• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : محاولات تشويه الشعائر الحسينية.. بين الإستلاب.. وموسيقى (الراب)!! .
                          • الكاتب : سعد صاحب الوائلي .

محاولات تشويه الشعائر الحسينية.. بين الإستلاب.. وموسيقى (الراب)!!

   نبدأ من الأخير.. يبدو ان البدع باتت كثيرة وكثيرة.. والتي طرأت وإدخلت عن عمدٍ، او دخلت عن غير عمد وبِنيّة طيبة ربما خلال مراحل تأريخية طويلة، بعضها بفعل تداخل الأديان والمذاهب والثقافات التي تتواجد فيها المجتمعات الشيعية بدءاً من الهند وباكستان وايران والعراق والشام وبعضها بسوى ذلك.. إلإ ان ما ظهر في الأونة الأخيرة من بدعة ما يسمى بـ(الراب الحسيني) في بعض المناطق في البلاد.. فهي تعد بحق واحدة من البدع الخطيرة جداً والتي أدخلت عمداً ويراد من إشاعتها إحداث إنحراف خطير في أخلاقيات ومتبنيات الشباب ونظرتهم الى الشعائر الحسينية والقضية الحسينية برمتها، لاسيما في أوساط غير المحصنين ثقافياً ودينياً بصورة كافية.
  ووفق جميع المعطيات فإن (بدعة الراب الحسيني)، ما هي إلا إستخفاف بعقول الشباب، وجَرِّ الجُهّال من الشيعة بغض النظر عن مستوياتهم وسماتهم الى مزالق تشويه ابعاد الثورة الحسينية. كما أنها جزء من مخطط صهيوني ـ أميركي ـ خليجي يرمي الى حرف الشباب وإلهاءَهم عن المغزى الحقيقي من ثورة الحسين عليه السلام، والعمل على حرف الشعائر الحسينية العظيمة وتسخيف ممارساتها وطقوسها، وتفريغها من محتواها الحقيقي، وتبديلها  وحرفها عن مكانتها العظيمة الأثر والفحوى كإحياء أيام عاشوراء ونقل مصائب آل البيت عبر الاجيال، وركضة طويريج العظيمة، والزيارة الاربعينية المليونية الملحمية التي اذهلت جميع الشعوب في كافة أقطار الأرض، وممارسات الانفاق والاطعام الحسيني المهول من قبل المواكب والهيئات الحسينية وبأرقام ونسب ومعدلات تفوق كل مفردات التصور والتوقع.. كل تلك الأمور دفعت بالقوى الصهيونية والغربية والأميركية والماسونية الى التفكير بطرقٍ جديدة ناجعة لإلهاء الشباب الشيعي وحرفه عن مقاصده، لاسيما بعد انصياع جموع وحشود الشباب ومسارعتهم الى تلبية (فتوى الجهاد المقدس) التي صدرت من قبل المرجعية العليا الرشيدة في النجف الاشرف ضد تمدد الارهاب وسيطرته على عدد من مدن العراق، وما ترتب على ذلك من مدٍ بشريٍ إيمانيٍ هائل وقف امام زحف تلك العصابات الداعشية الإرهابية والتي كانت قد وقفت وراءها جميع قوى الاستكبار كإسرائيل وأميركا الى جانب عددٍ من دول الخليج التي ادلت بدلوها  في مشروع تقسيم العراق وتدميره أقتصادياً ومجتمعياً وثقافياً، فضلاً عن تدمير بناه التحتية وبناه المجتمعية في الوقت ذاته..
  غير أنَّ هَبَّة الشباب الرسالي العقائدي كانت هي الردع المناسب، حيث وقوفه بقوة وإقتدار امام أشرس الهجمات الطغيانية البربرية في التأريخ، المتمثلة بهجمة عصابات داعش الارهابية التي اشاعت العنف والقتل وقطع الرؤوس والحرق وتدمير الممتلكات وعاثت في بلاد الرافدين وبلاد الشام الخراب واهلكت الحرث والنسل.. وبالمحصلة.. فإن انتصار شباب العراق وشيوخه ورجاله وحتى نساءه بعد تلبيتهم دعوة الجهاد المقدس ودعمهم سوح الجهاد ضد الدواعش بالرجال والاموال والعدة والعتاد، اغاظ تلك الدوائر الاستكبارية، بل حتى المواكب والهيئات الحسينية امدت الجبهات بالتموين ومواد ادامة المعركة.. لقد كان كل ذلك.. القشة التي قصمة ظهر جميع الطموحات والمطامع الصهيوأميركية والغربية والخليجية في العراق، وافشلت جميع مخططاتهم الجهنمية، واسقطت أطروحة (عصابات داعش الارهابية) التي خولوها عبر انتاج منهجية العنف المفرط في إحداث التغييرات المطلوبة من قبل دول الاستكبار في الشرق الاوسط بصورة عامة والعراق وسورية بصورة خاصة.
   من هنا.. فإن تلك القوى الاستكبارية وخصوصاً اميركا واسرائيل، وقفت حائرة  ومحدودة الخيارات أمام دور المرجعية الدينية العليا الرشيدة، وامام الانصياع الكامل من قبل أغلبية المجتمع العراقي بجميع شرائحه شبابا وشيبا نساءاً ورجالاً  لأوامر تلك المرجعية العظيمة والإنقياد لمعظم إرشاداتها، وبالتالي تحققت تلك الانتصارات المؤزرة على ما سمي بـ(الدولة الاسلامية في العراق والشام) والتي شكلتها عصابات داعش الإرهابية في المنطقة. وبعد مخاضٍ عسير ومعارك بطولية اسطورية من قبل قوى المقاومة والقوات الامنية ضد عصابات الشر الداعشي.. تكللت  بنهاية المطاف ارجاء العراق بالانتصارات العظيمة لأبناء الحشد الشعبي والقوات الأمنية  والتي اسفرت عن طرد جميع الدواعش من كافة الأراضي العراقية، ودحرهم الى خارج حدود البلاد.
 وبهذا فقد أُسقِطَ في أيدي القوى الاستكبارية والصهيوأميركية والغربية ومعها بعض الخليجية، ورأوا أن موضوعة التغيير عبر القوة البربرية والتدميرية والوحشية لم تأتِ أكلها مع العراقيين، فعمدوا الى إتباع الخيارات الأخرى، وكان في مقدمتها اعتماد أساليب (الحرب الناعمة)، ومفاقمة حملات (التغريب الثقافي)، الى جانب الانطلاق بأشد المعارك والهجمات الاعلامية المنظمة والتي تقف وراءها اساطيل مهولة من المؤسسات والفضائيات الاعلامية المدعومة بالاموال الخليجية والمتسلحة بالاستراتيجيات والمنهجيات الاميركية ـ الاسرائيلة. فإنطلقت تلك الهجمات بصورة ممنهجة مستهدفة العائلة العراقية لاسيما شريحة الشباب بفضائيات الاسفاف والتسخيف والمجون والمياعة، وذلك من أجل تفتيت حصون المجتمع العراقي عامة، والشيعي خاصة، وبالذات للبنته الرئيسية ألا وهي الأسرة العراقية المحافظة، حيث لم تدخر الجهات المعادية جهدا بغية  تدميرها وتخريب منظومة قيمها الاخلاقية والدينية والتراثية والمعرفية، والعمل بجدٍ ودون كللٍ لدس البدع والاسفاف وإشاعة منهجية التهريج وأعتماد التغريب الثقافي. وما نراه من محاولات حثيثة لتحريف وتشويه الشعائر الحسينية ما هي إلا جزءٍ من محاولات تفريغ المضمون الحقيقي لمعتقدات ومتبنيات أكثرية الشعب العراقي، فكان من بين تلك الوسائل هو اعتماد الدس والتزييف وإدخال البدع في منظومة الشعائر الحسينية، وبينها قضية إدخال ما سُميّ بـ (الراب الحسيني) مؤخراً.
  ولعل جملة من التساؤلات تقف شاخصة أمام وجوه تلك المجموعات المنحرفة او المُضَلَّلة والمُضَلِّلة، والقصد من وراء موضوعة نشر وإشاعة قضية (الراب الحسيني)، ومن ينفذون الإرادات الصهيوأميركية والغربية.. ولعل تلك التساؤلات تلقي بالحجة على تلك المجموعات، فعلى سبيل المثال، هل أن (الرقص جائز ) على وقع الايقاع من الناحية الدينية والشرعية؟
بل هل أن الموسيقى اللهوية بالأساس محللة شرعاً؟
 ولماذا كان الأئمة ينكرون على الملوك العباسيين والامويين موضوعة المجالس اللهوية والغناء والطنبور وما اليه؟ وهي أمور لم تكن تستخدم للتضليل او لنشر مفاهيم دينية حينذاك.. بل كانت أمور لهوية ترفيهية متمايزة عن قضية الدين وأتباع الدين، ولا يستطيع متبعوها مجاهرة الناس والتصريح بحليتها، لانهم يدركون ويدرك الناس معهم ان طاعة الله لا تأتي عبر عصيانه، كما قال الأئمة عليهم السلام: " لا يعبد الله من حيث يعصى".
والظاهر للعيان ولأولي الألباب.. أن الغاية من اللطم هو استحضار مشاعر الاسى والمصيبة.. فأين تلك المشاعر في إطار هذه البدعة المسماة بـ(الراب الحسيني) وهي تستعير إيقاعات الأغاني والرقص الغربي والأميركي تحديداً؟
ثم أليس إتــّـباع الطرائق والانماط الغربية في حيثيات حياتهم اللهوية والماجنة، وتقليدهم في العديد من المواضيع خصوصاً المتعلقة بالاسفاف واللهو والطرب والتهريج.. هو أمر مذموم ومؤاخذ عليه شرعاً وأخلاقاً؟.
والتساؤل الآخر.. كيف سنؤسس لإستمرار روحية الحزن والبكاء على مصيبة الامام الحسين عليه السلام مع هذه الأجواء الايقاعية الراقصة المبتذلة التي لا تختلف أبداً عن الحفلات الغربية الراقصة الماجنة وبنفس إيقاعاتهم وإيماءاتهم وحركاتهم؟
  ثم هل يعني إعتماد هذا النمط من (إظهار التعاطف مع الحسين) بهذه الشاكلة انه  ضرورة في هذه المرحلة، في حين أن مصيبة الامام الحسين كانت قائمة بشعائرها وطقوسها منذ قرابة الف واربعمئة عام ووصلت الينا بهذه الذروة المتنامية المتعاظمة العظيمة الأثر. ثم إن هؤلاء القوم (أتباع الراب الحسيني).. هل عدمت لديهم  الطرق والوسائل لكسب الشباب الى ثورة الامام الحسين عليه السلام وانعدمت الأليات لديهم للتعريف بمصيبة أهل البيت الكبرى وهي القضية الحسينية، وتقطعت السبل امامهم سوى عبر التعبير بهذه الحركات  والسكنات والايقاعات الغربية الراقصة المبتذلة المتصفة بالميوعة والتقليد الاعمى للغرب، وهل تعسرت الوسائل والمنهجيات والطرائق بحيث لم يتبقَ لديهم من سبيل سوى إعتماد (رقص الراب الأميركي) لتتعاظم ثورة الامام الحسين وتحفظ ألقها وتأججها في أوساط الشباب!!!
  وحقيقةً.. ووفق تراتبية البدع التي دخلت في جمهرة الشعائر والطقوس الحسينية، فإن موضوعة (رقصة الراب الحسيني) قد فاقت كل تلك البدع السابقة بإمتياز، وخلفت وراءها جميع البدع الأخرى بأشواط، أمثال المشي على الجمر، وضرب الظهور بالزناجيل ذات السكاكين، وضرب (الظهور) بالقامات الحادة كما في الهند وباكستان، وتطبير الأطفال الرضع، والزحف كيلومترات عديدة على البطون كالسحالي، والنباح كالكلاب وفق إيقاعات معينة يتم فيها ذكر لفظ الحسين او أحد أهل بيت العصمة عليهم السلام.. وسوى ذلك كثير كثير من البدع التي دخلت في منظومة شعائر إظهار الحزن واللوعة على مصاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام.. وبالإجمال فإن مَرَدَّ تلك البدع هو مراكز التخطيط والدراسات الاستراتيجية والمخابراتية في الدول الاستكبارية اميركا واسرائيل وسواها،  والتي وضعت كي تنفذ من قبل بعض التجمعات المحلية في داخل العراقي، ووفق ما خطط له خلال تلك الدراسات والبحوث الرامية لتمرير إرادات وأهداف تلك الدول  ونشرها على المدى البعيد او المتوسط والقريب في نسيج أكثرية المجتمع العراقي. ويعينهم في ذلك عددٌ من القيادات المدسوسة او ذات الارتباط، والتي تمكنت في نهاية المطاف من إيجاد موطئ قدم لها في اوصال المجتمع الشيعي العراقي، وتقف وراءها قوى تقدم دعماً مالياً لا ينقطع ولا يوصف بحجم،  فضلاً عن الدعم الإعلامي والدعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي..
أليس من المتوقع ان موضوعة بدعة (الراب الحسيني) ان تتفاقم وتنمو سريعاً وتتداخل معها بدع أخرى بصورة جانبية ـ ما دام قد بدأت بالفعل ووجدت لها مريدين وأتباع ومؤيدين في عددٍ من مدن ونواحي البلاد.
ولعل في المستقبل الذي ليس ببعيد سنرى تداخل (الراب الحسيني) وأدائه الجمعي بإعتماد الآلات الموسيقية كطبول (الدرامز) الغربية، وآلات الغيتار والأجهزة الموسيقية، وأجهزة مزج الاصوات، والدي جي وغيرها والمعدات والاجهزة الموسيقية الأخرى الحديثة، والتي تستخدمها الفرق الغنائية الغربية في الغالب، وذلك بغية التسريع في عملية إندماج الشرائح الشبابية المؤيدة والعمل على توسعة نطاقها وجذبهم من خلال عوامل الجذب القائمة في مثل هذا النوع من الرقص المسمى برقص الراب، وبالتالي تحقيق المراد في إحداث شرخ كبير بين الشباب والثورة الحسينية عبر إدخال معدلات كبيرة من التشويه في الشعائر الحسينية العريقة التي حفظت مفاهيم الثورة الحسينية بل مجمل الدين الاسلامي على مدى اكثر من الف واربعمئة عام.
وإزاء إعلان تلك المجاميع المتبنية لمنهجية تشويه الشعائر الحسينية وافراغها من محتواها الحقيقي، نجد أن من الاهمية بمكان ان تتولى بعض اللجان المختصة في مجلس النواب العراقي، الى جانب المؤسسات الحكومية ذات الصلة فضلا عن الحوزات العلمية والهيئات الحسينية ان تبدأ بحملة مضادة تتناسب وحجم هذه البدعة بغية كشف تلك المخططات المشبوهة من قبل جماعة (الراب الحسيني) والضرب بقوة على ايديهم والعمل بجد لإيقاف محاولات نشر بدعهم هذه والابقاء على الشعائر الحسينية ناصعة خالدة تتناقلها الاجيال بعد الاجيال .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=131174
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 03 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28