بين الخلافة السياسية والإمامة الإلهية بون شاسع ، فالسياسة وإدارة شؤون الأمّة إحدى مهام الإمامة الإلهية ، إن تيّسرت وإلّا فوظائف الإمام أكبر من أن تّحصر بذلك .. يقول الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) في تعريفه للإمامة والإمام : " إن الإمام زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعز المؤمنين ، إن الإمامة أسُّ الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمامة تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج ، وتوفير الفيء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف ، الإمام يحلُّ حلال الله ، ويحرّم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة ، الإمام كالشمس الطالعة ، المجلّلة بنورها العالم ، وهي في الأفق ، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار " . كتاب الغيبة للنعماني ..
ولهذا لم يكن الاتفاق الأضطراري الذي حصل بين الإمام الحسن عليه السلام ومعاوية تنازلاً عن إمامة ، وإنما هو تنحي عن إحدى وظائفها نتيجة لظروف قاهرة قدّرها الإمام - كإمام - وعمل بها ..
الخلافة التي تلبّس بها المغتصبون هي زعامة اجتماعية ، وأمّا الإمامة الإلهية هي امتداد لوظائف النبوّة والسير بالأمة على هدي الرسالة . ولهذا قد تؤخذ الخلافة بالمكر والحيلة والسيف والشورى والبيعة .. الخ ، أما الإمامة فهي اصطفاء وتعيين إلهي .. لا تؤخذ من صاحبها إن قعد ولا تمنح له إن قام ، ( الحسن والحسين إمامان ، قاما أو قعدا ) ، فأنبياء الله ورسله قُتلوا وشُرّدوا وعُزلوا ولم يُعطوا منصباً ولا جاهاً في أقوامهم .. وبقوا أنبياء ورسل من السماء ..
الإمامة عقيدة وأصل من أصول الدين ، بينما الخلافة بحسب فهم المدرسة الأخرى وبأحسن حالاتها هي أمر بمعروف ونهي عن منكر ، أي من فروع الدين .. هذا إن لم تكن ظلماً وضرباً للعقيدة وتسلّطاً على رقاب الناس .. !! ، وإلا فهي لا تختلف كثيراً عن سلطة الفراعنة وحكم النمرود وما شاكلهم ممن أشار إليهم القرآن المجيد ..
قال تعالى ( ۞ وَإِذِ ٱبۡتَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِـۧمَ رَبُّهُۥ بِكَلِمَٰتٖ فَأَتَمَّهُنَّۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ ) البقرة ١٢٤
|