للأنبياء شهادة فاصلة على أممهم يوم القيامة ، قال تعالى { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا } النساء ٤١ .
ومما سيشهد به علينا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة هو هجر القرآن ، فهذا منطوق الآية الذي يحمل مفهوم الشكوى ومفهوم الشهادة ، قال تعالى { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } الفرقان ٣٠
ومما يمكن التعليق عليه هنا :
١. التعبير بـ ( قومي ) يوحي الى الهجر الجماعي وليس الفردي ، وكأنما المجتمع المسلم بكافة تشكيلاته وأعلاها الدولة لم تتخذ من القرآن دستوراً لها ..
٢. التعبير بـ ( اتخذوا ) يوحي الى قرار قد صدر من الأمّة بترك القرآن والاعتماد على مصادر بديلة عنه ..
٣. التعبير بـ ( مهجورا ) يدل على الترك مع الابتعاد ، مما يدل على زيادة في الترك والإعراض ..
٤. قالت الآية ( هذا القرآن ) ولم تقل ( القرآن ) فقط ، وأسم الإشارة هنا كأنما يدلّ على تعدد القرآن ، والتعدد هذا يمكن ان نفهمه باختلاف القرآن النازل على صدر الرسول عن القرآن المتدوال الذي جمعته الأمّة ، او باختلاف القرآن المقروء عن القرآن الناطق كالائمة عليهم السلام ، أو يمكن أن يكون اسم الإشارة يدل على آية أو آيات معينة من القرآن لم تعمل بها الأمة وهجرتها .. وهكذا
كل هذا هو نوع تدبر في الآية الكريمة ، الّا أنّ المعنى الأول المتبادر هو عدم العناية بالقرآن الكريم من قبل الأمة وأفرادها ، فلم يعتنوا به في مقام العلم وفي مقام العمل ، وهذه الجريمة سيروّج ملفّها رسول الله يوم القيامة وسيكون هو المشتكي فيها وصاحب الحق ، وهو الشاهد المُصدّق .. فهلّا أنجينا أنفسنا من حسابها وعقابها ..
|