• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لماذا توجه الانتقادات إلى الدين؟ .
                          • الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي .

لماذا توجه الانتقادات إلى الدين؟

 من المؤكد بأن هنالك فرقاً ما بين الدين والمتدين، وهو الفرق ما بين النظرية ورجالها المطبقون لها، وهذا واضحٌ عند كل ذي لب، بل هو من البديهيات العقلية والعقلائية. لكن الكلام في التمييز بينهما كلامٌ طويلٌ ومتشعبٌ ويحتاج إلى مؤَلفٍ مستقل أو إلى أكثر من مقالة أو أكثر من بحث للإحاطة به.
إن كلامنا سيدور حول موضوع الانتقادات الموجهة إلى الدين بما هو دين، بغض النظر عن نوع وطبيعة الدين، من ثم سنتعرض للانتقادات التي وجهت للدين الإسلامي، وبالأخص المذهب الشيعي الإمامي الاثني عشري.
إننا نشهد حركة محمومة ضد الدين، ونلحظ الانتقادات توجه له من دون أي توقف، بل نراها موجهة له دون غيره، بل حتى الأخطاء الأخرى التي تُرتكب في ميادين أخرى يعزى سببها عند البعض من ( ؟ ) إلى الدين، وكأنه سبب كل أزمة وسبب كل مشكلة وسبب كل خطأ مهما كانت طبيعته أو شكله أو محتواه!؟
وهنا يأتي التساؤل المحوري: لماذا توجه الانتقادات إلى الدين؟
هذا التساؤل تنفتح عليه مجموعة أولى من التساؤلات هي: لماذا الدين دون غيره؟ وما علاقة الدين بالأخطاء البشرية لينتقد؟
أما المجموعة الثانية من التساؤلات فهي: هل الخلل في اسم الدين؟ أم الخلل في النظرية؟ أم الخلل في الأدوات؟ أم الخلل فيمن يطبق الدين؟
أما المجموعة الثالثة من التساؤلات فهي: لماذا الدين خصوصاً؟ هل الدين ضعيف إلى درجة نرى الأكثر ينتقده؟ هل الدين حصن منيع نرى الأكثر يطعن به حسداً وعداوةً؟
يتبين لنا بعد هذه المقدمة، وبعد مجموع الأسئلة؛ أن الأمر ليس بالهين بحثاً، وأنه يحتاج إلى كتاب كبير لاستيعاب كل مطالبه بدقة، لكننا سنتطرق للموضوع بشكله العام، وسنذكر جملة من الأسباب التي أدت إلى توجيه الانتقادات إلى الدين.
إن من جملة الأسباب التي أدت إلى توجيه الانتقادات إلى الدين، هي مجموعة من الأسباب التي تختلف باختلاف المنتقد وطبيعة مجتمعه، وطبيعة عاداته وتقاليده، وطبيعة أخلاقه، وطبيعة نشأته الدينية والبيئية والدراسية، وبذلك ستتنوع الأسباب وستتعدد والتي منها:
1ـ أن المنتقد من دين آخر: وبذلك نلحظ عند أكثر هؤلاء ـ ان لم نقل الكل ـ عداوة لكل الأديان الأخرى، إذ يعتبرون دينهم هو الصحيح وهو الحقيقي، وباقي الأديان باطلة ومصطنعة.
2ـ أن المنتقد مصدوم صدمة دينية: سواء أكانت الصدمة من شخص ديني أو من نظرية دينية أو ما شاكل، وبالتالي سينتقد كل ما له علاقة بالدين بسبب صدمته الشخصية، علماً ان التعميم خاطئ.
3ـ أن المنتقد يخلط ما بين النظرية والرجال التابعين لها: ففرق شاسع ما بين النظرية كنظرية، وما بين الرجال المحبين لها أو التابعين لها، أو المتأثرين بها، فكثيراً ما نجد اتباعاً يغالون في متبوعاتهم إلى حد التفريط وإلى حد يقتلون كل معارض لمتبوعاتهم.
4ـ النشوء ضمن مجتمع أو أسرة لا تعطي للدين أي قيمة: وبذلك ينشأ الفرد غير ديني ولا يؤمن بشيء أسمه دين.
5ـ النشوء ضمن مجتمع أو بيئة أو أسرة ذات عادات مزدوجة: أي داخل البيت يتعاملون بأسلوب مع الدين، وخارج البيت يتعاملون بأسلوب آخر، وهذه هي حالة النفاق الديني، وهنا ينشأ الفرد ضمن حال أسرع ما ينقلب فيه على الدين وبالخصوص الأبناء والنشئ الجديد.
6ـ من يذهب إلى دين أو مؤسسة دينية لغاية أو مصلحة: فهذا سرعان ما ينقلب إذا أصبحت مصلحته مع مخالفها، فهو يدور مدار المصلحة وما يتعلق بها.
7ـ الجهل بحقيقة الدين: وذلك من خلال عدم التفريق الصحيح ما بينه وما بين المتدين وما بين مدعي التدين.
8ـ عدم الفهم الصحيح لماهية وحقيقة الدين بما هو دين: فكثيرٌ من الأشخاص لا يعرفون ما هو الدين، وهل هو روحي أم نفسي أم مادي أم معنوي، وهل يتعلق بأفعال الأشخاص دنيوياً أم أخروياً أم الأثنين معاً، وهكذا.
9ـ التأثر بالأيديولوجيا الإعلامية أو السلطوية: فكثيرٌ من الأشخاص تؤثر عليهم الماكنة الإعلامية وتغير أفكارهم من حين إلى آخر فتجدهم متذبذبين كالبورصة ومتلونين كالحرباء بسبب التأثر بالإعلام، وهناك من يتأثر ويتبنى كل ما تقول به السلطة، وهو معها في كل مزاجياتها.
10ـ التأثر بالآخر الأجنبي الغربي: فهناك من يعتقد بأن كل ما يقوله الغرب حقيقي، وهم الأفهم والأعلم والأرقى والأفضل...ألخ. ويعتقد أن الغرب وتقدمه كان بسبب هجرانه للدين! وأن كل من يترك الدين يتقدم! وأن على من يريد التقدم أن يقلد الغرب ويفعل كل أفعالهم حتى الغير أخلاقية! فمثل هكذا أشخاص هم كثر في مجتمعاتنا الإسلامية بل وحتى الشيعية.
هذه عشرة أسباب ملخصة من جملة أسباب سببت توجيه النقد إلى الدين، وكل واحد من الأسباب المتقدمة قابل لوضع الحلول له، لكن السؤال هو: هل عندما نضع الحلول سيقتنع المقابل (الناقد) وسيقر ويعترف بالخطأ؟
الجواب هو: أن نسبة كبيرة قد تصل إلى 99% لن تعترف، وستعاند، وتتحجج، لأنها وصلت إلى حالة مَرَضّية تسمى بـ(نقد الدين)، وهذه الحالة المرضية قد وصلت إلى حملة شهادات وحملة علوم لهم مكانتهم في مجتمعاتهم، لكن الأمراض لا تعرف متعلم من غيره، فالمرض واقع على كل شخص كالموت الذي هو حقٌ لا مفر منه.
إن أهم المعالجات لقضية نقد الدين تتمحور في عدة أمور منها:
1ـ الانطلاق إلى أمام وترك من يتكلم، لأننا إذا توقفنا عند كل شخص وعند كل همس فلن نتقدم وسنعطل أجيال من أجل أشياء لا ولن تنتهي.
2ـ العمل على محاور منها: التثقيف الفردي، والتثقيف الجماعي، والتثقيف النخبوي، حتى نعطي لكل ذي حقٍ حقه، ولكي لا تتعطل المسيرة.
3ـ وضع ميزات مهمة في داخل المجتمع الديني ما بين الدين والمتدين ومدعي التدين، حتى نجعلها راسخة عندنا قبل غيرنا، وحتى لا نعطي للمستشكل أي حجة تذكر.
4ـ أن أي خطأ يرتكبه شخص في دينٍ ما ليس بالضرورة بسبب الدين، بل على الأكثر بسبب خاص بالشخص، أما لعدم فهم للدين، أو لتطبيق ملتوي للدين.
هذه أربعة أسباب مهمة من جملة أسباب يمكن ذكرها في مورد بحثنا، فعلى طالب المزيد أن يستزيد من المصادر الخاصة بذلك.
بذلك يتوضح للقارئ مجملاً ما اكتنف أجواء النقاشات والانتقادات التي وجهت إلى الدين بما هو دين وما لها وما عليها، وسنترك الباقي مع تفاصيل توضيحية الى مقالات لاحقة في نفس الموضوع وما يتعلق به.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=129757
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18