كثيراً ما نسمع في وطننا العربي الكبير أن موظف ما ، قد وجهت إليه تهمةً بالفساد المالي أو الإداري ، وحين يصبح مطلوباً رسمياً للعدالة للتحقيق معه في التهم المنسوبة إليه وحسب القوانين المعمول بها ، يهمُ مسرعاً بالإدلاء بالتصريحات ، عبر وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية، متهماً آخرين بذات التهم الموجهة إليه وذلك لإلهاء أو إرباك الرأي العام وتحويل الأنظار عن قضيته !
حيث تبين وبقدرة قادر أن ضميره المهني أو الوطني قد أستيقظ فجأة، فهم مسرعاً لكشف حقيقة الفساد في هذه الدائرة أو تلك ! على الرغم من أن المذكور قد يعلم بهذا الفساد منذ سنوات، وربما كان شريكً أصيل فيه !
فلماذا يكتب دائماً على الضمير الوطني العربي، إلا يستيقظ إلا حين يستغنى عن خدمات صاحبه، لعله من الجائز أن نسمي هذا بصحوة ضمير ما بعد الرحيل ؟!
ضمير شاء صاحبه إن يعمل بالريموت كنترول أو استخدامه كوسيلة للانتقام ممن أقالوا صاحبه عن مناصبه الرفيعة ،واسكنوه رف المهمشين للجلوس بلا سلطان حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة !
وحتى لا يقال أننا نتعرض لحدثً معين أو لشخصية بعينها، وهي فوق الشبهات أو تحتها فهذا لا يعنينا كثيراً، ولكننا نبحث في جوهر المسألة الأخلاقية وصحوة الضمائر المفاجئة والعجيبة !
لذا نجد لزام علينا أن نناشد أصحاب الضمائر دائمة اليقظة أن وجدت في تلك الوظائف الحكومية أن يطلقوا تلك التصريحات والإفشاء بمواطن الفساد في دوائرهم وهم داخل الخدمة وليس خارجها وعبر القضاء ، فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، ومن ينتظر ليأتيه الوحي فجأة ويصبح وطنياً ، فلا أظنه صادقاً ولا وطنياً ، فهو لا يتعدى عن كونه مرتزقةً فقد مصالحه الشخصية !
نعم أنها لحظة تضارب مصالحه مع مصالح الآخرين لينبري لنا من خلف ستار قائلاً ان لديه من الملفات والإثباتات ما تمكنه من الإطاحة بمن يشاء !
فمن باب أولى وعلى صعيد الحرص الوطني والأمانة الوظيفية أن يقوم هذا الشريف بين هلالين بالكشف عن الخلل وقت وقوعه، طالما أن لديه الأدلة، و إلا كان شريكاً متضامنً في الجريمة !
كما أن الساكت عن الحق شيطان أخرس فالمتكلم أيضاً بالباطل شيطان ناطق ، فمن غير الجائز ان نرمي الآخرين بالشبهات دون أدلة ، وان نتهمهم بأبشع الصفات ، خاصة اذا عرفنا ان بعض المهمشين يتعرضون بألسنتهم العفنة ،لقادة ورجال أعمال وطنيين لا غبار عليهم ، أو أدنى شك في ذمتهم المالية أو النضالية …..
وعلى جانب أخر لا يقل أهمية ، نجد في وسائل الاعلام طائفة المطبلين والمزمرين ممن يروجون لهذا الإشاعات والتهم الباطلة دون ان يتحروا الدقة أو ينتظروا قرار من محكمة أو دائرة قضائية مختصة ، وكأن همهم الأول فقط ، تعبئة الفراغات بمواقعهم الالكترونية ،ولم يتذكروا قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الآية (6) سورة الحجرات ….
فجميل من كتابنا أن يستغلوا تلك المساحة من الديمقراطية والحرية الصحفية، وينعموا بظلالها ، ولكن رمي القيادات المناضلة ،وحتى العامة من الناس ، بالتهم الباطلة ليس هذا من الديمقراطية بشئ ، بل هو لهو وعبث يضر بمصلحة الوطن ويضر بسمعة الشرفاء من القيادات التاريخية لهذا البلد …..
ونحن في فلسطين ننعم والحمد لله بقدر كبير من الديمقراطية والتي أرست قواعدها قيادتنا الشرعية وعلى رأسها قائد مسيرتنا الأخ المناضل أبو مازن ، فلا عيب إذن أن صحنا بأعلى الصوت وقلنا لأي فاسداً بهذا الوطن ، انك فاسدً ، ولكن لا يستقيم هذا الا اذا كان من خلال القضاء والأطر الشرعية وإلا باتت الدنيا فوضى وأمورنا الى العبث !
فنشر الأكاذيب والإشاعات عبر صفحات الاعلام وقنوات التلفزة المشبوهة، ليست من أفعال الشرفاء أو المناضلين وإنما هي فعل من أفعال الضعفاء ومن فئة تنتمي الى جماعة المنهزمين والمشبوهين ، وللأسف ما أكثرها ببلادنا والذين لا تفيق ضمائرهم المزيفة إلا آخر المدة !! |