دراسة تُطرح لأول مرة.
كنت اقرأ بعض فتاوى فقهاء المسلمين حول الذبائح فرأيتهم يقولون : (إذا كنت في بلد اهله غير مسلمين ودخلت إلى محل صاحبه مسلم اشتري منه اللحوم من دون ان تسأل هل هو حلال او لا . ولكن اذا دخلت محلا لبيع اللحوم صاحبة ليس مسلم فلا تشتري منه اللحوم حتى وان كتب عليها (حلال) فلا تشترها ولو اقسم لك بانها حلال) . فكنت اتعجب من ذلك لما رأيته من نظافة محلات غير المسملين في بلاد الغرب.
وبما أن السبب ديني قررت البحث عن اسباب ذلك فوجدت بعض الظواهر الغريبة عند ذبحهم للذبائح التي تُميت الذبيحة ولا تُذكيها، فرجعت إلى الكتاب المقدس فوجدت احكاما غريبة تتعلق باللحوم لا تدل على عقل سليم وتخلو من الرحمة والانسانية وذلك لأن الكتاب المقدس يعتبر الميتة والجثث الفاطسة هي نجاسة لا تصلح للأكل حتى أن الذي يلمسها عليه ان يتطهر كما يقول (إذا مس أحد شيئا نجسا: جثة وحش نجس، أو جثة بهيمة نجسة، أو جثة دبيب نجس فهو نجس). (1)
هنا الكتاب المقدس يحكم بعدم طهارة الميتة والجثث الفاطسة ويُحرم اكلها وحتى لمسها. ولكني في نص صادم آخر وجدت الانانية والحقد يتجسد بأبشع صوره عندما يأمر الكتاب المقدس ببيع الجثث الفاطسة لغير اليهود من الغرباء ليأكلوها او يبيعوها. وعندها علمت لماذا لا يجوز شراء اللحوم من محلات اهل الكتاب.(2)
يقول النص آمرا اتباعه : (لا تأكلوا جثة ما. تعطيها للغريب فيأكلها أو يبيعها لأجنبي، لأنك شعب مقدس للرب إلهك). والمقصود بالغريب هو كل من يقع خارج جنس اليهود ، لأن اليهود ينظرون لأنفسهم على انهم شعب مقدس طاهر لا يجوز له اكل الجيف النافقة بينما الشخص الغريب عليه ان يأكل الجيف ويجب أن تُرمى له.(3) وتكرر هذا النص في فصل آخر حيث يقول : (وأما شحم الميتة وشحم المفترسة فيستعمل لكل عمل).(4)
ولرب قائل يقول : أن هذا النص قديم ولا يُعمل به اليوم . واقول له انك واهم فإن المعروف عن اليهود وعنادهم انهم يبقون وراء قراراتهم التي كتبوها قبل آلاف السنين ويُحاولون تطبيقها تماشيا مع ما يُقدمه كل عصر من ادوات علمية، فهم امةٌ صلبة ادمغتهم كما تصفهم التوراة عنادهم عجيب في تتبع التفاصيل ، ولو قرأت ما جرى في سورة البقرة التي امرهم الله ان يذبحوها لرأيت امة لا بصيرة فيها لا ترى إلا ما تراه في عقولها ، ولذلك ومن اجل استمرار رمي الجثث الفاطسة للشعوب كطعام عمدوا إلى المغالات في الانسانية فأسسوا (جمعيات الرفق بالحيوان) (5) ومن خلال هذه الجمعيات زعموا انه ليس من الانسانية ان نقوم بتعذيب الذبيحة قبل اكلها بأن نذبحها بهذه الطريقة البشعة بالسكين ، فابتدعوا طريقة الصعق بالكهرباء او طلقة الرأس التي يزعمون أن الذبيحة تتخدر فيتم ذبحها من دون الم .(6)
ولكن من نفاقهم فإنم لا يزالون يقومون بتذكية الذبائح عن طريق ذبحها بالسكين مباشرة من دون صعق كهرباء او طلقة في الرأس فهم على طريقتهم التي كانوا يستخدمونها قبل ثلاث آلاف عام يقومون بذبح الذبيحة بالسكين وتصفية دمائها للتخلص من سمومها وتركوا الباقي للغرباء والاجانب .
ففي الاسلام نطلق على اللحوم المذكاة بأنها (حلال) وفي اليهودية يكتبون عليها (كاشير) اي حلال والنص التوراتي واضح جدا في كيفية تذكية الذبيحة فهو نصُ مقدس لابد من تطبيقه كما نفعل نحن في الاسلام . التوراة تأمر اتباعها بتذكية الذبيحة كما نقرأ في سفر التثنية 12: 16ـ 24: (الذي يختاره الرب إلهك فاذبح من بقرك وغنمك كما أوصيتك، لكن احترز أن لا تأكل الدم، لأن الدم هو النفس. فلا تأكل النفس مع اللحم على الأرض تسفكه كالماء لكي يكون لك ولأولادك من بعدك خير).النص يقول الله اختار لك ويأمرك بتذكية الذبيحة بالذبح.
وهكذا بقى اليهود يأكلون اللحوم الحلال من خلال تذكيتها وسفح دمها بينما رموا الجثث الفاطسة والميتة المليئة بالسموم وبكتريا التفسخ إلى بقية الشعوب (الامميين) وأوصلوها لهم بطرق شتى عن طريق اللحوم المعبأة (المعلبة) أو المستوردة أو عن طريق خداعهم بحقوق الحيوان والرأفة به فلا يتم ذبحه وتذكيته إلا بعد صعقه بالكهرباء او رميه بالرصاص في رأسه ثم ذبحه فامتلأت اجوافنا باللحوم الفاطسة.
فهل نركن بعد ذلك إلى ذبائحهم؟
المصادر :
1- سفر اللاويين 5: 2.
2- طبعا هذا الحكم لا يشمل اليهود وحدهم بل يشمل المسيحية لأنها تبنت كل ما في التوراة من خير وشر حلو ومرّ وذلك بفتوى السيد المسيح الذي قال : (ما جئت لأنقض الناموس ــ التوراة ــ بل لأكمل تزول السماوات والأرض ولا يزول حرف من الناموس). ولذلك نرى المسيحية تركت تذكية اللحوم وعمدت إلى الخنق او الصعق او الرمي والركض وراء قرارات اليهود في (الرفق بالحيوان) ولكنهم لم يُراعوا حرمة الإنسان فامعنوا به تقطيعا وقتلا بشتى السبل.
3- اشار القرآن في سورة المائدة إلى حرمة اكل لحوم الميتة وحددها فقال : (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنفة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح علي النصب). والنصب يعني ذبائح الوثنيين.ولم يسمح الله بتناول هذه اللحوم إلا عند الاضطرار مثل خشية الموت جوعا.
4- سفر اللاويين 7 : 24.
5- اليهود وراء تأسيس جمعيات الرفق بالحيوان ولكن انظر لهم ماذا يفعلون بالانسان في كل مكان ذبحا وقتلا وتشريدا، إنه مظهر من اقذر مظاهر النفاق اليهودي الذي تبنته المسيحية وفرضوه علينا، وهم وراء ختراع كل انواع الاسلحة القذرة المهلكة التي تُبيد الإنسان ولا تراعي حقه في الحياة كما تراعي حق الحيوان.
6- كيف لا تشعر الذبيحة بالالم عند صعقها وما ادراهم بذلك هل سألوا مصعوقا على الكرسي الكهربائي أونظروا إليه وهو يتلوى ويتعذب ويذوب ويظهر الدخان من جوانبه ثم تظهر رائحة لحمه المشوي. او كيف علموا أن طلقة الرأس لا تؤلم . طريقتهم فاشلة لانها تقوم بتعذيب الحيوان مرتين مرة صعقا بالكهرباء او رميا بالرصاص واخرى بذبحه بالسكين.
|