• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حاربوا الفتنة بالأعمار .
                          • الكاتب : محمد رضا عباس .

حاربوا الفتنة بالأعمار

نعم , هناك محاولات من أعداء العراق لاستغلال التظاهرات المشروعة لأبناء الجنوب والوسط من اجل تمزيق العراق و فرض اجندات اجنبية عليه او تحقيق مصالح سياسية لبعض الأطراف السياسية في العراق. من حق المواطن في الوسط والجنوب ان يتظاهر بعد ان اتعبته سياسات النظام البائد و تجاهلته الحكومات المتعاقبة بعد التغيير. لم تستطع الحكومات بعد التغيير من اعمار محافظة جنوبية ( على الرغم من الاستقرار الأمني النسبي في الجنوب والوسط) لتكون نموذجا تتباهى به الحكومة او تقدمه كمثل ناجح تتحدى به القوى المعارضة لها. بل لم تستطع الحكومات المتعاقبة من بناء صرح واحد في الجنوب او الوسط ليكون معلما او شاهدا على انجاز حكومي مهم . على العكس , نامت الحكومات عن اهل الوسط والجنوب نوم اهل القبور حتى غدا لا ماء صالح للشرب في البصرة وبعض مناطق ذي قار و العمارة , تراجع في توزيع الطاقة الكهربائية , وتدهور الخدمات الصحية والتعليمة الى درجة لا يمكن السكوت عنه .

انتفض اهل الوسط والجنوب متسلحين بقول الرجل الزاهد أبا ذر الغفاري " اتعجب على جائع لا يشهر سيفه على شبعان ". لم يشهر اهل الوسط والجنوب ال ار بي جي ولا الكلاشنكوف في وجه القوات الأمنية ولم يشهروا السيوف لقطع اعناق الأبرياء ولم يرفعوا علم النظام البائد ولا اعلام اجنبية ولا صور لقائد النظام البائد , وكل ما رفعوه هو للافتات تطالب بالخبز , وبذلك استحقوا عطف واحترام و تأييد جميع طبقات الشعب العراقي من مراجع دينية وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني.

الا ان أعداء العراق واعداء العملية السياسية و بعض السياسيين الداخل استغلوا التظاهرات وبذلك افسدوا على الجياع فرصة التعبير عن جوعهم , ولهذا فان المندسين في التظاهرات ( من بعثيين و متضررين من العملية السياسية) يستحقون لعنة المتظاهرين الشرفاء ولعنة القانون . والا , ما علاقة ايران بانقطاعات الطاقة الكهربائية ؟ ما علاقة الامام الخميني بشحة المياه في دجلة والفرات؟ وما علاقة الامام الخميني , وهو المتوفي منذ اكثر من عشرين عاما , من سوء الخدمات الصحية في البصرة او الديوانية او العمارة؟ بل ماذا عملت ايران لمحافظة البصرة للمطالبة بطردها منها؟ اذا كان السبب هو تدخل ايران بالشؤون الداخلية للعراق , فان هناك دول عديدة متهمة بالتدخل في الشؤون العراقية ومنها أمريكا , السعودية , تركيا, قطر, الأردن , وحتى إسرائيل , فلماذا اختاروا ايران وتركوا الباقين؟ معلوم , لان ايران كانت الدولة الأولى التي دعمت العراق في حربه ضد الإرهاب , والتي أوقفت تنظيم داعش من الزحف على بغداد في منتصف عام 2014. كما وان الهجمات على بعض المقرات الحزبية وترك مقرات حزبية أخرى لا يفسر الا باستخدام بعض السياسيين التظاهرات من اجل تصفية حسابات مع منافسيهم , وربما من عمل نفس المجاميع التي وقفت تهتف في البصرة " ايران بره بره , البصرة تبقى حرة" , من اجل ضرب الأحزاب الشيعية بالشيعية لينتهي الامر بحرب شيعية - شيعية مدمرة , خاصة وان اغلب الأحزاب الشيعية مسلحة بكل أنواع الأسلحة . نعم انها فتنة ويجب على شرفاء العراق التفرقة بين المطالب المشروعة والهجوم على ممتلكات الدولة وضرب القوى الأمنية. ما ذنب 262 رجل امن ان يضرب ويهان وهم حماة الوطن ؟ وما علاقات حرق ممتلكات الدولة بتحقيق المطالب؟

الحكومة العراقية تستطيع محاربة الفتنة ( وليس القضاء عليها , لان أعداء العملية السياسية باقون في محاربتها بكل الطرق والوسائل وفي كل المناسبات ) من خلال اطلاق مشاريع التنمية الاقتصادية القادرة على امتصاص نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل , ولاسيما شريحة الشباب منهم والتي وصلت نسبة البطالة بينهم الى حوالي 60%. العراق تأخر كثيرا عن ركب التطور الاقتصادي وهناك مئات من المشاريع تنتظر البدء فيها , وعلى الحكومة البدء فيها الان وليس غدا. ما معنى ان تنتظر الحكومة انعقاد مجلس النواب القادم من اجل المصادقة على الميزانية التكميلية و60% من شباب العراق عاطلين العمل؟ من سيلقي الحكومة في السجن او يحاول اسقاطها او يلومها اذا قامت بصرف الإيرادات الإضافية من ارتفاع سعر النفط على مشاريع اقتصادية إضافية ؟ اليس من العيب ان يصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوم جمهوري بمنح دار سكني ووظيفة لكل مقاتل دخل في الجيش لفترة ستة سنوات , وشبابنا يحامون عن العراق منذ التغيير ولا يملكون شبرا واحدا من بلدهم ؟ ماذا تنتظر الحكومة ؟ والمستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء يصرح ان العراق قد تجاوز الازمة المالية بعد ارتفاع اسعار النفط في الأسواق العالمية؟ لماذا هذا التباطئ؟ اليس من المعيب ان يقضي شبابنا اوقاتهم في المقاهي والكازينوهات ولم يحملوا في جيوبهم الا اجرة استكان الشاي؟ الا يشعر سياسينا بشعور ذلك الشاب العشريني والذي يفكر بعمل يحفظ كرامته , وزواج , ودار سكن ؟ ما هو الحرام في الموضوع؟ اليس من حق الشاب التفكير بهجرة البلاد وهو ينظر الى شباب الخارج متنعمين بكل وسائل الرفاه والراحة؟ اغلب سياسينا عاشوا في الخارج في زمن النظام البائد , وكان من المفروض بهم استنساخ ما شاهدوه في هذه الأوطان في العراق , ولكن مع كل الأسف انشغلوا في شؤونهم الخاصة وتركوا أبناء العراق بدون مستقبل يحلمون به ؟ سوف اعطي الحق من القول , ان العشرة سنوات ما بعد التغيير اشغلت الحكومات بمحارية المجاميع الإرهابية , ولكن الإرهاب لم يشمل جميع ساحة العراق , فلماذا هذا التخلف في عمران البلاد؟

على كل حال , أقول ان مطالب المتظاهرين سواء كانت من اهل البصرة او العمارة او النجف او كربلاء هي واحدة وعلى راسها توفير فرص عمل للعاطلين و توفير الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب وهي حقوق أساسية ومن واجب الحكومة تحقيقها في كل الأوقات . ان الاستعجال بتحقيق المطالب وهي بسيطة جدا على حكومة متخمة بالإيرادات المالية و سوف لن تكون صعبة اذا كان هناك جدية في تحقيق المطالب واحترام شعبها , وبذلك يمكن للدولة تفويت الفرصة بالمتربصين للعملية السياسية . لقد كشفت الأيام العشرة الماضية من عمر التظاهرات ان هناك الكثير من المتربصين لإجهاض الديمقراطية في العراق والقضاء على وحدته باسم الإقليم الشيعي , وباسم الحراك المدني الديمقراطي , وباسم انقاذ العراق من هيمنة الأحزاب الشيعية , وإنقاذ العراق من المليشيات , حتى وصل الامر بمطالبة القوات المسلحة العراقية بانقلاب عسكري باسم " حفظ هيبة العراق".

اعرف جيدا ان أبناء الوسط والجنوب سوف لن يسمحوا للقوى المعادية تحقيق ماربها من خلال استغلال تظاهراتهم السلمية , لانهم أصحاب حضارات عريقة , وهم المدافعين عن وحدة العراق منذ تأسيس الحكومة العراقية , فهم الذين تحملوا اضطهاد الحكومات قبل التغيير حتى اتهموهم بعراقيتم وعروبتهم وهم جمجمة العرب و حافظي لغتها , وهم الذين اصبحوا حقل للسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة ما بعد التغيير , وهم الذين اقفوا زحف تنظيم داعش بل ساعدوا على القضاء عليه عسكريا في العراق , وبالتأكيد سوف لن يسمحوا للعملاء والمندسين وأصحاب المصالح الخاصة بالاندساس في تظاهراتهم المشروعة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=122481
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 07 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28