عندما ننظر إلى التاريخ ونتمعن فيه جيداً ترى أننا نسير في خطه دون أي تغيير في مساره وكأن الحوادث التي مرت سابقا نراها بالقرب منا.
عندما بلغ الحسين (عليه السلام) الصفاح في مسيرته من مكة إلى العراق لقي الفرزدق قادماً من الكوفة فسأله "ما وراءك يا أبا فراس؟" فقال الفرزدق "تركت الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك" فقال الامام الحسين "ما أراك إلا صدقت يا أخا تيم، الناس عبيد المال، والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم، فإذا محصو بالبلاء، قل الديانون."
تلك بداية لخيوط مأساة دموية كما يصفها التاريخ العربي الإسلامي، وحين تكون القلوب مع الإمام الحسين في تلك الحقبة من الزمن والسيوف عليه فهذا يعني ان الإنسان لم ينضج فيه الإيمان بعد بل كان مجرد إنسان أو مخلوق تتلاعب بأفكاره المصالح الذاتية الدنيوية، ولا يمكن التوفيق بين القلب والسيف أو إحداث التقارب بينهما، والقرآن الكريم فسَّر هذه الظاهرة بالنفاق، وحذَّر خاتم الأنبياء من المنافقين: «استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم»، ومثل هؤلاء هم الذين شحذوا سيوف الغدر على حفيده وابن ابنته الوحيدة والفريدة فاطمة الزهراء.
تدَّعي الاحزاب المتصارعة على المناصب والمكاسب الدنيوية اليوم، انها تتبنى في الأساس القيم الأخلاقية الاسلامية التي تدعوا اليها المرجعية الدينية العليا، وأنها تحضى بدعمها، وقد دأبت هذه الاحزاب على الترويج لهذا النفاق والكذب على الرغم من مخالفتها تماماً لرؤية المرجعية الدينية العليا في كيفية دارة الدولة لكسب البسطاء من ابناء الشعب، فهم ينطبق عليهم موقف المنافقين من الامام الحسين "قلوبهم معك وسيوفهم عليك"
ان المرجعية الدينية قد أعلنت انها قد "بُح صوتها" من دون جدوى بسبب تكرار دعواتها الى رعاية السلم الأهلي وحصر السلاح بيد الدولة، وشددت مراراً أن الشعب يستحق من المتصدين لإدارة البلد "تسخير إمكانياتهم" لتطوير البلد وتطهير المؤسسات الحكومية من الفساد.
وقال معتمد المرجعية الدينية في كربلاء السيد احمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة 15/01/2016 "لقد بحت أصواتنا بلا جدوى من تكرار دعوة الاطراف المعنية من مختلف المكونات إلى رعاية السلم الاهلي والتعايش السلمي بين ابناء الوطن وحصر السلاح بيد الدولة ودعوة المسؤولين والقوى السياسية التي بيدها زمام الامور الى ان يعوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وينبذوا الخلافات السياسية التي ليس وراءها إلا المصالح الشخصية والمناطقية ويجمعوا كلماتهم على إدارة البلد بما يحقق الرفاه والسعادة والتقدم لابناء شعبهم"، مؤكدا أن "هذا كله ذكرناه حتى بُحت أصواتنا".
وبما أن العقيدة الدينية كانت هي الأداة التي استخدمتها الاحزاب لخدمة مصالحها السياسية في السلطة فقد إستمر التبرير للممارسات القبيحة لنظام الحكم وفي مقدمتها الفساد المالي والإداري والاخلاقي، ومن أمثلة ذلك التصريح الذي أدلى به أحد قيادات هذا النظام حول الفساد الذي استشرى في جسد الدولة والمحافظات الجنوبية خاصة "لم يسمحوا لنا بخدمة محافظات الجنوب لأننا من أتباع الحسين"!!
هذا الخطاب لإيصال رسالة للناس تقول: لا فائدة من محاربة الفساد والظلم، عليكم أن تقتنعوا بالموجود وتستسلموا له لأنكم على عقيدة اهل البيت!!
فأين هؤلاء الذين يتبجحون بدعم المرجعية!؟
أين هؤلاء الذين كانوا يتشدقون بذلك الدعم بل إنهم كانوا للأسف يسرقون ويفسدون ويقتلون ويبيعون الوطن، ويخدرون الشعب باسم الدين.
فالمرجعية العليا بريئة من ممارسات جميع السياسيين (سنة وشيعة وكرد) ولا علاقة لهاي بأي طرف ولن تدعم أحد وقد صرحت بذلك مراراً، ولابد من الوقوف بوجه هؤلاء الانتهازيين الذين استغلوا اسم الشهداء والمجاهدين في الانتخابات الماضية، والآن بكل وقاحة يستغلون اسم المرجعية العليا بتظاهراتهم على المناصب والمكاسب الدنيوية..
وفيما يلي نص اجابة مكتب المرجع الاعلى حول استفتاء وضع صور سماحة السيد في الاماكن العامة وليس التظاهرات الحزبية!!
بسمه تعالى
"سماحة السيد مدّ ظله لا يرغب في وضع صورته في الأماكن العامة بل يرجو من المؤمنين ترك ذلك".
|