• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : عقروق البابلي وابن بغداد .
                          • الكاتب : د . علاء الجوادي .

عقروق البابلي وابن بغداد

 أهل العراق يسمون اولادهم بمثل هذه الأسماء، إما للعيشة؛ كي لا يموتوا؛ بسبب الحسد والعين، وحتى يتفاجأ الحسود بقباحة الاسم، فلا يلتفت الى الشخص المسمى به لدرء الحسد والعين الخبيثة.
 وعـﮕروﮒ الذي نتحدث عنه هو شاب عراقي وفلاح من الفرات الاوسط مفتول العضل قوي الجسد مكتمل الرجولة. من أهل قرية اسمها برنون، وهي قرب مدينة بابل ومن بقية قرى العراق البابلية مثل: الجمجمة وبرس، وما زال أهلها يزهون بملامحهم البابلية الأصيلة، وكأنهم سلالة حمورابي ونبوخذ نصر.
 تزوج عـﮕروﮒ بفتاة جميلة من بنات قريته يكاد جمالها يقول للشمس: اذهبي بعيداً عني، فلست أجمل مني، وكأن التاريخ يقول: انها بنت الجنائن المعلقة التي بناها العراقي لأجنبية ليأتي قومها الاغراب لهدم العراق..!!
 كان شهماً وحراً وشجاعاً وأبياً، لا يخضع للإقطاعيين والإمّعات الدائرين بأفلاكهم... أرادوا إذلاله، فأبى وتمرد عليهم. قتلوه غيلة في ليلة ظلماء تعبق بخيانة وخسة اللؤماء. ودفنوه خلسة في طرف المدينة الاقصى عند الزقورة المضروبة المجاورة لمولد ابراهيم أبي الانبياء. وكان قبره منفرداً بين القبور، وكأنه يعلن عدم الانتماء للغدر والاستغلال والطغيان.
 ولم يستطع القاتل على الجميلة صبراً، فأغراها بما أغراها، وأهداها ما أهداها، فلم يستطع حبها لزوجها الضحية الشهيد أن يقاوم ألوان الفضة والذهب اللماعة وفخفخة المظاهر الخداعة فتزوجته.
 أغرقت امه الثكلى بالعويل والبكاء وحملت احزانها الى القبر البعيد، وهي تقول: انت اكبر منها فلا يهمك أن نستك وتزوجت. بل إن صوتك المتصاعد من عوالم الموت راح يهزأ بها، وبمن ارتضته من بعدك بل كانت سخريتك منها شموخاً بابلياً يستهزئ بمن يحتل الارض ويغصب العرض.
لم تعد لها عندك أدنى قيمة بل تدعو لها أن يملأ الولد حضنها.
 تذكر الشاعر حديث جدته العلوية كميلة، عندما زارها في مدينة النبي الاسير ذي الكفل، والتي كان يلاطفها هو اخواله من ابنائها فيناديها بكاميليا، وينادي جدته الاخرى اختها صفية بصوفيا... تذكر يوم كانت تحدثه بهذه القصة وتزينها بالحواشي والتعليقات اختها صفية.
 وما اجمل الذكرى عندما كانت جدته العلوية تقرأ الشعر وتنغمه على طريقة نساء الفرات الطاهرات... تذكر الشاعر كل ذلك بعدما تعرض لمحاولة احفاد ذاك الاقطاعي لاغتياله كما اغتالوا قبل عقود طويلة اخاه البابلي، ولكن هذه المرة بدسهم السم له في فنجان القهوة العربية الأصيلة..!!
وصل الخبر لها بانه مات بجرعة سم قاتلة، فقالت ولم تكلف نفسها حتى دمعة حزن: أليس الحي اولى من الميت..؟!
قال الشاعر: لا تستحق مني حتى التعليق.
فلتذهب الى وادي الحريق.
الشاعر وهو في فراش المرض ببغداد، ويسمع دوي ثلاثة انفجارات اودت بحياة الأبرياء يوم قيامة المسيح الذي خانه يهوذا بقبلة الزيف.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167333
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19