فرق كبير بين القادة الحقيقيين وبين القادة المزيفين وتعرف ذلك من خطابهم وتوجيهاتهم وكل حركاتهم وسكناتهم، لقد استمع الناس لخطاب السياسيين ومنهم رئيس الوزراء الذي أساء لدماء الشهداء وتضحيات الشرفاء وعلق على جريمة اختطاف وإعدام مجموعة من عناصر الدعم اللوجستي بكلمات لا ينطقها من يحمل أدنى درجات الأسى والاسف، واصفاً الشعب الذي تعاطف وتلضى ألماً بالمرجفين، بل كأنه يمن على أهل التضحيات العظيمة عندما يقول هل من المعقول أن نؤمن كل زقاق في هذا البلد!! والحديث في هذا السياق طويل وعريض وذو شجون...
بينما تعالوا معي لنصغي لبعض نصوص القادة الحقيقيين وهم يتناولون قضايا البلد وهموم الشعب ومعاناتهم..
لقد جاء في نص خطاب المرجعية العليا في خطبة الجمعة 29/6/2018 كلاماً لو كان لدى أصحاب المسؤولية (رئيس وزراء ووزير دفاع ووزير داخلية واخرون) أدنى مراتب الحياء والشعور بالمسؤولية حين استماعه لقدموا استقالاتهم من ساعتهم.. ولكن لا حياء ولا حياة ولا ضمير لمن تنادي!
لقد أبدت المرجعية بالغ أسفها وقدمت أحر تعازيها لعوائل الشهداء المغدورين المختطفين وخصتهم بذلك وركزت على صغارهم الذين تيتموا وذكرت مناشدتهم وصراخ استنجادهم بحرقة قلب وغصة فؤاد إذ صُمت أسماع المعنيين عن سماع مناشداتهم إذ لو انهم تحركوا بإجراء سريع لربما استنقذوهم ولكن!!
لكن المسؤول انشغل بمصالحه الشخصية والحزبية والمشاكل الانتخابية ولم يعبأ بالناس ولم يلتفت للبلد الذي ما زال يصارع فلول الإرهاب وعصابات الإجرام..
ثم ركزت المرجعية في خطابها على وحدة العراقيين وذكرتهم بأن الإرهاب وجميع عصابات الإجرام لا تفرق بين شيعي وسني بل لديها الجميع سواء ما لم يكن في صفوفهم وما اختلاط دماء الكربلائيين بدماء الانباريين إلا ((دليلٌ على أنّ الإرهابيّين الدواعش هم أعداء للعراق بجميع مكوّناته، وأنّهم لا يفرّقون في جرائمهم واعتداءاتهم بين عراقيّ وآخر، ممّا يستدعي تضافر جهود جميع العراقيّين بمختلف انتماءاتهم للقضاء التامّ على هذه العصابات المجرمة ومواجهة فكرها الضالّ الذي يبتنى على ممارسات الخطف والسبي والذبح وغيرها من الجرائم الوحشيّة))
ثم عرجت المرجعية بخطابها نحو تذكير الحكومة بتنبيهها وتحذيرها فيما سبق من الغفلة والتهاون والتغاضي وتضييع الجهود العظيمة التي بذلها أبناء هذا الوطن طوال ثلاث سنوات بقولها ((وسبق أن نبّهنا أنّ المعركة مع عصابات داعش لم تنتهِ وإن انكسرت شوكتها وذهبت دولتها المزعومة، إذ لا تزال هناك مجاميع من عناصرها تظهر وتختفي بين وقتٍ وآخر في مناطق مختلفة وتقوم بإرعاب المواطنين والاعتداء عليهم))
وخاطبت المعنيين ووبختهم على تقصيرهم بالقيام بما انيطت لهم من مسؤوليات ووضعت يدها على سبب فشلهم: ((فليس من الصحيح التغاضي عن ذلك والانشغال بنتائج الانتخابات وعقد التحالفات والصراع على المناصب والمواقع عن القيام بمتطلّبات القضاء على الإرهابيّين وتوفير الأمن والحماية للمواطنين في مختلف المناطق والمحافظات))
واعطتهم الرد المناسب : ((إنّ الردّ الصحيح والمُجدي على جريمة اختطاف وقتل المواطنين الستّة المغدور بهم يتمثّل بالقيام بجهدٍ أكبر استخباريّاً وعسكريّاً في تعقّب العناصر الإرهابيّة وملاحقتها في مناطق اختفائها، وتمشيط تلك المناطق وفق خططٍ مدروسة والقبض على المتورّطين في الأعمال الإرهابيّة وتسليمهم للعدالة، مع ضرورة المحافظة على حقوق المواطنين المدنيّين وتجنّب الإساءة لهم أو تعريضهم الى المخاطر في المناطق التي تجري فيها العمليّات الأمنيّة والعسكريّة))
هذا الخطاب يفصح عن حنكة قائله إذ كان ينبغي التركيز عليه من قبل المعنيين بالمسؤولية ممن خرج ليسيء لعواطف شعبٍ بأكمله ويصفهم بالمرجفين ويستهزء بدموع اليتامى المستغيثين شتان بين هذا وبين القيادة الحكيمة التي تعي ما تقول وتضع النقاط على الحروف..
ثم عرجت نحو فئةٍ وعدّتها حصن البلد ودرع شعبه وسبب أمنه في حين شاهدنا واستمعنا تبريرات المسؤولين والتي كانت مليئة بالاسائة لهذه الشريحة واستهانة بقدرتها وامكانياتها وتنكراً لتضحياتها عندما يعلنون عدم قدرة القوات المسلحة على توفير الأمن في كل مكان!! والإنسان الواعي يعرف ما هذه التبريرات المخزية إلا إهانة ليرقعوا بها فتق خيبتهم وفشلهم.. بينما نجد خطاب القيادة الحقيقية كيف ترد على اولئك المتخاذلين : ((وبهذه المناسبة نودّ الإشادة مرّةً أخرى بجهود وتضحيات أعزّتنا في القوات الأمنيّة بمختلف عناوينهم، فهم الصفوة من أبناء هذا البلد الذين يسترخصون أرواحهم ودماءهم بالذبّ عنه وحماية الأرض والعرض والمقدّسات، والأمل معقودٌ عليهم في تخليص هذا الشعب الجريح والصابر من بقايا العصابات الإرهابيّة، فعليهم أن لا يفتروا أو يملّوا عن ملاحقتها والقضاء عليها لينعم العراق بالأمن والاستقرار إن شاء الله تعالى))
عندما نمعن النظر فيما تقدم من خطاب المرجعية للقوات الأمنية بكافة صنوفها نفهم من هو الحامي الحقيقي ونفهم أن قواتنا لا تعجز عن شيء وساحات الجهاد تشهد لهم في كل شبر منها ولكن العجز والفشل لباس أصحاب المسؤولية ومَن بأيديهم القرار وهم مَن يتحملون كامل مسؤولية الدماء البريئة التي سفكت جراء تخاذلهم وفشلهم بإستخدام السلطة التي تقمصوها وهم ليسوا اهلا لها.
كما أشارت إلى أهم أسباب تحقق الانتصارات وهي مواكب الدعم اللوجستي الذين تجاهلت الحكومة دورهم بالكامل: ((كما نودّ أن نقدّر عالياً جهود الإخوة الكرام في مواكب الدعم اللوجستيّ للقوّات الأمنيّة، فقد أدّوا دوراً بالغ الأهميّة في الانتصارات التي تحقّقت على مدى السنوات الماضية))
وفي مجمل الخطاب نلاحظ ألماً ووجع فؤاد وحرقة قلب بسبب تجاهل مناشدات الناس وعدم الاستماع لتوجيهات المرجعية من قبل المتنفذين واصحاب القرار ولكن المعاناة بلغت حدا لا يطاق ومنها معاناة المزارعين وعامة الناس بسبب شحة المياه وملوحة الموجود منها مما نغص عيش المواطنين في ظل الإهمال الحكومي وعدم الالتفات لهم دون أدنى محاولة لإيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة التي أثرت على اقتصاد البلد وحياة الناس بل حتى على حالتهم الصحية وطالبت الحكومة
بـ ((مساعدة المزارعين العراقيّين لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، ووضع خطط صحيحة مستقبليّة لاستخدام التقنيّات الصحيحة في تطوير القطّاع الزراعيّ ولاسيّما في عمليّات السقي لقليل المياه المصروفة فيها، وغير ذلك من الأساليب المتّبعة في الدول التي تُعاني من شحّة المياه))
كما أشارت المرجعية بشكل ضمني إلى سوء أداء الخارجية وعدم القيام بدورها فيما يخص حق العراق من المياه وطالبت المعنيين بـ((بذل كلّ الجهود مع دول الجوار لضمان رعايتها لحقوق العراق بموجب القوانين الدوليّة الخاصّة بالمياه المتدفّقة عبر الأنهار المشتركة، بل وعرض اتّفاقات ثنائيّة وفق ما تمليه المصالح الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة المتبادلة لتأمين الكميّة اللازمة من المياه للقطّاع الزراعيّ العراقيّ)).
|