنسان إما بالمشاهدة الحسية الظاهرية وإما بفضل الأدوات والطرق العلمية التجريبية. وما زالت العلوم الطبيعية تكشف مظاهر وأبعادا جديدة من النظام السائد في عالم الطبيعية، وهناك مئات بل آلاف من
 الرسائل والكتب المؤلفة حول العلوم الطبيعية مليئة بذكر ما للعالم الطبيعي من النظام المعجب. فلا حاجة إلى تطويل الكلام في هذا المجال. وأما الثانية: فهي أن العقل بعد ما لاحظ النظام وما يقوم عليه من المحاسبة والتقدير والتوازن والانسجام، يحكم بالبداهة بأن أمرا هكذا شأنه يمتنع صدوره إلا عن فاعل قادر عليم ذي إرادة وقصد، ويستحيل تحققها صدفة وتبعا لحركات فوضوية للمادة العمياء الصماء، فإن تصور مفهوم النظم وأنه ملازم للمحاسبة والعلم يكفي في التصديق بأن النظم لا ينفك عن وجود ناظم عالم أوجده، وهذا على غرار حكم العقل بأن كل ممكن فله علة
 موجدة، وغير ذلك من البديهيات العقلية. وإن الوحي الإلهي قد أعطى برهان النظم اهتماما بالغا، وهناك آيات كثيرة من القرآن تدعو الإنسان إلى مطالعة الكون وما فيه من النظم والإتقان حتى يهتدي إلى وجود الله تعالى وعلمه وحكمته.ونحن هنا نتطرق الى هذه الايات لا لكونها اثبات ودليلا له ولكن لنذكر اهل القلوب الصافية مدى اهتمام الشريعة السماوية بهذا البرهان وبالتالي نتطرق الى هذا الدليل وهو اول الادلة نظرا لاهتمام الشريعة المقدسة به نرى أن القرآن الكريم يلفت نظر الإنسان إلى السير في الآفاق والأنفس ويقول: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم
 حتى يتبين لهم أنه الحق).ويقول: (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض). ويقول: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون). ويقول: (أولم يتفكروا في أنفسهم). ويقول أيضا: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون). وقال علي (عليه السلام): " ألا ينظرون إلى صغير ما خلق؟ كيف أحكم خلقه وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر، أنظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة
 هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها لبردها وفي وردها لصدرها.. فالويل لمن أنكر المقدر وجحد المدبر... . وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في ما أملاه على تلميذه المفضل بن عمر: " أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه، تهيئة هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه، فإنك إذا تأملت بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم مضيئة كالمصابيح،
 والجواهر مخزونة كالذخائر، وكل شئ فيه لشأنه معد، والإنسان كالمملك ذلك البيت، والمخول جميع ما فيه، وضروب النبات مهيئة لمآربه، وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه. ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة، وأن الخالق له واحد، وهو الذي ألفه ونظمه بعضا إلى بعض جل قدسه وتعالى جده ". علما إن هناك إشكالات طرحت حول برهان النظم يجب علينا الإجابة عنها، والمعروف منها ما طرحه ديفويد هيوم الفيلسوف الانكليزي (1711 - 1776 م) في كتابه " المحاورات " وهي ستة إشكالات كما يلي: الإشكال الأول إن برهان النظم لا يتمتع بشرائط
 البرهان التجريبي، لأنه لم يجرب في شأن عالم آخر غير هذا العالم، صحيح إنا جربنا المصنوعات البشرية فرأينا أنها لا توجد إلا بصانع عاقل كما في البيت والسفينة والساعة وغير ذلك، ولكننا لم نجرب ذلك في الكون، فإن الكون لم يتكرر وجوده حتى يقف الإنسان على كيفية خلقه وإيجاده، ولهذا لا يمكن أن يثبت له علة خالقة على غرار المصنوعات البشرية. والجواب عنه: إن برهان النظم ليس برهانا تجريبيا بأن يكون الملاك فيه هو تعميم الحكم على أساس المماثلة الكاملة بين الأشياء المجربة وغير المجربة، وليس أيضا من مقولة التمثيل الذي يكون الملاك فيه التشابه بين
 فردين، بل هو برهان عقلي يحكم العقل فيه بأمر بعد ملاحظة نفس الشئ وماهيته، وبعد سلسلة من المحاسبات العقلية من دون تمثيل أو إسراء حكم، كما يتم ذلك في التمثيل والتجربة. وكون إحدى مقدمتيه حسية لا يضر بكون البرهان عقليا، فإن دور الحس فيه ينحصر في إثبات الموضوع، أي إثبات النظم في عالم الكون، وأما الحكم والاستنتاج يرجع إلى العقل ويبتني على محاسبات عقلية، وهو نظير ما إذا ثبت بالحس أن هاهنا مربعا، فإن العقل يحكم من فوره بأن أضلاعه الأربعة متساوية في الطول. فالعقل يرى ملازمة بينة بين النظم بمقدماته الثلاث، أعني: الترابط والتناسق
 والهدفية، وبين دخالة الشعور والعقل، فعندما يلاحظ ما في جهاز العين مثلا من النظام بمعنى تحقق أجزاء مختلفة كما وكيفا، وتناسقها بشكل يمكنها من التعاون والتفاعل فيما بينها ويتحقق الهدف الخاص منه، يحكم بأنها من فعل خالق عظيم، لاحتياجه إلى دخالة شعور وعقل وهدفية وقصد. الإشكال الثاني إن هناك في عالم الطبيعة ظواهر وحوادث غير متوازنة خارجة عن النظام وهي لا تتفق مع النظام المدعى ولا مع الحكمة التي يوصف بها خالق الكون، كالزلازل والطوفانات. والجواب عنه: إن هذا الإشكال لا صلة له بمسألة النظم فإن ما تعد من الحوادث الكونية شرورا كالزلازل
 والطوفانات لها نظام خاص في صفحة الكون، ناشئة عن علل وأسباب معينة تتحكم عليها محاسبات ومعادلات خاصة وقد وفق الإنسان إلى اكتشاف بعضها وإن بقي بعض آخر منها مجهولا له بعد.وأما إنها ملائمة لمصالح الإنسان أو غير ملائمة له، فلا صلة له ببرهان النظم الذي بصدد إثبات أن هناك مبدئا وفاعلا لعالم الطبيعة ذا علم وقدرة وإرادة، وأما سائر صفاته كالوجوب الذاتي، والعدل والحكمة ونحوها فلإثباتها طرق أخر، وسيجئ البحث عنها في المقالات القادمة باذنه سبحانه. الإشكال الثالث ماذا يمنع من أن نعتقد بأن النظام السائد في عالم الطبيعة حاصل من قبل عامل كامن
 في نفس الطبيعة، أي أن النظام يكون ذاتيا للمادة؟ إذ لكل مادة خاصية معينة لا تنفك عنها، وهذه الخواص هي التي جعلت الكون على ما هو عليه الآن من النظام. ويرده أن غاية ما تعطيه خاصية المادة هي أن تبلغ بنفسها فقط إلى مرحلة معينة من التكامل الخاص والنظام المعين - على فرض صحة هذا القول - لا أن تتحسب للمستقبل وتتهيأ للحاجات الطارئة، ولا أن تقيم حالة عجيبة ورائعة من التناسق والانسجام بينها وبين الأشياء المختلفة والعناصر المتنافرة في الخواص والأنظمة. ولنأت بمثال لما ذكرناه، وهو مثال واحد من آلاف الأمثلة في هذا الكون، هب أن خاصية الخلية
 البشرية عندما تستقر في رحم المرأة، هي أن تتحرك نحو الهيئة الجنينية، ثم تصير إنسانا ذا أجهزة منظمة، ولكن هناك في الكون في مجال الإنسان تحسبا للمستقبل وتهيئوا لحاجاته القادمة لا يمكن أن يستند إلى خاصية المادة، وهو أنه قبل أن تتواجد الخلية البشرية في رحم الأم وجدت المرأة ذات تركيبة وأجهزة خاصة تناسب حياة الطفل ثم تحدث للأم تطورات في أجهزتها البدنية والروحية مناسبة لحياة الطفل وتطوراته. هل يمكن أن نعتبر كل هذا التحسب من خواص الخلية البشرية، وما علاقة هذا بذاك؟ وللمزيد من التوضيح نأتي بمثال آخر ونقول: إن جملة " أفلاطون كان فيلسوفا "
 تتكون من (17) حرفا، فلو أن أحدا قال: إن لكل حرف من هذه الحروف صوتا خاصا يختص به، وإن هذا الصوت هو خاصية ذلك الحرف لما قال جزافا.ولكن لو قال بأن هناك وراء صوت كل حرف وخاصيته أمرا آخر وهو التناسق والتناسب والانسجام الذي يؤدي إلى بيان ما يوجد في ذهن المتكلم من المعاني، هو كون أفلاطون فيلسوفا، وأن هذا التناسق هو خاصية كل حرف من هذه الحروف، فقد ارتكب خطأ كبيرا وادعى أمرا سخيفا، فإن خاصية كل حرف هي صوته الخاص به ولا يستدعي الحرف هذا التناسق، مع أنه يمكن أن تتشكل وينشأ من هذه الحروف آلاف الأشكال والأنظمة الأخرى غير نظام " أفلاطون كان
 فيلسوفا ". فإذا لم يصح هذا في جملة صغيرة مركبة من عدة أحرف ذات أصوات مختلفة وخواص متنوعة، فكيف بالكون والنظام الكوني العام المؤلف من ملايين المواد والخواص والأنظمة الجزئية المتنوعة؟! ثلاثة إشكالات أخرى لهيوم 1. من أين نثبت أن النظام الموجود فعلا هو النظام الأكمل، لأنا لم نلاحظ مشابهه حتى نقيس به؟ 2. من يدري لعل خالق الكون جرب صنع الكون مرارا حتى اهتدى إلى النظام الفعلي؟ . لو فرضنا أن برهان النظم أثبت وجود الخالق العالم القادر، بيد أنه لا يدل مطلقا على الصفات الكمالية كالعدالة والرحمة التي يوصف بها. والجواب عنها: إن هذه الإشكالات
 ناشئة من عدم الوقوف على رسالة برهان النظم ومدى ما يسعى إلى إثباته، أن رسالة برهان النظم تتلخص في إثبات أن النظام السائد في الكون ليس ناشئا من الصدفة ولا من خاصية ذاتية للمادة العمياء، بل وجد بعقل وشعور ومحاسبة وتخطيط، فله خالق عالم قادر.وأما أن هذا الخالق الصانع هو الله الواجب الوجود الأزلي الأبدي أم لا، وأن علمه بالنظام الأحسن هل هو ذاتي فعلي أو انفعالي تدريجي، وأن النظام الموجود هل هو أحسن نظام أو لا؟ فهي مما لا يتكفل بإثباته هذا البرهان ولا أنه في رسالته ولا مقتضاه، بل لا بد في هذا المورد من الاستناد إلى براهين أخرى مثل برهان
 الإمكان والوجوب والاستناد بقواعد عقلية بديهية أو مبرهنة مذكورة في كتب الفلسفة والكلام، مثل أن علمه تعالى ذاتي فعلي وليس بانفعالي تدريجي، وأن النظام الكياني ناشئ عن النظام الرباني ومطابق له، وذلك النظام الرباني العلمي أكمل نظام ممكن، إلى غير ذلك من الأصول الفلسفية والتي سنذكرها في المقالات القادمة باذنه سبحانه

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد عبد الجليل ظاهر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/28



كتابة تعليق لموضوع : ثقافة عدم وجود خالق لهذا النظام الكامل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 4)


• (1) - كتب : احمد عبد الرسول ، في 2011/10/01 .

تحياتي للاخ العزيز احمد عبد الجليل 0ان النقاط التي اثرتها كأشكالات على المقال الاخ الفاضل والتي هي تعبر عن وجهة نظري كان من الضروري ذكرها بصورة واضحة مع بعض الاطالة حتى يركز عليها الاخ الكاتب الفاضل في المقالات القادمة التي انا اعلم انه سيكتبها ولهذا ذكرت هذه الاشكالات التي ربما هي تحتوي على اخطاء او فيها سوء فهم مني لمقال الاخ الفاضل ولكن في كل الاحوال الاشكال لابد ان يطرح حتى نحصل على جواب وتوضيح يزيل اللبس والفموض وسوء الفهم ان وجد 0وانا لم اقل ان البرهان هو مجرد شعور داخلي او حدسي بل قلت هو يكون اقوى ظهورا وتاثيرا من ناحية الشعور النفسي منه من ناحية الاستدلال العقلي 0 ننتظر مقالات الاخ الفاضل ونشكره على الكتابة بهذه المواضيع التي تحتاج جهد كبير منه من اجل توضيحها وازالة الغموض عنها وتبسيطها قدر المستطاع للقراء 0

• (2) - كتب : احمد عبد الجليل ، في 2011/09/30 .

الاخ احمد عبد الرسول
السلام عليكم
بالرغم من كلامي معكم حول التجرد واعترافك وقتها بصعوبته وجدت الان في تعليقاتك صعوبة فعليه لهذا التجرد من قبلك طبعا.
ولو انك تحليت بالصبر بعض الشيء لوجدت في المقالات القادمة كل الحلول للاشكالات الامنطقية التي عرضتها .
ولكني اكرر اسفي لانك تعرف المشغوليات التي على عاتقي اكثر من غيرك من القراء الاعزاء
وبالحقيقة اني عندما اقرء بعض مايسمى بالاشكالات التي طرحتها تنتابني الدهشة لان حلولها اجدها في نفس كلامك -لو انتبهت- وما جعلني استغرب اكثر انك ترى هذا البرهان ماهو الا شعور داخلي اصله انشراح النفس - اعوذ بالله من هذا واتوب اليه-

• (3) - كتب : احمد عبد الرسول ، في 2011/09/29 .

اعتقد ان قوة دليل النظام تكمن في الحدس والشعور وليس بالتجريدات العقلية فالانسان عدما يرى منظر جميل في الطبيعة ويرى مظاهرها الكثيرة الرائعة فيشعر بالسعادة والدهشة ويطرب لها قلبة ويتملكة حدس وشعور قوي بوجود جوهر مطلق وراء هذه الظواهر العابرة في الطبيعة وبوجود مثال للجمال وراء جزئيات الطبيعة الجميلة فهو حدس وشعور لحظي يصيب الانسان ويدخلة في اتصال غريب ومعرفة غريبة مع الجوهر المطلق ولكن اذا حاولنا ان نستدل بالعقل ونستخدم هذة المشاعر وهذا الحدس واخضعناه لمقولات العقل الجافة وشروط المنطق البارده فسيفقد هذا الدليل رونقة ويفقد حرارة اللحظه الحدسيه والشعورية 0ولهذا ارى بنظري البسيط ان الاعتقاد بمنظم لما يرى في الطبيعة من جمال وانسجام نابع من الحدس والشعور والدهشة اكثر من مقولات العقل والمنطق الجافة0 مع تحياتي للاخ العزيز احمد عبد الجليل

• (4) - كتب : احمد عبد الرسول ، في 2011/09/29 .

تحياتي للأخ العزيز احمد عبد الجليل 0الكاتب الذي لا يضيق صدره بالنقاش0 اعتقد ان الاخ الكاتب وقع في اشكال يقع به كثير من الباحثين عندما ذكر اعتراضات ديفيد هيوم الفيلسوف الانكليزي وخصوصا الاعتراض الاول على دليل النظام انه قام بأقتطاع هذا الاعتراض من سياق فلسفة هيوم وهذا يظهر الاعتراض بأنه ضعيف وواهي ولكن اا اخذ الاعتراض ضمن سياق فلسفة هيوم واقصد بها نظرية المعرفة لهذا الفيلسوف فسيكون الاعتراض قوي لنوضح ذلك ان الاخ الكاتب رد الاعتراض بقوله ان برهان الذي يدعم دليل النظام هو برهان عقلي وليس تجريبي اي ببساطة يستند على الضرورة العقلية الصارمه وقد فات الكاتب ان هيوم لا يؤمن بالضرورة العقليه بل هو ينكر العلية من اساساها العقلي ويردها الى مجرد تداعي للمعاني اي مجرد تلازم نفسي وعليه يتضح بأنه لا توجد ضرورة موضوعية في العالم الخارجي ومن هذا ينطلق الى عدم حاجة الكون لموجد او منظم ثم يشبه الاخ الكاتب الفاضل الاستنتاج بوجود منظم للكون بالمربع الذي يدرك بالخارج ومن ثم يدرك العقل بالتحليل بانه اضلاعه متساويه ولكن ايضا فاته بانه قضية المربع قضيه تحليليه وليست تركيبيه اي ان محمولها متضمن بالموضوع اما استنتاج بانه للكون منظم فهو قضيه تركيبيه اي ان محمولها غير متضمن بالموضوع وقد نذهب الى القول بان المربع لا وجود له الا بالعقل مثل النقطة 0 فعلى الكاتب لكي يصبح رده مقنع ان يفند نظرية هيوم في المعرفة اولا0 اما عن الاعتراض الثاني فقول الاخ الفاضل غير مقنع لان الانسان يدرك النظام في الطبيعه عندما يلمس ملائمة بعضها لبعض وخصوصا له مثل ان يرى ان العشب ينمو فتأكل منه الخراف التي يرعاها وتعطيه اللحم واللبن فيشعر بنظام الطبيعة ولكن عندما يحدث حدث في الطبيعه وييقضي على العشب فالشعور واضح جدا بالفوضى وعدم النظام نعم قد يقول الكاتب بانه كل حدث نعتقد انه فوضوي وغير منظم لاننا ننظر اليه من زاوية المصلحه الانسانيه الضيقه ولكن لو ننظر اليه من زاوية كونيه واسعه فان اي حدث يكون منسجم مع الكل الكوني وغير فوضوي ولكن هذا لا يحل الاشكال لانه ادراك الكون كله وادراك الانسجام فيه ككل قضيه غير متوفره لاننا دائما على تواصل جزئي معه 0 وايضا ان ما نقوله عن الانسجام والنظام في الكون هو ما نلمسه في الطبيعه والجانب الكوني الذي نقدر ان ندركه وهو جزئي وبسيط جدا بل تافهه مع الكون ككل فاذا ادركنا النظام في مجرتنا مع تغافلنا عن ما بها من اشكالات فمجرتنا هي واحده من مليارات المجرات فكيف يحق لنا ان نعمم الحكم على الجزئي اي على جزء من الكون على الكون كله او كيف نقول بانه مجرتنا منظمه وعليه يجب ان تكون كل المجرات منظمه غير مقبول قول هذا بل اقصى ما يمكن قوله هو ان نستنتج منظم جزئي فقط لمجرتنا وليس منظم مطلق لا متناهي0 اما عن الاعتراض الثالث فتشبيه الاخ الفاضل ايضا يثير اشكال لانه يشبه نظام ارادي كما في جملة افلاطون كان فيلسوفا فهي مأخوذه من وسط انساني اجتماعي له خواصه فنحن نتفق معه في تحليله لهذه الجمله ولكن نرفض التشبيه والتعميم والقول بانه الماده مثل الاحرف فهذا تشبيه غير مقبول بل كيف اعمم حكم على الجزئي كما في هذه الجملة على المادة التي هي الكون كلة مع الفارق الهائل بين الوسط الانساني الجزئي وبين المادة والكاتب ايضا يتجاهل نظرية التطور والنشوء والارتقاء فمثال الرحم حسب هذ النظريه لم يكن جاهزا منذ الازل بل هو نتيجة تطور وتكرار للوقائع طويل جدا ومعقد جدا جدا فتارة ينجح وتارة يفشل في سلم الارتقاء الذي استغرق مليارات السنيين ولا زال 0 فمن الممكن القول بان المادة لها خاصية ذاتية لفعل هذا لان كثير من الناس يخدعها حسها العام الحس المشترك فتعمم نظرتها الخارجيه اليوميه للماده التي تظهر لها مادة عمياء جامدة ولكن العلماء على خلاف ذلك فعجائب المادة تنكشف مع كل بحث يجريه العلماء نعم يبقى القول ما مصدر هذه العجائب ولكن الجواب لا يمكن ان يكون تجريبي او استقرائي بل هو حكم عقلي وذكرنا بعض اشكالاته وعليه القول بالخاصيه الذاتيه ليس فيه خروج على البديهيات فمن الممكن بعد االاف السنيين وبعد ان تتضح خواص المادة ويتطور عقل الانسان اكثر ان تتغير نظره الحس المشترك العام للماده وتصبح خصائصها هي هي الاكثر وضوحا فيقل العجب 0 ان دليل النظام وهو دليل قديم حيث ورد في الفلسفة اليونانيه ثم تطور بعد ذلك انه دليل لو قمنا تحليله سنرى كيف ظهر فهو ظهر حينما كان الانسان يتصور بانه مركز الكون وانه يعيش على الارض التي هي مركز الكون حيث تدور حولها الشمس وان الكون محدود وليس بالحجم الهائل وانه هو ارقى الكائنات وانه خلق دفعه واحده بهذه الخلقة التي نراها اليوم وان الله خلق كل شيء من اجل الانسان وهذه تصورات ترتبط بالغائيه اي الغايه من وجود الكون حي ان الغايه كانت هي الانسان والغائيه لا نستطيع ان نفصلها عن النظام فهي ترتبط به فلا يمكن تصور الغائيه بلا نظام معين وبما ان الانسان تصور بانه هو الغايه من الكون وان الكون بخدمته فسحب هذا التصور على النظام فتصور بان الكون منظم مثل ما ينظم الانسان واقعه المادي او الاجتماعي اي هو تصور ساذج بعيد عن التصور العلمي الحديث للكون والانسان حيث اصبحت الارض ليست هي مركز الكون والانسان كائن متطور من انواع ادنى ولم يوجد دفعه واحده بخلقه معينه وان الكون ليس صغير بل هو هائل الكبر بدرجه يصعب وصفها وان الانسان يعيش في زاوية تافهه جدا بل لا تقارن بحجم الكون الجبار والابحاث الجينيه الحديثه ومالها من نتائج عجيبه وخصوصا على النواحي النفسيه للانسان كل هذه الاكتشافات وضعت الغائيه كما تصورها الانسان في تلك العصور موضع شك بل اصبحت موضع سخرية وتهكم وظهرت فكرة بان الكون ليس له غايه او ان للكون غايات اخرى ليس الانسان من ضمنها بل هو مجرد كائن تافه سينقرض مثل الديناصورات وتاتي بعدة كائنات اخرى وهكذا تستمر الصيرورة الكونيه ونفس الكلام ينسحب على دليل النظام اي ان النظام او فكرة النظام هي مجرد اسقاط الواقع البشري على الكون كله وهو ناتج عن ذاتيه مفرطه في التفكير وانانيه للنوع الانساني حيث يرى في الكون كله نموذج انساني مكبر جدا 0 مع تحياتي للاخ الفاضل احمد عبد الجليل واسف على الاطالة




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net