البحث عن القيمة الحقيقية للشعر ومدى التقارب السلوكي مع الواقع سيعري الكثير من تجارب القوالين ، الذين مارسوا حشو الكلام ، بدلا من الموقف الإنساني الذي يقدمهم كإبطال عبر مراحل زمنية ضيعت الكثير من الحقائق ، ولغمطت المشاريع البحثية ذات المسعى الطائفي الكثير من الحقائق كمحاولة لترقيع الانفصام في شخصيات خذلت الحسين (ع) ورسمت عبر اقاويلها أرادة مهزوزة غير قادرة على ابداع موقف معبر عن قيمة ذات معنى ، تذبذب واضح في المواقف ، وواقعة الطف الحسيني من الوقائع المؤثرة في الوجدان الانساني حيث واجهت الطغيان وتركت لعنة تحملها الحضارة اجيالا عقب اجيال لمن تخلى عن النصرة والجهاد رغم عمليات الترقيع سعيا لتهميش الواقعة ورؤيتها ضمن اطر عامة لكونهم ينظرون اليها بعين اموية .. تجهل عن عمد خصوصية النهضة الرسالية ، فسعت تلك البحوث الى تحويل الحماسة اللفظية الفارغة الى التزام اجتماعي واخلاقي لرجل عاش التناقضات كلها يقول عنه ادونيس هو شاعر ذاتي ويراه الهيثم بن عدي ( كان من الحمقى المتهورين ومن فتاك الاسلام ) فاين مصدر الخير الذي يصهره بطلا وحتى ندمه لخذلا نه الحسين عليه السلام كان آنيا لم يستثمره لصالح شيء يخدمه ، فنجده رفض المختار الثقفي ثم بايعه بعد مقتل الحسين عليه السلام ثم غار عليه وشارك بالقضاء عليه تماما ، وكان مع مصعب وقاد له انتصاراته ولكن سرعان ما انقلب عليه لكونه قدم اثنين قبله
( بأيِّ بَلاءٍ أم بأيَّةِ نِعْمةٍ
يُقدَّمُ قبلي مُسلِمٌ والمُهَلَّبُ)
وصاحب بن زياد ثم انقلب عليه وعزم على قتال عبد الملك بن مروان ثم استجار به وقتل بعد عوته ، مواقف متذبذبة كثيرة عمرت حياته ، والحديث عن الجوانب الفنية في شعرية ابن الحر الجعفي لابد ان يسندها حضور مقابل ما يكيلوه من تضخيم وتهليل يتحدث عن سمات حياتية ، مثلا البعض يسرد لنا عن صلاته مع الامام علي بن ابي طالب امير المؤمنين عليه السلام ، فكيف تكون مثل هذه الصحبة وهو احد المقربين لمعاوية ولابن زياد وهو من قاتل ضد علي (ع) بصفين بل تتلخص قضية ما يشاع من ان الامام (ع) قضى له في قضية فوعد ابن الحر ان لا يسرق مالا وهو تحت يدي امير المؤمنين (ع) والنظر لأسس شعره الفكرية سيضعنا امام خور انساني لا ينظر للحياة الا من باب ماديتها
(ألم تَرَ أنَّ الفَقْرَ يُزْري بأهْلِهِ
وأنَّ الغنى فيه العُلا والتَّجَمُّل
إذا كنتَ ذا رُمْحٍ وسَيْفٍ مُصَمَّمٍ
على سابحٍ أدناكَ مما تُؤَمِّلُ
وإنَّك إِلاّ لا تَرْكَبِ الهَوْلَ لا تَنَلْ
من المال ما يكفي الصديقَ ويَفْضُلُ
إذا القِرْنُ لاقاني وَمَلَّ حياتَه
فلستُ أُبالي: أيُّنَا مات أولُ )
ومثل هذه الجرأة الشجاعة تضيع مع الكثير من التهور السلبي ويكفيه ان عليا عليه السلام قال له ( يا ابن الحر انت المالىء علينا عدونا )
ولو تأملنا في مضامين نصيحة الامام الحسين له لعرفنا محتواه الحقيقي
( والله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا الا أكبه الله في نار جهنم )
|