صفحة الكاتب : الشيخ احمد سلمان

تعليقٌ حول: (حوار القاهرة والناس)
الشيخ احمد سلمان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كنّا ولازلنا نعاني من حالة (الانهزامية) التي يظهرها بعض المتصدّين للحوار والمناظرة في وسائل الإعلام المختلفة، وعلامة هذه الحالة هي الانصياع لاشكالات الطرف الآخر والتسليم بها، ثم محاولة التملّص منها وإن كانت من ثوابت المذهب!

وقد ظهر مؤخّرا في بعض الفضائيات المصرية أحد رجال الدين من لبنان في نقاش مع شيخ أزهريّ حول الأذان وبالتحديد حول الشهادة الثالثة حيث شنّ عليها هجمة قويّة واعتبرها من فعل العوام بل اعتبر ذكرها في الأذان أمرا مكروها وهو من فعل العوام المتعصّبين بل وافق الشيخَ الأزهري في ضرورة التصدّي لمثل هذا الشيء ومنعه من الأذان!

وتعليقي على ما ذكره الشيخ هو:

أوّلا: إنّ البحث في مشروعية الشهادة الثالثة هو أمر فقهي يبحثه الفقهاء في دروسهم العليا، ولا يكفي إضافة لقب (مفتي) قبل إسم أي شخص ليعطى الحقّ في المناقشة والأخذ والردّ في قضايا فقهية ويكون صاحب رأي فيها.

ثانيا: لقد ذكر علماؤنا الأعلام عدّة أدلّة على مشروعية الشهادة الثالثة واستحبابها في الأذان، وقد شحنت كتبهم الفقهية بهذا البحث، بل ألفت كتب ورسائل مستقلّة في هذا الأمر قديما وحديثا، وليس الأمر كما ذكره هذا الشيخ من أنّ القضية محصورة بدائرة العوام المتعصّبين سامحه الله!

ولعلّه لم يطّلع على قول فقيه الطائفة وزعيمها في عصره السيد محسن الحكيم قدس سره الذي يقول: بل ذلك في هذه الأعصار معدود من شعائر الإيمان ورمز التشيّع فيكون من هذه الجهة راجحا شرعا بل قد يكون واجبا لكن لا بعنوان الجزئية من الأذان. (المستمسك 5/332) 

ثالثا: لو كان هذا الشيخ على اطلاع بالفقه السنّي لعلم أنّه يمكن تخريج الشهادة الثالث والحكم بجوازها طبقا للفقه السني، وبيانه:

إنّ أهل السنّة أجازوا أن يتكلّم المؤذن في الأذان: فقد جعل ابن أبي شيبة بابا كاملا في مصنّفه أسماه (من رخّص للمؤذّن أن يتكلّم في أذانه) ونقل فيه بعض النصوص الدالّة على المطلوب نذكر منها: حدثنا عباد عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان قتادة لا يرى بذلك بأسا وربما فعله فتكلّم في أذانه؛ حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن عطاء: أنّه كان لا يرى بأسا أن يتكلم المؤذن في أذانه ولا بين الأذان والإقامة؛ حدثنا زيد بن حباب عن حماد بن زيد عن هشام بن عروة أنّ أباه كان يتكلم في أذانه. (المصنّف 1/240)

فهذه النصوص المنقول عن كبار فقهاء التابعين تثبت جواز هذا الأمر، ولهذا قال ابن عبد البر في الاستذكار: ورخصت طائفة من العلماء في الكلام في الأذان منهم الحسن وعروة وعطاء وقتادة وإليه ذهب أحمد بن حنبل وروي عن سليمان بن صرد أنه كان يأمر غلامه بالحاجة في أذانه. (الاستذكار 1/402)

 

ومن الكلام الذي أجازوه في أذانهم السلام على أمير البلاد، قال الكاشاني في بدائعه: لهذا قال أبو يوسف: لا أرى بأسا أن يقول المؤذن السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حيّ على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يرحمك الله (بدائع الصنائع 1/149)

وبالجمع بين الأمرين نقول لا بأس أن يقول المؤذّن: أشهد أنّ عليّا وليّ الله أو أشهد أنّ عليّا حجّة الله في أذانه، ولا يعتبر ذلك تشريعا أو ابتداعا في الدين بل هو من الكلام الجائز الذي لا يضرّ بالأذان.

رابعا: شتّان بين موقف الشيخ الأزهري الذي تمسّك بأذانه بل حتّى ببدعة (الصلاة خير من النوم) واعتبرها من الأمور الثابتة رغم وقوع الخلاف فيها، وبين موقف الشيخ الشيعي الذي تنازل عن الشهادة الثالثة بل وأشار في طيّات كلامه إلى عدم التسليم بـ(حي على خير العمل) رغم عدم وجود أي خلاف في الوسط الشيعي حولها.

ويكفينا هذا النص الذي يجعل أيّ منصف يضع نقطة استفهام حول هذا الموضوع، قال الحلبي في سيرته: وذكر بعضهم أن في دولة بني بويه كانت الرافضة تقول بعد الحيعلتين حي على خير العمل فلما كانت دولة السلجوقية منعوا المؤذنين من ذلك وأمروا أن يقولوا في أذان الصبح بدل ذلك الصلاة خير من النوم مرتين وذلك في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة (السيرة الحلبية 2/305).

ختاما:

من أراد التصدّي لمثل هذه الأمور عليه أن يكون أهلا لها سواء من جهة علمية أو من جهة إعلامية بحيث يستطيع أن يمثّل المذهب خير تمثيل.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ احمد سلمان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/30



كتابة تعليق لموضوع : تعليقٌ حول: (حوار القاهرة والناس)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net